قال القضاء اللبناني كلمته امس إزاء الحملة التي تعرض لها من قوى المعارضة إثر إطلاق قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين الضباط اللبنانيين الأربعة، الأربعاء الماضي، بعد توقيفهم 3 سنوات و 8 أشهر رهن التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فأكد «عزمه الدفاع عن استقلال القضاء وما يتلازم معه من دور فاعل ومن حياد وكرامة ومناعة». وإذ أسف مجلس القضاء بعد اجتماعه زهاء 3 ساعات برئاسة رئيسه القاضي غالب غانم، «لكل تعرّض ينال الجسم القضائي اللبناني ورفضه»، اكد انه «لن يقبل ان يشكل القضاء مطية يتم التوسل بها لتحقيق أي غرض خارج عن مهامه الأصلية»، ودعا «أهل السياسة الى ترك القضاء يدير شؤونه بنفسه حراً من أي قيد أو ضغط»، مشيراً الى ان «القضاء سلطة قضائية لا قضاء سلطة». (راجع ص 6 و7) وجاء بيان مجلس القضاء الأعلى في ظل سجال دام اسبوعاً تعرّض خلاله مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا والمحقق العدلي السابق في جريمة اغتيال الحريري (مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية حالياً) القاضي صقر صقر لهجوم من بعض الضباط ومن أطراف في المعارضة طالبتهما بالاستقالة. وأبدى المجلس ارتياحه لإطلاق الضباط الأربعة مشيراً الى اختلاف بين القواعد القانونية المطبقة في لبنان وتلك المحددة في أصول المحكمة (الدولية) الخاصة بلبنان، لكن البيان اشار الى استعداد المجلس «لتحمّل المسؤولية في مواجهة أي خلل في الممارسات القضائية ولإعمال قواعد المحاسبة التي يمكن ان تطاول أي قاضٍ، في إطار أحكام الدستور ومبادئ حقوق الإنسان والمؤسسات القضائية القائمة». ودعا المجلس القضاة الى «تلقي ما يثار حول القضاء ودوره بروح المسؤولية العليا التي تدعوه (القاضي) الى الاستمرار في ممارسة النقد الذاتي من دون ان ينال ذلك من مسلمات الكرامة والمهابة والحصانة». وإذ رأى ان «التصور الذي يعتبر القضاء منغمساً في السياسة في غير محله»، اكد لوسائل الإعلام ان «لا لون للقضاء وهو يأبى كل اصطفاف». وطالب السلطات باستكمال تكوين هيئة التفتيش القضائي بتعيين رئيس لها». ووجد مراقبون في رفض مجلس القضاء «الاصطفاف» عبارة ذات مغزى موجهة الى الطبقة السياسية لإبعاده عن السجال بين فريقي 14 آذار والمعارضة حول الموقف من الاتهامات حول جريمة اغتيال الحريري، بل عن التجاذبات الحاصلة مع التعبئة الانتخابية بين الفريقين والتي تتصاعد مع تزايد إنجاز اللوائح الانتخابية. وكان السجال حول تداعيات إخلاء الضباط استمر امس على نطاق واسع بين الأكثرية والمعارضة، واعتبر نواب من كتلة «المستقبل» النيابية زاروا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة انه «عند إخلاء الضباط الأربعة اعتبرنا انه سيكون موقفاً وطنياً داعماً لاستمرار المحكمة الدولية بعد ان أثبتت موضوعيتها لكن وجدنا ان البعض يهاجم المحكمة الدولية ويقول سلفاً انها مسيّسة ويدين القضاء اللبناني». ورأى النائب بطرس حرب ان الهجوم الإعلامي على القضاة «نذير خطير لإسقاط النظام في لبنان واستمرار لعملية الانقلاب على النظام». وأن في الانتقاد من قبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للمحكمة الدولية نكوثاً بالالتزامات التي حصلت حول طاولة الحوار وفي اتفاق الدوحة. وفي المقابل اعتبر النائب عن «حزب الله» حسين الحاج حسن ان «فريق 14 آذار لم يترك أحداً إلا واتهمه بجريمة اغتيال الحريري»، ورأى ان «المتهم بإخفاء حقيقة من قتل الحريري هو فريق 14 آذار وحلفاؤه الإقليميون والدوليون». وفي موازاة الاهتمام بموقف مجلس القضاء الأعلى، يترقب الوسط السياسي رد فعل المعارضة على بيانه خصوصاً ان ضباطاً من الذين أُخلي سبيلهم كانوا هددوا برفع دعاوى ضد قضاة لبنانيين، ارتفعت وتيرة الاهتمام الدولي بمراقبة الانتخابات النيابية فوصلت الى بيروت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين اولبرايت مساء امس على رأس وفد من «المعهد الديموقراطي» للاطلاع على التحضيرات للانتخاب، وعقد مجلس الأمن المركزي اجتماعاً برئاسة وزير الداخلية زياد بارود لعرض الخطة الأمنية التي ستواكب الانتخابات بعد 4 أسابيع. واستقبل مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات. وأكد الموسوي: «إننا في حزب الله والمعارضة حريصون كل الحرص على ان تجرى الانتخابات في اجواء هادئة ومستقرة بعيداً من أي محاولات للتأثير على الناخبين عبر إغداق المال الانتخابي أو إثارة النعرات الفئوية والمذهبية أو أي شكل من اشكال الترهيب المادي والمعنوي». والجديد في اللوائح امس إعلان لائحة مستقلين في دائرة جبيل، أكدت دعمها رئاسة الجمهورية وخطاب القسم للرئيس ميشال سليمان. وعلى وقع مواصلة الأجهزة الأمنية اكتشافها شبكات تجسس لمصلحة إسرائيل، إذ ألقت مديرية المخابرات القبض على عدد منها خلال الأيام الماضية، فيما أوقف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي شبكة جديدة مؤلفة من شقيقين في قرية السلطانية في قضاء بنت جبيل أول من امس، استمر البحث في احتمال انسحاب اسرائيل من الجزء الشمالي من قرية الغجر الحدودية، وجال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حفظ السلام ألان روي على كبار المسؤولين. وأكد الرئيس سليمان للموفد الدولي ان إسرائيل مستمرة في خروقها، معتبراً ان «شبكات التجسس التي تعمل لمصلحتها تشكل خرقاً فاضحاً للقرار 1701 الذي ينص على وقف الأعمال العدائية».