مع انتهاء الموسم 11 من «ستار أكاديمي»، يمكن القول إن هذا البرنامج ما زال واحة فنية شعبية، بما يمنح من متعة مشاهدة وحيوية تقديم، بخاصة ما يقدمه من ريبرتوار طويل من الغناء. لكن الأهم، تسليطه الضوء على شريحة مجتمعية كبيرة مكونة من الصبايا والشباب العرب. وهذه الخاصية الأخيرة تجعله في واجهة مشهد عناق الحياة. فهل أجمل من مشاهدة مواهب العرب، بمشاربهم وألوانهم وحساسياتهم الإثنية، متحلقين حول فن الطرب العربي. وكم رائع حدوث ذاك المزج المعيشي في فضاء مشترك. كل عادات العرب وثقافاتهم تتلاقح بألق وزهو من مشترك إلى آخر، في مستوى يجعل «ستار أكاديمي» يُوَحِد ما لم يُوَحد من قبل، ويُوَحَدُ من طرف من يفترض فيهم أنهم مؤسسو المستقبل المشترك ورجال ونساء الغد. هذا الجانب الحي يشكل هدفاً في حد ذاته، على رغم أن «ستار أكاديمي» ينتهي بوجود فائز بعد قطع كل المراحل، وهو ما يفتح له الباب لدخول مشوار فني كبير، كما حدث للفنان اللبناني جوزيف عطية، والممثل الفكاهي المصري محمد عطية والمطربة العراقية شذى حسون. والمغرب شارك منذ البداية بمواهب صنعت في كل مرة الحدث في بلادها. كانوا مواهب أطربت وأبدعت وساهمت في الإمتاع الفني، كما شاركت في التعريف بالأغنية المغربية المحلية والعصرية المتميزة. وكانوا أنداداً فعليين ساهموا في إشعال التنافس وتطويره وإنقاذه من التكرار والملل. ولكن لا بد من الوقوف عند تجربة الشاب الفنان إيهاب أمير، إبن مدينة أسفي في وسط البلد الشهيرة حيث لون غنائي بارز يسمى «العيطة». ولا مبالغة في القول أن أمير قدم حضوراً يَخرج عن المعتاد، وذلك بما تميز به من عفوية وطلاقة في التصرف، وبما اجتهد فيه كي يمنح بعض المُغايرة في المساهمة الفنية. وفي هذا الإطار لن ينسى الجمهور الجزائري أداءه لأغنية الراي في رحاب الأكاديمية، عبر تأدية أغنية الراحل الشاب عقيل. كما لن ينسى جمهور لبنان تلك الصداقة القوية التي ربطته بالمشاركة اللبنانية شانتال جعجع، وما أتاحته من اكتشاف ثقافتين عربيتين حرتين وحيويتين. لكن إيهاب أمير لم يكن محظوظاً بالفوز باللقب، فخلّف حسرة قوية لدى المعجبين والمعجبات الذين تبعوا مساره وساندوه حتى النهاية. بل صار ظاهرة فنية وشبابية لم تكن متوقعة في المغرب. وهو ما تجلى في الاستقبال «الخرافي» الذي حظي به عند عودته في مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء. وهو ما لا يحدث في بلادنا إلا للأبطال الرياضيين المنتصرين في الألعاب الأولمبية. أمير التحق منذ أسابيع بكوكبة من المواهب المغربية التي نشطت بكل ما أتت من قوة «ستار أكاديمي» في مواسمه السابقة، على غرار خولة بنعمران وسكينة بوخريص وهناء الإدريسي اللواتي قطعن مراحل متقدمة في السباق في مواسم سابقة. طبعاً هناك اسم لامع له جانب مغربي ويتعلق بالفنانة المعروفة شذى حسون العراقية الأب والمغربية الأم والتي عاشت في المغرب، لكنها فازت في «ستار أكاديمي» باسم العراق في الموسم الرابع... وليس المغرب. يبقى السؤال: ألم يحن وقت فوز المغرب؟ أم أن للقنوات التلفزيونية حسابات أخرى؟