بدأت السوق العقارية في قطر بالتماسك والاستقرار بعد سلسلة من الانخفاضات في الأسعار والإيجارات خلال الربعين السنويين الأخيرين، إذ بدأ النشاط يعود مجدداً إلى التمليك مع عودة الثقة لدى المصارف لمنح الائتمان لهذه الغاية، فيما استقرت الإيجارات، خصوصاً الشقق المتوسطة والصغيرة مقارنة بالعقارات الأكبر مثل الفيلات والشقق الكبيرة. ولفتت شركة «المزايا القابضة» إلى أن سوق العقارات التجارية القطرية بدأت تعيد الحسابات، خصوصاً مع قرار السلطات القطرية منع تحويل الفيلات إلى مكاتب للشركات، ما يعني انتقال الشركات والمؤسسات إلى الأماكن التجارية ومنها المنطقة الديبلوماسية التي تشهد نشاطاً لافتاً. وأشارت الشركة التي تتخذ من دبي مقراً إلى تقديرات مؤسسات عقارية بوجود 3.2 مليون متر مربع من المساحات المكتبية في قطر، 50 في المئة منها في المنطقة الديبلوماسية التي تُعتبَر من أرقى الأماكن بالنسبة إلى المكاتب في الدوحة. ولاحظت «المزايا» في تقريرها العقاري الأسبوعي أن العاصمة القطرية التي يقطنها نحو نصف مليون نسمة من أصل تعداد الدولة البالغ 1.6 مليون نسمة، مرشحة لتصدر النمو السكاني في قطر، ما يعزز من فرص التطوير العقاري المتاحة، خصوصاً في قطاع الأبراج السكنية الشاهقة نظراً إلى محدودية الأراضي المتاحة والعوائد الاستثمارية التي تُعد من الأعلى على مستوى المنطقة، ولا يزال الاستثمار في القطاع العقاري يحقق عائدات مرضية تتراوح نسبتها ما بين 15 و20 في المئة، على رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. ويشير وسطاء في سوق العقارات القطرية، وفقاً للتقرير، إلى أن عوائد الاستثمار في مشاريع الأبراج ترتفع على نظيراتها في دول المنطقة الأخرى بما لا يقل عن سبعة في المئة، ما يشكل حافزاً مغرياً لمستثمرين خليجيين كثيرين لاستثمار أموالهم في هذا المجال واستغلال الطفرة الكبيرة التي تشهدها قطر. وأدت مشاريع الأبراج القطرية إلى إحداث طفرة كبيرة غير مسبوقة لقطاع العقارات في قطر من شأنها أن تضع البلاد في موقع متقدم على خريطة قطاع العقارات في المنطقة. وتشمل مشاريع الأبراج الجديدة مقرات ومكاتب لمجموعة من شركات النفط والغاز العالمية وشركات المقاولات الكبرى، إضافة إلى عشرات الأبراج الإدارية والتجارية، وتلك المخصصة لأغراض سكنية، إذ يُتوقَّع أن يساهم نمو الاقتصاد بنسبة 16 في المئة في تعزيز قطاع التطوير العقاري ومشاريع الإنشاء والبناء في كل أنحاء البلاد. وبيّن مؤشر التفاؤل بالأعمال في قطر للربع الثاني لعام 2010، الذي تصدره مؤسسة «دان أند برادستريت جنوب آسيا والشرق الأوسط»، بالتعاون مع هيئة «مركز قطر للمال»، استمرار نمو الاقتصاد القطري في شكل متسارع هذه السنة، مدعوماً بالاستثمارات الضخمة في قطاع الهيدروكربونات ومشاريع البنية التحتية. ويُتوقَّع أن ترتفع صادرات الغاز الطبيعي المسال من 24 بليون دولار العام الماضي إلى 36 بليون دولار عام 2010، بينما يرتفع فائض الدولة الحالي من 13 بليون دولار إلى 25 بليون دولار خلال الفترة ذاتها. وشهد الاقتصاد القطري نمواً مضطرداً العام الماضي. وفيما يُتوقَّع أن تتراوح معدلات أسعار النفط الخام بين 70 و80 دولاراً للبرميل، تحظى دولة قطر بحظ وافر من المال لتمويل مشاريع التنويع الاقتصادي وخططها التطويرية في قطاع البنية التحتية خصوصاً. وبيّن التقرير أن معدل التطوير العقاري في الدوحة وباقي أرجاء قطر يسير في شكل مستقر لمواكبة النمو السكاني إذ لا تستبعد إحصاءات جهاز الإحصاء القطري أن يتضاعف عدد سكان قطر خلال السنوات المقبلة من جراء ارتفاع جاذبية سوق العمل المحلي المدعوم باقتصاد سريع النمو، في وقت تتزايد فيه أعداد المشاريع العقارية، خصوصاً الأبراج على ساحل العاصمة القطرية. وأوضح التقرير العقاري ل «المزايا» أن المساحة المحدودة لقطر التي لا تزيد عن 11.5 ألف كيلومتر مربع دفعت الحكومة إلى منح تسهيلات للتطوير العقاري العمودي بدلاً من الأفقي، وسط تعليمات باقتصار استخدام الفيلات والشقق السكنية على أغراض السكن ونقل المكاتب إلى أماكن المساحات المكتبية المخصصة لذلك. وكانت «هيئة التخطيط الحضري» القطرية حددت استخدام الفيلات وحظرت في أيلول (سبتمبر) 2009 استخدام الفيلات كمكاتب تجارية، ما سيدفع عدداً كبيراً من الشركات والمؤسسات إلى الانتقال إلى المناطق التجارية، الأمر الذي قد يبطئ من تراجع الإيجارات، خصوصاً في المنطقة الديبلوماسية، فيما يُتوقَّع أن تبرز فرص للحصول على فيلات في مناطق راقية بمستويات إيجارات مناسبة. وواصلت أسعار الإيجارات في قطر تراجعها خلال الربع الأول من عام 2010، وفق أحدث تقرير لشركة «أستيكو للخدمات العقارية»، إذ يبحث مستأجرو قطر بعد الأزمة عن سكن أوسع في منطقة أفضل وبأسعار أرخص. وشهدت إيجارات العقارات المواقع السكنية الراقية استقراراً في الإيجارات خلال الفترة ذاتها. وللتغلب على ندرة الأراضي تلك، تحركت الحكومة القطرية في اتجاهين، فسهلت إجراءات منح التراخيص لإنشاء الأبراج، وحولت عدداً من المناطق السكنية إلى مناطق تجارية، ما زاد الحركة العمرانية، إذ يُتوقَّع أن يتجاوز حجم مشاريع البناء في البلاد نحو 110 بلايين ريال (30 بليون دولار) حتى عام 2012. ولفت تقرير «المزايا» إلى أن عودة النشاط التدريجي إلى التمويل المصرفي العقاري عزز من الطلب الفاعل على العقارات، خصوصاً تلك السكنية منها مستفيدة من الأسعار المنخفضة للعقارات التي قللت من عوامل المخاطرة المرتبطة بالتمويل، إذ إن ظروف السوق الحالية توفر للمشترين فرصاً ذات قيمة حقيقية، ما يدفع إلى القول إن السوق العقارية القطرية تسير باتجاه النضج، إذ إن أساسيات العرض والطلب أصبحت المحرك الرئيس لتحديد الأسعار وليس النمو غير المبرر في الأسعار. فالمصارف أصبحت أكثر مرونة مما كانت عليه في الربع السابق، إذ ارتفعت معدلات تمويل قيمة العقارات من 70 في المئة في الربع السابق إلى ما بين 80 و85 في المئة خلال الربع الجاري، فيما يُتوقَّع للقروض العقارية الإسلامية أن تنمو مع تزايد عدد العقارات الجاهزة التي ستطرح في السوق. وبحسب تقرير «أستيكو»، شهدت إيجارات الاستوديوات والشقق الصغيرة (غرفة نوم واحدة) في السوق تحركات بيع طفيفة ولم يُلاحظ حدوث أية تغييرات سعرية لافتة في مبيعات الوحدات السكنية في سوقي المبيعات العقارية الرئيسة والثانوية في لؤلؤة قطر، وواصلت سوق المكاتب تسجيل تراجعات في معدلات الإيجارات. وبحسب التقرير، فإن الدخول المترقب لكمية كبيرة من المساحات المكتبية للسوق، خصوصاً في المنطقة يرجح تراجعاً أكبر للإيجارات، إلا أن تزايد عدد مشاريع البنية التحتية والمشاريع التجارية والصناعية التي تستعد للانطلاق خلال الأشهر ال 12 المقبلة، ستزيد من طلب الشركات المحلية والدولية، وتساعد على استقرار إيجارات المكاتب. وبالنسبة للربع المقبل، توقعت «أستيكو» حدوث مزيد من التراجع في الإيجارات قبل أن يستقر، إلا أن السوق ستظل نشطة نتيجة إلى توسع شركات النفط والغاز وغيرها من المؤسسات الحكومية والذي سيكون له تأثير إيجابي على سوق التأجير. وستستفيد شريحة كبيرة من المستأجرين الذين توشك عقود إيجاراتهم على الانتهاء من الإيجارات الأقل والخيارات الأكثر المتاحة لاختيار العقارات المتوافرة في السوق. وبقيت أسعار بيع العقارات السكنية الرئيسة والثانوية مستقرة نسبياً في الربع الأخير.