عاد السجال حول الحياة الشخصية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ظل المواجهة الأسوأ بين بلاده والغرب. لكن «الحرب الإعلامية» ضد روسيا، ليست وحدها مصدر الحملات القوية على سيد الكرملين، بل أصبحت «زلات لسان» الرئيس سبباً إضافياً لنقاشات ساخنة. وبعدما كانت «الحياة الشخصية» لضابط الاستخبارات السابق «بطل الجودو» و «معشوق المراهقات»، موضوعاً محبباً لوسائل الإعلام الغربية، شكل الفساد عنصراً دسماً للحملات ضد بوتين. وخرج الكرملين عن صمته المعهود، للرد على تلميحات وسائل إعلام غربية إلى حسابات سرية لبوتين ببلايين الدولارات وعلاقات وطيدة له مع المافيات مكّنته من مراكمة ثروة خيالية وامتلاك قصور فارهة ويخوت فاخرة. ووصف الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف تلك الاتهامات للرئيس، بأنها «قذف» و «تلفيقات لا أساس لها»، وقال إن روسيا «اعتادت نشر مثل هذه الأكاذيب» التي تأتي إما عن «جهل أو تخطيط وإخراج محكم». أتى ذلك بعدما بثت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فيلما وثائقياً عن «فساد بوتين»، ظهر فيه ديمتري سكارغ الرئيس السابق لشركة «سودكومفلوت» لصناعة السفن، بصفته شاهداً على إهداء البليونير رومان أبراموفيتش، بوتين اليختَ الفاخر «أوليمبيا» الذي تصل قيمته الى نحو 35 مليون دولار. ونقلت صحيفة «نوفايا غازييتا» الروسية المعارضة أمس، معلومات وردت في تقرير أعده المعارض بوريس نيمتسوف، الذي قتل في موسكو العام الماضي، مفادها أن بوتين «يملك أسطولاً صغيراً يضم أربع سفن فارهة» تصل قيمتها الإجمالية إلى «بلايين الروبلات»، لكن بيسكوف قال إن «بوتين لا يملك أي سفن أو يخوت». وإلى جانب الحديث عن «ثروة» بوتين المزعومة، وعلاقاته مع رجال المال الفاسدين، فوجئ الكرملين بتقرير قاض بريطاني ألمح أخيراً إلى وقوف الرئيس الروسي وراء اغتيال الجاسوس المنشق ألكسندر ليتفينينكو في لندن قبل عشر سنوات. واعتبر وزير الخارجية سيرغي لافروف أمس، الاتهامات «تطوراً سيئاً في الحملات التي لا أساس لها»، وانتقد بشدة طريقة إعداد التقرير البريطاني وتضمنه «بنوداً سرية». وكان بيسكوف سخر في وقت سابق من الاتهام، باعتباره يعكس «روح الفكاهة البريطانية». في الوقت ذاته، عززت الحملات على الرئيس الروسي «زلات لسان» وقع فيها، كان أحدثها إشارته في اجتماع ل «المجلس الرئاسي للعلوم والتربية والتعليم»، إلى أخطاء «كارثية» ارتكبها مؤسس الاتحاد السوفياتي فلاديمير لينين، الذي «وضع قنبلة ذرية تحت روسيا أدت في وقت لاحق إلى انهيار الاتحاد السوفياتي»، مشيراً إلى وجود خطأ في الفكر والإدارة لدى لينين. وأوضح بوتين أن «الإدارة من خلال تسلسل الأفكار أمر جيد، على أن تؤدي الأفكار إلى نتائج إيجابية، خلافاً لما هو عند فلاديمير إيليتش (لينين). وفي النهاية أدت هذه الأفكار إلى انهيار الاتحاد السوفياتي». وزاد أن لينين ورفاقه «وضعوا قنبلة ذرية» انفجرت في ما بعد تحت البناء الذي يسمى روسيا، لم نكن بحاجة إلى ثورة عالمية». واعتبر الحزب الشيوعي الروسي الذي يؤيد سياسات بوتين الخارجية، كلامَ الرئيس «واحدةً من زلات لسانه»، منتقداً الإشارة إلى لينين. ولم تمر ساعات حتى «أوضح» الرئيس أنه قصد «الدمج الذي قام به مؤسسو الدولة السوفياتية بين فكرة الحدود والانتماء الإثني للسكان، ما أدى إلى انهيار الدولة». وشدد على أن «مهمتنا توطيد الدولة». ولتفادي غضب ما تبقى من أنصار لينين في المجتمع، تعهد بوتين بعدم دفن جثمان مؤسس الدولة السوفياتية المسجى منذ تسعين سنة في ضريح قرب الساحة الحمراء، مؤكدا أنه «لن يقدم على خطوة لا إجماع عليها في المجتمع».