كشفت السفيرة الأميركية في القاهرة مارغريت سكوبي أن الولاياتالمتحدة تجري محادثات مع الحكومة السورية في الكثير من القضايا محل الخلاف، من بينها نقل الأسلحة إلى الميلشيات اللبنانية، خصوصاً «حزب الله» والذي اعتبرته «انتهاكاً لقرار مجلس الأمن (1559)»، وأيضاً «دعمها جماعاتٍ إرهابية تعمل في المنطقة». وقالت في حوار مع عدد من الصحافيين المصريين ليل الثلثاء - الاربعاء إن «الانخراط في حوار مع جميع دول العالم لا يعد مكأفاة، وإنما أداة لاستخدامها لتحقيق الأهداف الديبلوماسية». وتستند المقاربة الأميركية للعلاقة مع سورية، والتي انعكست ضمناً في رسالة الرئيس باراك أوباما الى الكونغرس عن تجديد العقوبات، الى دور دمشق في تعزيز الحضور الايراني إقليمياً، خصوصاً من خلال «دعم مجموعات إرهابية» على رأسها «حزب الله»، والى خطورة التصرف السوري في مسألتي تسريب السلاح و «السعي الى أسلحة الدمار الشامل»، التي قد تدفع المنطقة، بحسب القراءة الأميركية، الى «خيارات كارثية». وعليه، تسعى واشنطن من خلال الإبقاء على عصا العقوبات والإسراع في إرسال سفيرها الى دمشق والضغط لاستئناف المسار السوري - الاسرائيلي، الى تفادي «أي خطأ في الحسابات»، وإضعاف النفوذ الايراني. فتجديد العقوبات «لم يكن مفاجئاً»، كما تشير الخبيرة في معهد السلام منى يعقوبيان، خصوصاً في «ضوء الظروف الراهنة وقلق الإدارة الأميركية المتزايد في شأن مسألة تسريب السلاح الى حزب الله». اذ من ضمن الأسباب الدافعة لتجديد العقوبات كما ضمّنها أوباما في رسالته، والتي تشمل «دعم مجموعات إرهابية، والسعي نحو أسلحة الدمار الشامل، وتطوير برامج صاروخية»، ترى يعقوبيان أن مد دمشق «حزب الله» بالسلاح هو «المسألة الأكثر إلحاحاً وعلى نار حامية اليوم»، خصوصاً بعد التقارير الأخيرة التي تتهم الحكومة السورية بتزويد الحزب صواريخ «سكود»، وتحذيرات لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت غيتس «من أي خطأ سوري في الحسابات» يتعلق بالحرب والسلم. وعدا عن البعد الإسرائيلي للموقف الأميركي من سلاح «حزب الله»، تبرز الاستراتيجية الإقليمية لواشنطن وسعيها الى عزل إيران والحد من نفوذها الإقليمي. وتعكس أجواء الادارة الأميركية وضوحاً تاماً في شأن ضرورة رؤية تغيير جدي في علاقة دمشق ب «حزب الله» قبل إحداث تغيير في العقوبات. في هذا الصدد، تشير يعقوبيان الى «خطوات مثل ترسيم الحدود مع لبنان أو اقامة علاقات ديبلوماسية مرحب بها، انما لن تكون كافية لمراجعة هذه العقوبات». ويبرز تنامي نفوذ «حزب الله» وترسانته العسكرية، التي «زادت» بحسب تقارير وزارة الدفاع (البنتاغون) بعد حرب تموز، كركن أساسي في الاستراتيجية الأميركية للشرق الأوسط، وقراءة النفوذ الايراني في سلم التحديات التي تواجهها المنطقة. وتشير يعقوبيان، وهو ما تردده أيضاً جهات أميركية رسمية، الى أن هناك نوعاً من الاستغراب الأميركي لسياسة الرئيس بشار الأسد تجاه «حزب الله»، مضيفة «ان المسؤولين الأميركيين يحكّون رؤوسهم بحثاً عن إجابات تفسر التصرف السوري». وانعكس هذا الاستغراب في شهادة مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان أمام الكونغرس قبل أسبوعين وتأكيده أنه فيما كان «الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ينظر الى حزب الله كأداة ضغط ونفوذ يمكنه استخدامها أمام إسرائيل، فإن دعم الرئيس بشار الاسد السياسي والعسكري غير المسبوق للمنظمة، يشير إلى علاقة مختلفة ومثيرة للقلق». في السياق نفسه، لا يعني تجديد العقوبات والتصعيد الكلامي بين واشنطنودمشق تخلّي أوباما عن الانخراط الديبلوماسي معها، بل ترى الإدارة الأميركية حاجة أكبر لتكثيف هذه الجهود في ضوء هذا التباعد بين الجانبين. فالسنة الأولى من ولاية أوباما، والتي شهدت زيارات للمبعوث جورج ميتشل ونائب الوزيرة ويليام بيرنز ووفود عسكرية واستخباراتية لسورية «ليست معياراً كافياً لتقويم مدى نجاح هذا الانخراط أو فشله»، كما تشير يعقوبيان، مضيفة أن «اعادة السفير الأميركي (ستيفن فورد المنتظر تعيينه) سيضاعف وتيرة هذا النهج في المرحلة المقبلة»، كما تسعى الإدارة الأميركية الى استئناف المفاوضات السورية - الاسرائيلية في شكل مباشر أو عبر الوسيط التركي، كوسيلة أخرى لتجنب «أي سوء تقدير» لدى الأطراف، وتماشياً مع أهدافها الإقليمية بعزل طهران وتحقيق السلام الشامل.