لم تتجاوز المدة التي عملت فيها نورة في تخصصها الصيدلة، سوى 90 دقيقة، إذ طوقت دوريات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الصيدلية التي جربت العمل فيها، واقتادتها وقريبها، الذي يملك الصيدلية، ولم يخرجا من مقر الهيئة إلا بعد أن وقعا تعهداً، بعدم تكرار ذلك. وعلى رغم توجه وزارة الصحة إلى «سعودة» وظائف الصيدلة في مرافقها، وأيضاً في منشآت القطاع الخاص، إلا إن حلم العمل في صيدلية خاصة يبدو بعيد المنال، وبخاصة للفتيات. وبعد أشهر من وقوع هذه الحادثة، قررت نورة، أن تصرف النظر عن العمل في صيدلية خاصة. فيما أجبرتها الردود التي تلقتها من فرع وزارة الخدمة المدنية، على صرف النظر عن العمل في وظيفة حكومية، «لعدم وجود وظائف»، كما قيل لها. لكن نورة وأخريات ممن تخرجن من كليات الصيدلة في جامعات سعودية وأجنبية، قررن اللجوء إلى ممارسة الصيدلة «إلكترونياً»، بوضع تصنيفات للأدوية، وبيع بعضها على المرضى، وإرشادهم إلى طرق الاستخدام. وتدور الخدمات الإلكترونية التي تقدم حول أنواع الأدوية، وتقديم وصفات بحسب الحالة المرضية. وتقول الصيدلانية نورة جبر ل «الحياة»: «إن فريق العمل الإلكتروني، يهدف إلى رفع مستوى التثقيف الدوائي، وأيضاً العمل ضمن تخصص الصيدلة وعلم الأدوية، بعد أن أوصدت الأبواب في وجوهنا». وتشير زميلتها نورة إلى «رفض المجتمع ونظرة الرجل إلى المرأة، ونظرتها هي إلى بنات جنسها، كلها كانت معوقات في عمل المرأة في الصيدليات الخاصة». وتستعيد نورة، تجربتها القصيرة قائلة: «حين كنت وراء الكاونتر، أقدم الإرشادات، وأتعرف على حال المرضى، كنت أتلقى نظرات مُستغربة، وبعضها مُستنكرة»، مضيفة «أعمل حالياً إلكترونياً، وكأنني أعمل في صيدلية حقيقية، إذ أقدم الوعي والإرشاد، وأتواصل مع طلبة صيدلة من شتى أنحاء العالم. كما توصلت إلى معلومات حديثة ومتطورة في علم الصيدلة. وعملت كمرشدة في علم الأدوية لدى شركة كبرى». وعلى رغم أن عدد من المستشفيات، تقوم بتعيين صيدلانيات. إلا أن العمل في الصيدليات الخارجية لا يزال يلقى نوعاً من المعارضة. وتقول المشرفة في صيدلة مستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر غادة إبراهيم: «إن تعييننا جاء عبر وزارة الخدمة المدنية. أما محاولات العمل في صيدليات القطاع الخاص، فيبدو مستحيلاً». وحول العمل الإلكتروني الذي مارسته فتيات سعوديات متخصصات في علم الصيدلة، قالت: «إنهن يلاحقن ركب التطور، ولا يقفن عند الحواجز»، مضيفة إن «إحدى صديقاتي تدرس في أميركا، وهي تجري حالياً، بحثاً عن أسباب الرفض المجتمعي لعمل الصيدلانية. وستطرح عدداً من المحاور، التي أطلعتني عليها، منها تفضيل الصيدلانيات الأجنبيات على السعوديات. وهنا أعتقد أن مسألة الكشف عن الوجه هي السبب. كما ستبحث مسألة رفض السعوديات في صيدليات خارج نطاق المستشفيات. وستركز أيضاً على الاختبار الذي يجري للطالبات المُرشحات إلى العمل».