يُعرف أنه في وقت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يحبذ ظهور الأعمال الفنية المرحة التي تسمح للجمهور بنسيان همومه وتمضية أمسية مسلّية في السينما أو المسرح. وعلى رغم أن الفترة الراهنة في فرنسا تمر في وقت صعب، فهي تشهد ازدهار مسرحيات حبكاتها مأسوية حول مرض سرطان الثدي، وتنجح في جذب الجماهير إلى القاعات. وبدأت الحكاية في مهرجان مدينة أفينيون المسرحي خلال الصيف الماضي، حين وقفت الممثلة نويمي كايو، وحدها فوق خشبة مسرح «لي بيلييه» في كل ليلة، راوية قصة امرأة عشرينية جميلة ومرحة وذكية تعشق الحياة وتحب الناس، وتكتشف أنها مصابة بسرطان الثدي وأن حياتها ستنقلب رأساً على عقب، واضعة المرض الخبيث هذا في مقدّم اهتماماتها بهدف القضاء عليه. ولاقت المسرحية وعنوانها «خبيث»، رواجاً ملموساً سمح لكايو بنقل عرضها إلى العاصمة منذ منتصف كانون الثاني (يناير)، في مسرح «سان مارتان الصغير». وفي الوقت نفسه، بدأت قاعة «لي هال» الباريسية أيضاً، بتقديم مسرحية «85 ب» من تأليف الممثلة ميليس ماني وأدائها حول الموضوع ذاته، لكن بعلاج مختلف كلياً، إذ إن ماني تلجأ إلى الدمى المتحركة من أجل أن تسرد حكاية الشابة المصابة بالسرطان، والتي تكافح بهدف البقاء على قيد الحياة. ويكمن نجاح العملين في الأسلوب الذي تعتمده الممثلتان في تقديم الحكاية للجمهور، إذ إن مغزى المسرحيتين تغيير المأساة إلى ضحك أو على الأقل جعل الحضور يبتسم. وتحكي كايو قصة السرطان بنمط فكاهي، معتبرة أنه دخيل على جسدها لا بد من أن تغتاله. أما ماني فاختارت حيلة الدمى مانحة دور المرأة لدمية جذابة ودور المرض الخبيث لأخرى قبيحة. والعنصر الذي يساهم في عدم سقوط المسرحيتين في فخ الدراما، أن كايو وماني عاشتا تجربة سرطان الثدي وخرجتا منها سالمتين بعد عناء طويل، وهذا ما يكتشفه المتفرج أثناء العرض.