تتابعت عليه الأمراض، وتكالبت عليه الظروف، وحاصرته الأحزان والأوجاع. هي رحلة ما زالت مستمرة عنوانها المرارة وسطورها مليئة بالمصائب والمآسي والدموع.لم تعد أمراضه تشغل باله، فقد أفسدت عليه الماضي والحاضر، ويخاف على المستقبل، ليس مستقبله، بل مستقبل زوجتين ليس لهما بعد الله سواه، وأطفال صغار حوصروا معه وعاشوا قسوة الأيام التي عاشها، ولا يريد لهم سوى حياة أخرى مليئة بالأمل والسعادة. هذا هو الواقع السيئ ل «أبو خالد» البالغ من العمر 31 سنة، والذي بدأت معاناته منذ أصيب بفشل كلوي في كلتا كليتيه. بدأت منذ ذلك الوقت رحلته المضنية مع أجهزة الغسيل. ويقول أبو خالد: «في ظل الآلام والأوجاع التي كنت أشعر بها، بدت لي بارقة أمل وتحديداً عندما اقترح أحد الأطباء أن أجري جراحة لزراعة الكلى، وبعد التردد والمراجعات المتعاقبة لم أجد من يتعاون معي». ويضيف: «أغلقت جميع الأبواب في وجهي، فاضطررت إلى الاقتراض وتحملت الكثير من الديون وسافرت إلى باكستان لإجراء الجراحة، وفعلاً أجريت الجراحة ونجحت ولله الحمد»، مستدركاً بأن هذه الفرحة لم تكتمل، إذ اكتشف أثناء غسيل الكلية الأخرى بأنه مصاب بالتهاب الكبد الوبائي من نوع «B»، وهو ما جعله يعيش في دوامة أخرى. ويوضح أبو خالد: «أكد لي أكثر من طبيب مختص بأن تناول أدوية لعلاج التهاب الكبد، سيؤدي في النهاية إلى عودة الفشل الكلوي إلى الكلية المزروعة حديثاً». عاد الفشل الكلوي مرة أخرى إلى الكلية المزروعة، «حالياً أخضع للغسيل الدموي ثلاث مرات في الأسبوع لمدة أربع ساعات، إضافة إلى ما أعانيه من أمراض الضغط ودوار الدهليز والكلسترول، ناهيك عن التهابات الاذن الوسطى» لم تتوقف مآسي «أبو خالد» عند هذا الحد، بل امتدت لتصل إلى إصابته بالجلطة، «أجريت لي جراحة استئصال وريد من اليد اليسرى بسبب الجلطة، وهو ما جعلني أصيب بآلام أخرى». لا ينفك أبو خالد يشعر بالعجز وقلة الحيلة، خصوصاً في ما يتعلق بسعادة أبنائه الخمسة، «لا أستطيع تقبيلهم أو القرب منهم بسبب الأمراض التي أنهكتني، فأنا حريص جداً في التعامل معهم خوفاً من أن ينتقل الفيروس إليهم، ولا أعلم كيف أستطيع أن أنقذ أفراد أسرتي من المرض»، مؤكداً بأن مستقبل أبنائه بات هو شغله الشاغل. ويلفت أبو خالد إلى الديون التي تراكمت عليه جراء رحلاته العلاجية المتواصلة، «أتمنى أن يقف المسؤولون في وزارة الصحة معي في معاناتي، وأن يعملوا سريعاً على علاجي من الفشل الكلوي، إضافة إلى أنني ما زلت أنتظر وقفة من الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير لسداد الديون التي أثقلت كاهلي».