أعربت أوساط سياسية إسرائيلية عن ثقتها أمس بأن الرد المفروض أن يكون الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وضعه على التقرير الذي قدمته له لجنة خاصة عينتها الأممالمتحدة لتقصي الحقائق في شأن الممارسات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة ورفعه مساء أمس إلى مجلس الأمن، حمل لهجة مخففة قياساً بالتقرير «شديد اللهجة» الذي وضعته اللجنة واتهمت فيه إسرائيل بتعمد قصف مؤسسات «وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (اونروا) في القطاع والمسّ بالمدنيين الأبرياء. وقالت الإذاعة العامة إن بان أرفق تقرير اللجنة برسالة إلى مجلس الأمن يقول فيها إنه لا يعتزم إجراء مزيد من التحقيق في الحرب على غزة، وإن تقرير اللجنة لا ينطوي على أي صبغة قانونية. من جهتها، وصفت وزارة الخارجية التقرير ب «المنحاز» و «المنهجي»، ودافعت عن أخلاقيات الجيش الإسرائيلي، محملة حركة «حماس» مسؤولية قتل المدنيين. وكانت لجنة تقصي الحقائق الدولية قدمت تقريرها الى بان ضمّنته انتقادات عنيفة لإسرائيل واتهمت جيشها بسلسلة من الانتهاكات، في مقدمها استخدام النار «بشكل غير متناسب»، وتعمد ضرب مؤسسات الأممالمتحدة في قطاع غزة، واستهداف مدنيين فلسطينيين خلال العملية العسكرية. وأوصى التقرير بتعيين لجنة تحقيق دولية مستقلة في الممارسات الإسرائيلية، وهي توصية قضّت مضاجع أركان الدولة العبرية (ورفضها الأمين العام للأمم المتحدة على حد قول سياسيين اسرائيليين) الذين اعتبروا قبولها «هزة أرضية ديبلوماسية» ستحرج إسرائيل في أرجاء العالم، وقد تقود إلى لجنة تحقيق دولية رسمية، وربما تعرض قيادييها السياسيين والعسكريين إلى المساءلة القانونية الدولية. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن إسرائيل بذلت في الأيام الأخيرة جهوداً كبيرة شارك فيها الرئيس شمعون بيريز ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ووكيل وزارته يوسي غال، لإقناع بان ومسؤولين كبار في الأممالمتحدة بعدم تقديم التقرير بنصه الأصلي وطالبتهم بتخفيف لهجته. وقالت وزارة الخارجية في بيان أصدرته أمس إن تقرير اللجنة «يتجاهل الحقائق التي عرضتها إسرائيل بكل شفافية على أعضاء اللجنة، كما يتجاهل حقيقة أن حماس استخدمت المدنيين في القطاع دروعاً بشرية». وأضافت أن لجنة تقصي الحقائق «فضلت مواقف حماس، وهي منظمة إرهابية، على رواية إسرائيل التي تعاونت مع اللجنة وقدمت لها مواد استخباراتية وصوراً من الجو وإفادات لم تنعكس في تقرير اللجنة». وأعربت الوزارة عن أسفها لنجاح «حماس» في «تضليل لجنة الفحص». وتابع البيان أن إسرائيل ترفض التقرير بروحه ونصه «لاتسامه بالمنهجية والانحياز وتجاهله الاعتداءات الفلسطينية بالقذائف الصاروخية من قطاع غزة على جنوب إسرائيل منذ ثماني سنوات». ودعت الوزارة الأممالمتحدة إلى «استخلاص العبر في شأن طريقة تعاملها مع واقع معقد يمارس فيه تنظيم إرهابي نشاطاته قرب منشآت أممية بصورة تعرضها للخطر». من جهته، قال نائب وزير الدفاع ماتان فلنائي للإذاعة العامة إن «المنهجية في التقرير واضحة وليست مفاجئة»، وقال إن الجيش الإسرائيلي عمل في مناطق ذات كثافة سكانية عالية جداً، وحاول تفادي المس بالأبرياء «وهذه كانت التعليمات لجنوده، لكن يحصل أحياناً خلل وأخطاء... ومثل هذه الأخطاء يتم التحقيق فيها لاحقاً واستخلاص العبر منها». وأشار إلى أن تقرير الأممالمتحدة «تجاهل تماماً حقيقة ارتكاب حماس اعتداءات إرهابية ضد المدن والقرى الإسرائيلية انطلاقاً من مناطق مكتظة بالسكان في قطاع غزة حيث السكان الفلسطينيون دروعاً بشرية».