يتوارثن النساء في وادي الدواسر صناعة السمن البلدي، التي تُعد من أشهر الصناعات الأسرية التي لم تتخل عنها المرأة في هذه المحافظة الزراعية. ولا يقتصر السمن المنتج على الاستخدام الشخصي، فهن ينتجن كميات إضافية، لغرض التربح والتجارة، من خلال بيعه في الأسواق، أو توزيعه على المحال، أو في معارض الأسر المنتجة التي تقام بين وقت وآخر، ويجنين منه مبالغ مالية مُجزية. وتشير بائعة السمن أم ناصر إلى أن نساء وادي الدواسر تعلمن صناعة السمن من نساء البادية، اللاتي كن يأتين بالسمن أو ما يعرف ب«العكة»، التي تصنع عادة من جلد الأغنام، إذ تقوم النسوة بدبغه، وربط أسفله على شكل صرة محشوة بالقماش، وتسمى «خمرة». فيما يستفاد من مكان الأيدي في الجلد لربط «العكة» من الأعلى، ويقمن خلال صناعتها بوضع الدبس فيها، وفركه داخلها وتعريضها إلى الشمس حتى تتشبع بالدبس، ومن ثم يقمن بحقن السمن داخلها. وتختلف «العكك» في أحجامها، بحسب حجم جلد الذبيحة. فيما بعض النسوة يعملن من جلد الضب الكبير «عكة» صغيرة، يسميها البعض «ضبة». وتؤكد أم ناصر أن لطعم السمن ب«العكة» رائحة زكية خاصة، بسبب الجلد والدبس، وتحتفظ بالسمن بحاله الطبيعية فترة أطول من الأواني الأخرى، في حال كان التخزين خارج الثلاجة. وتلخص البائعة نورة الدوسري طريقة صناعة السمن، قائلة: «إن الصناعة تقوم على إحضار كمية الزبد التي تم جمعها من اللبن. فيما يعتمد آخرون على الزبد المستورد أو الجاهز الذي تبيعه الشركات الزراعية، ومن ثم تقوم بطبخه في قدر يستغرق فترة ساعة ونصف الساعة، مع تحريكه باستمرار، ومن ثم يُضاف له بعض التمر لتحسين طعمه». وعندما تستوي الزبدة، يُضاف إليها شيء من الكمون، لتحسين رائحتها. كما تسخن بعض الأحجار المسطحة التي تُسمى «مراظيف»، ومن ثم تدفن وهي ساخنة في الدقيق، ثم تنقل مباشرة إلى القدر، وتوضع في السمن، وتضيف له نكهة خاصة. كما تعمد بعض الأسر إلى وضع أقراص من البر داخل القدر في مرحلته الأخيرة، يتناولها أهل المنزل. وتختلف أسعار السمن باختلاف مصدر إنتاج السمن. وتبين البائعة أم سعود أن سعر كيلو السمن يصل إلى 150 ريالاً، إذ كانت البائعة من المشهورات بالإنتاج، واللاتي يُعرف أن الحليب المستخدم في السمن الذي تبيعه من الأغنام التي تمتلكها. ويصل السعر إلى 50 ريالاً، لمن دخلت السوق حديثاً، أو ما يعرف منتجها بأنه من الزبدة المستوردة. وتقول أم سعود: «إن كثير من النسوة أخذن يضفن بعض الألوان للسمن كمحسنات، وهذا لا يفضله الكل»، مؤكدة أن الغش في بيع السمن غير موجود في السوق، «لأن النسوة يبحثن عن الرزق الحلال، وعُرفن بين المتسوقين بأمانتهن، وحرصهن على توضيح كل صغيرة وكبيرة عن منتجهن» بحسب قولها. واشترى سعد علي الدوسري، كيلو السمن ب120 ريالاً، ويقول: «أسرتي تعتمد على السمن أكثر من الزيوت النباتية». وبين أن سمن الأغنام أو الأبقار التي رعت في المراعي الطبيعة يكون «أغلى ثمناً، غير أنه شح في وادي الدواسر لقلة هطول الأمطار». بدوره، أكد المتخصص في التغذية عبدالرحمن آل حسينة، أن السمن من الأغذية التي تتحول بشكل سريع إلى طاقة مفيدة لجسم الإنسان، كون الجسم يرغب به ويتقبله ويمتصه بشكل سريع، ويحوي الفيتامينات والمعادن التي تفيد بناء العظم، وتحمي الجسم من هشاشة العظام. بيد أنه حذر من تناوله بكميات كبيرة تضر الجسم.