واصل موفد الأممالمتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا الثلثاء مهمة الوساطة الحساسة التي يقوم بها بين أطراف النزاع السوري، على أمل أن يعزز دخول مرتقب لمساعدات إنسانية الى مناطق قرب دمشق عملية التفاوض «الصعبة». وأطلق دي ميستورا عبر لقائه الوفد الحكومي السوري الجمعة ووفد المعارضة الإثنين عملية التفاوض الرسمية في مقر الأممالمتحدة في جنيف. وهو استقبل صباح الثلثاء للمرة الثانية الوفد الحكومي السوري قبل لقاء جديد مع المعارضة. لكن العملية الهادفة إلى إجراء مفاوضات غير مباشرة بين الوفدين بهدف التوصل إلى حل للنزاع السوري، تبقى هشة جداً. وأعلن وفد المعارضة بعد لقائه الإثنين دي ميستورا على مدى ساعتين، أنه تلقى من الأممالمتحدة «رسائل إيجابية جداً». لكنه كرر مطالبه بإجراءات إنسانية. وقال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية سالم المسلط: «ثلاث مسائل مهمة بالنسبة إلينا: رفع الحصار عن بلدات والإفراج عن معتقلين ووقف الهجمات ضد المدنيين بواسطة الطيران الروسي ومن قبل النظام». وبعد ساعات على انتهاء اللقاء، أعلنت الأممالمتحدة أن دمشق وافقت مبدئياً على إرسال قوافل إنسانية إلى بلدة مضايا المحاصرة قرب دمشق حيث توفي 46 شخصاً جوعاً منذ كانون الأول (ديسمبر)، وبلدتين أخريين هما كفريا والفوعة المحاصرتان من مسلحي المعارضة في شمال غربي البلاد. لكن هذه البادرة قد لا تكون كافية لإقناع المعارضة المتمسكة بتلبية الحد الأقصى من مطالبها في الشق الإنساني. وقال المتحدث باسم المعارضة منذر ماخوس إن «النظام قادم ببادرة صغيرة. لكن المشكلة أكبر بكثير من هذا الأمر وسنشدد على التطبيق الكامل لمطالبنا». وتطالب الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية والتي تضم مسؤولين سياسيين وممثلين عن الفصائل المعارضة المقاتلة، منذ أيام بتحسين الوضع الإنساني على الأرض فيما يتدهور وضع المدنيين في سورية يوماً بعد يوماً بسبب القصف ونقص المواد الغذائية. وتطرق دي ميستورا إلى هذا الموضوع بقوله إن الشعب السوري يستحق أن «يرى شيئاً ملموساً، بعيداً من المفاوضات الطويلة والمؤلمة». وإذا كان وقف القصف على المدى القصير يبدو غير واقعي، فإن العمل بهدف الإفراج عن المدنيين من نساء وأطفال «سيكون مؤشراً أول على أن شيئاً مختلفاً يحصل»، كما أضاف دي ميستورا. وبدأت المعارضة بوضع لوائح بأسماء معتقلين، كما قال عدد من أعضائها في الأيام الماضية. وقال دي ميستورا الذي استقبل وفد النظام السوري ظهر الثلثاء: «نستمع بانتباه الى هواجس الهيئة العليا للمفاوضات، وسنستمع الى هواجس الحكومة». أما رئيس الوفد السوري بشار الجعفري فقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، إن الوفد جاء إلى جنيف دون شروط مسبقة و «لن يقبل بأي شروط مسبقة من أحد»، واتهم «الطرف الآخر» -في إشارة إلى المعارضة- بأنه يتصرف على «طريقة الهواة». وتابع: «ما زلنا في المرحلة التحضيرية للمحادثات غير المباشرة وناقشنا مع دي ميستورا أهمية هذه المرحلة التحضيرية لجهة معرفة مع من سنتحاور حواراً غير مباشر، وحتى هذه اللحظة لا نعرف من الوفود الأخرى التي يُفترض أنها تمثل المعارضات السورية وفق مضمون القرار 2254». وزاد: «طلبنا من دي ميستورا أن يوافينا بأسماء المشاركين والإعداد الجيد لجدول أعمال هذا الحوار أو هذه المحادثات غير المباشرة». وقال إن كل المسائل، «سواء القضايا الإنسانية أو مكافحة الإرهاب هي أولويات للحكومة السورية.. ولا نستطيع التمييز بين مسألة وأخرى، وبمجرد بدء الحوار غير المباشر رسمياً سنبدأ بمعالجة كل هذه القضايا». وتهدف المحادثات السورية التي حدد إطارها بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن في كانون الأول (ديسمبر) الى تشكيل سلطة انتقالية قبل تنظيم انتخابات في منتصف العام 2017. ويريد موفد الأممالمتحدة الذي توقع مفاوضات «صعبة ومعقدة» إجراء حوار غير مباشر بين الطرفين على أن يقوم مسؤولون بديبلوماسية مكوكية بينهما. وسبق أن توقع أن تستغرق المحادثات ستة أشهر. ومن أجل دفع العملية قدماً، حضر عدد كبير من ديبلوماسيي أبرز الدول الضالعة بشكل مباشر أو غير مباشر في الملف السوري إلى جنيف. وتسعى المجموعة الدولية إلى إيجاد تسوية من شأنها إفساح المجال أمام توحيد الجهود من أجل محاربة تنظيم «داعش» الذي يسيطر على مساحات واسعة من سورية والعراق.