غابت شمس الرياض في رابعة النهار أمس. وهبت عاصفة قوية زادت أزيز الريح، ثم ما لبثت أن انفتحت أبواب السماء لينهمر مطر غزير لم تشهد العاصمة السعودية مثيلاً له منذ عقود. وسرعان ما انكشف خلل البنية الأساسية في بعض أحياء الرياض وطرقاتها، إذ تجمعت المياه، واحتجزت مواطنين ومقيمين كثراً، وتعطلت سيارات وغرق بعضها، وسقطت أشجار، وطاحت لافتات. وكان أشد إثارة للأسف والقلق أن تلك التقلبات الجوية تزامنت مع موعد خروج الموظفين من عملهم. وأدى الوضع بمجمل تفاصيله إلى استنفار في مستشفيات وزارة الصحة، وفرق الدفاع المدني، ومناشدة السكان التطوع. لكن الأخبار السارة تتمثل في عدم حدوث وفيات، باستثناء طفل عمره عام توفي بسبب حادثة مرورية نجمت عن تقلبات الطقس. كما أن معظم المستشفيات أفادت بعدم استقبال مصابين، وإن أفادت «الهلال الأحمر السعودي» بإسعاف 75 مصاباً. ولم تتأثر حركة الطيران في مطار الملك خالد الدولي. بيد أن الرئاسة العامة للأرصاد تتوقع استمرار الأجواء الممطرة المتقلبة حتى مساء اليوم (الثلثاء)، ولا سيما شمال الرياض وشرقها. وأبدت «الأرصاد» استياءها من عدم وجود مخارج لتصريف مياه الأمطار في منطقة الرياض. في غضون ذلك، وجّه أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز بتعليق الدراسة اليوم (الثلثاء) لجميع المراحل الدراسية للبنين والبنات ومنسوبي التعليم في مدينة الرياض، نتيجة هطول الأمطار والتحذيرات الواردة من مصلحة الأرصاد. وأعلنت وزارة التربية والتعليم تعطيل الدراسة في مدارس العاصمة اليوم بسبب الأمطار. وكانت الأمطار الغزيرة أدت إلى ارتفاع منسوب المياه في عدد كبير من طرق الرياض ومخارجها الحيوية. وأدى ذلك بدوره إلى احتجاز كثيرين داخل سياراتهم، خصوصاً الطلاب والموظفين الذين انتهت نوبات عملهم بعد الظهر. وبالنسبة إلى كثيرين تحول المشوار الذي اعتادوا قطعه في عشر دقائق إلى مشوار الثلاث ساعات. وتدنت سرعة السيارات في بعض الطرقات التي غمرتها المياه إلى كيلومترين فحسب في الساعة. وأغلقت طرقات عدة. وأثار الوضع تساؤلات حول جدوى قنوات التصريف المقامة في شوارع العاصمة. ولجأ أئمة مساجد إلى الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء تخفيفاً على المصلين. ولم تستطع آليات شفط المياه التابعة لأمانة منطقة الرياض أداء مهماتها بسبب استمرار هطول الأمطار، فيما صعب على «الصهاريج» التنقل شمالي العاصمة وشرقها بسبب الاختناقات المرورية. وكان مفزعاً أن تلك التقلبات التي صحبتها زخات بَرَد رافقتها أيضاً زوابع رعدية وصواعق. وذكر في وقت لاحق أن رجلاً توفي بعدما أصابته صاعقة أمام «مجمع مارينا» شمال الرياض. هجمة مطر «مرتدة» بعد تسلل عاصفة... تُغرق «الرياض» سوء التصريف يحوّل شوارع إلى مستنقعات مائية