انعكس التلاقي بين واشنطن وتل أبيب في قراءة التهديدات الإقليمية بوضوح أمس، من خلال تحذيرات متوازية من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، من خطر وصول أسلحة متطورة إلى «حزب الله»، إذ استهدفت كلينتون سورية في تصريحاتها وحذرتها «من قرارات استفزازية... قد تجرّ المنطقة إلى حرب»، فيما حمّل باراك لبنان وحكومته «مسؤولية أي زعزعة للاستقرار». وشددت كلينتون في خطاب أمام مؤتمر اللوبي اليهودي «اللجنة الأميركية - اليهودية» على أهمية تطرق المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى «جميع قضايا الحل النهائي». وجددت التزام إدارة الرئيس باراك أوباما «العمل على تحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب وإقامة دولة فلسطينية مستقلة»، معتبرة أنه «من دون تحقيق السلام الشامل، فإن الشرق الأوسط لن يرتقي إلى تطلعاته، كما أن إسرائيل لن تكون آمنة في شكل حقيقي على الإطلاق». وعشية توجه ميتشيل إلى المنطقة لتسهيل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، قالت كلينتون إن المفاوضات «تشكل السبيل الوحيد نحو تحقيق حل الدولتين»، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة ستبذل ما في وسعها لدعم هذه المفاوضات. وأكدت أن الإدارة تعمل «على مدار الساعة» للمضي قدماً في المحادثات غير المباشرة، معربة عن أملها في أن تضع هذه المحادثات الأساس لاستئناف مفاوضات مباشرة تتناول «جميع قضايا الوضع النهائي» في أسرع وقت ممكن. وأكدت أن «الفلسطينيين ينبغي أن تكون لهم دولتهم، وينبغي أن يكونوا قادرين على السفر وممارسة الأعمال وحكم أنفسهم بأنفسهم والتمتع بكرامة الشعب صاحب السيادة». ورأت أنه «عبر مفاوضات بنيات طيبة، سيكون في وسع الطرفين التوافق على نتائج تضع حداً للصراع وتحقق الهدف الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة قابلة للحياة على حدود عام 1967 وبمبادلات متفق عليها مسبقاً (للأراضي)، فضلاً عن تحقيق هدف إسرائيل بوجود دولة يهودية ذات حدود آمنة معترف بها تعكس التطورات اللاحقة وتحقق متطلبات الأمن الإسرائيلي». وأشارت إلى أن الولاياتالمتحدة «تقر بأن القدس تظل قضية مهمة للغاية للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، ولليهود والمسلمين والمسيحيين»، معربة عن اعتقادها أن «الجانبين بإمكانهما التوافق عبر المفاوضات على نتيجة تحقق تطلعاتهما بالنسبة إلى القدس وتحفظ وضعها للشعوب حول العالم». ودعت العرب إلى «مد اليد للشعب الإسرائيلي لإنهاء العزلة الإقليمية لإسرائيل». واعتبرت أن «الدول العربية لها مصلحة في ان تكون المنطقة مستقرة وآمنة، وينبغي لها أن تتخذ خطوات محددة تظهر للإسرائيليين والفلسطينيين وشعوبها أن السلام ممكن، وأنه ستكون هناك فوائد ملموسة إذا تحقق». وأضافت: «نأمل في أن نرى خطوات ملموسة (مع إسرائيل)، مثل فتح أو إعادة فتح مكاتب التمثيل التجاري وأقسام رعاية المصالح وحقوق الطيران والطرق البريدية ومزيد من المبادلات بين الأفراد بما يبني الثقة على مستوى القواعد الشعبية». لكن كلينتون أقرت أن هذه الخطوات «لن تتحقق من دون أداء إسرائيل دورها عبر احترام التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني ووقف النشاط الاستيطاني ومراعاة الحاجات الإنسانية في غزة ودعم جهود بناء المؤسسات في السلطة الفلسطينية». وحضت الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على تجنب إطلاق التصريحات والأفعال الأحادية الجانب التي من شأنها تقويض الثقة أو التأثير في نتائج المفاوضات. وحذرت من «خطورة إمداد الجماعات الإرهابية مثل حركة حماس وحزب الله بالأسلحة»، داعية إلى تقديم الدعم بدل ذلك للسلطة الفلسطينية. وقالت إن إدارة أوباما «ستواصل الدفع باتجاه تحقيق السلام والتزام الشراكة من أجله»، مشيرة إلى أن «واشنطن ليس في إمكانها فرض حل، بل على الأطراف أنفسهم التفاوض والتقارب وحل هذا الصراع». وتطرقت كلينتون إلى التهديدات الإقليمية التي أجملتها بالعلاقة بين إيران وسورية وقضية تزويد «حزب الله» بالأسلحة والصواريخ، وقالت: «عرضنا بقوة الأخطار الكبيرة الناتجة عن نقل سورية أسلحة إلى حزب الله، خصوصاً الصواريخ بعيدة المدى... هذا يهدد أمن إسرائيل ويزعزع استقرار المنطقة في شكل كبير». وأكدت أن الإدارة «لا تقبل بهذا الاستفزاز والسلوك المزعزع للاستقرار». وقالت إن الرئيس بشار الأسد «يتخذ قرارات قد تعني الحرب أو السلام في المنطقة». وكررت تبرير مساعدها جيفري فيلتمان أمام الكونغرس إرسال سفير إلى سورية، معتبرة أن الأسد «ينصت إلى إيران وحزب الله وحماس، ومن ثم فإنه من المهم أن يستمع أيضاً إلى رأي الولاياتالمتحدة لتكون عواقب أفعاله واضحة»، مشيرة إلى أن واشنطن «قررت إرسال سفير لهذا الغرض وليس لأي غرض آخر». ورأت أن طهران «لديها طموحات نووية عدائية»، مشيرة إلى أنها «تواصل تهديد إسرائيل وتزعزع الاستقرار في المنطقة وتقوم برعاية الإرهاب». وحذرتها من «عزلة متزايدة وعواقب مؤلمة». وقالت إن الجهود الأميركية «أسفرت عن تحقيق إجماع دولي متزايد على الحاجة إلى ممارسة الضغوط على القيادة الإيرانية لتغيير سلوكها»، لافتة إلى أن «الولاياتالمتحدة تعمل حالياً مع شركائها في الأممالمتحدة لصوغ عقوبات قاسية جديدة بحق إيران». غير أنها أضافت أن واشنطن «ملتزمة الاستمرار في المسار الديبلوماسي، لكنها لن تتنازل عن التزامها منعَ إيران من تطوير أسلحة نووية». وفي موازاة هذا التشدد في اللهجة حيال سورية وإيران، ألقى وزير الدفاع الإسرائيلي خطاباً أمام اللجنة ألمح فيه إلى ضرورة «محاسبة» لبنان إذا تدهور الوضع في المنطقة، مكرراً تنديده بتسليم «حزب الله» أسلحة. وقال: «ليكن واضحاً أننا سنحمّل حكومة لبنان، وخلفها الحكومة السورية، مسؤولية ما يحصل الآن في لبنان. وستكون الحكومة اللبنانية الطرف الذي ينبغي محاسبته إذا تدهور الوضع»، معتبراً أن «تسليم أنظمة تسلح يخل بتوازن القوى» في لبنان. وأضاف أن إسرائيل ترى «سحباً كثيفة تلوح في الأفق، حماس في الجنوب وحزب الله في الشمال وبالطبع إيران».