شددت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم إقليمجنوب السودان الذي يتمتع بحكم ذاتي على ضرورة إجراء الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم في موعده بداية العام المقبل، وحذرت من عرقلته واشترطت تخلي حزب المؤتمر الوطني الحاكم عن مشروعه الإسلامي في مقابل الوحدة، ولمحت إلى إمكان إشراف برلمان الجنوب على الاستفتاء في حال استمرار مماطلة الخرطوم في تشكيل مفوضية الاستفتاء. وقال رئيس حكومة الجنوب زعيم «الحركة الشعبية» سلفاكير ميارديت لدى مخاطبته حفلة نظمتها أرملة سلفه مؤسس الحركة الراحل جون قرنق في جوبا عاصمة الإقليم، إنّ من أبرز أولويات برنامج حكومته الجديدة تنفيذ الاستفتاء في موعده، وكشف عن جهات قال إنّها تسعى إلى عرقلة الاستفتاء، محذّراً من التمادي في هذا الاتجاه. وزاد: «الحركة الشعبية ستتصدى لكل من يريد عرقلة الاستفتاء». وانتقد سلفاكير مسؤولين في الخرطوم وقال إن الذين يتحدثون عن الوحدة هذه الأيام عليهم مراجعة أنفسهم، مشيراً إلى أنّ هؤلاء دعموا الانفصاليين أيام الحرب، ورأى أن هناك من يصر على معاملة الجنوبيين كمواطنين من الدرجة الثانية، مؤكداً أن حركته ظلت تنادي بالسودان الجديد والاحترام المتبادل، إلا أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم وقف ضد ذلك البرنامج. وناشد الجنوبيين التصويت لتحقيق حريتهم الكاملة ممن وصفهم ب «الانتهازيين»، وحذّرهم من «الطغاة» الذين قال إنهم أضروا بقضية الجنوب. وأجرى سلفاكير محادثات مع المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن ركزت على خطوات الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. وقال المبعوث إن بلاده حريصة على أن يكون الاستفتاء حراً ونزيهاً، موضحاً أن حق الاستفتاء يجب أن يكون معبّراً عن تطلعات مواطني الإقليم ورغبتهم. وأضاف أن الإدارة الأميركية ستقدم كل مساعدة ممكنة لضمان تنفيذ الاتفاق على الوجه الأكمل، وأضاف: «ما يهمنا الآن معرفة الترتيبات الجارية وما يجب علينا فعله لعملية الاستفتاء ليتم بصورة صحيحة في الجنوب ومنطقة أبيي، وهذا هو الغرض من هذه الزيارة». وذكرت معلومات أن الطرفين ناقشا ترتيبات الاستفتاء الذي ينتظر أن تُعلن نتائجه في 9 كانون الثاني (يناير) المقبل. وتلقى سلفاكير من غرايشن تعهداً بدعم شرطة الجنوب لحفظ الأمن في الإقليم، كما أبلغه أن واشنطن لديها خطة قصيرة المدى للتعامل مع قضية الجنوب وأخرى طويلة المدى. أما الأمين العام ل «الحركة الشعبية» باقان أموم فقد رهن وحدة السودان بتخلي حزب المؤتمر الوطني عن مشروعه الإسلامي، وقال «لا يمكن الحديث عن وحدة في ظل نظام يعمل على الإقصاء وعدم المساواة، وغير عادل في توزيع عائدات الثروة»، ودعا إلى مشروع وطني يجمع السودانيين كافة، ويحترم حق الجنوبيين، ويعمل على تنفيذ استحقاق المشورة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق اللتين يشملهما اتفاق السلام. وطالب أموم بضرورة احترام خيارات الجنوبيين، ودعا مواطني الجنوب إلى اختيار الانفصال عن الشمال إذا لم يتحقق التحول الديموقراطي وإقرار العدالة. وأشار إلى أنّ من يحدد مصير الجنوب هم الجنوبيون وليس غيرهم، وأبدى استغرابه من حديث الخرطوم عن التنمية في هذا التوقيت، وتساءل قائلاً «أين كانوا هؤلاء طوال الفترة الماضية؟». ووجه انتقادات مبطنة إلى تعهد الرئيس عمر البشير أمام قيادات عسكرية أنه سيتمسك بوحدة البلاد خلال فترة حكمه وتسليمها إلى الأجيال المقبلة كما ورثها، وقال أموم إنّ البعض يعتقد أنه ورث السودان من أجداده. وزاد: «لكن السودان الحالي تشكل بعد دخول الإنكليز». ولمّح إلى إمكان إشراف برلمان جنوب السودان المنتخب على إجراء الاستفتاء في حال استمرت مماطلة حزب المؤتمر الوطني في تشكيل مفوضية الاستفتاء. وقال باقان إن قيادات نافذة في الحزب الحاكم لا زالت تضع العراقيل أمام تشكيل المفوضية، مستبعداً أن يخرج اجتماع مؤسسة الرئاسة المقبل بقرار في شأنها، مشيراً إلى أن الحزب غير راغب في اجراء الإستفتاء في موعده على رغم تأكيدات قياداته على ذلك. لكن القيادي في حزب المؤتمر الوطني نقيب المحامين عبدالرحمن الخليفة قال إن حزبه ملتزم إجراء الاستفتاء في موعده المحدد، وقال إن «الحركة الشعبية» لا يمكن لها أن تعلن الاستفتاء من جانب واحد، ووصف التهديد بإجراء الاستفتاء من جانب واحد بأنه ابتزاز سياسي لا يساعد على التفاهمات بين الطرفين. وينتظر أن يزور الخرطوموجوبا عاصمة الجنوب الأحد المقبل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ومدير الاستخبارات عمر سليمان لتهنئة القيادة السودانية بالفوز في الانتخابات الأخيرة، ومناقشة الوضع السياسي في البلاد خلال المرحلة المقبلة، وتطورات قضية مياه النيل والاستفتاء على تقرير مصير الجنوب خلال محادثات مع البشير وسلفاكير. وكان البشير زار القاهرة أخيراً واتفق مع الرئيس حسني مبارك على أن يتولى الأول إقناع دول حوض النيل بالتخلي عن اتجاههم لإبرام اتفاق يتجاوز القاهرةوالخرطوم في مقابل تحرك الأخير لإقناع المجتمع الدولي بدعم وحدة السودان. إلى ذلك، يبدأ رئيس «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور خليل إبراهيم غداً زيارة للقاهرة تستمر خمسة أيام على رأس وفد كبير من المسؤولين في حركته لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين تركز على تطورات عملية السلام في دارفور، وتعليق الحركة مشاركتها في المحادثات مع الحكومة، والدور المصري في الإقليم. على صعيد آخر، دعا البشير أمس البرلمان الجديد إلى عقد أولى جلساته في 24 أيار (مايو) الجاري، وسيؤدي البشير لاحقاً اليمين الدستورية أمام الهيئة التشريعية القومية التي تضم البرلمان بغرفتيه («المجلس الوطني ومجلس الولايات) لدورة رئاسية جديدة تستمر خمس سنوات. وكان حكام الولايات الشمالية المنتخبون أدوا اليمين الدستورية أمام البشير الاثنين الماضي. وسيطر المؤتمر الوطني على غالبية مقاعد البرلمان المخصصة للشمال، كما سيطرت «الحركة الشعبية» على المقاعد المخصصة للجنوب، خلال الانتخابات الأخيرة.