نشرت «الحياة» أمس مقالاً توضيحياً مهماً للأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض، شرح فيه صفة «الوهابية»، وعلاقتها بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التي تبناها الإمام محمد بن سعود، مؤسس الدولة السعودية الأولى، وصنع منها ثنائية الشيخ والأمير، وشكلت لاحقاً شرعية الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة. والفكرة التي حاول الأمير سلمان تكريسها في مقاله هي، ان دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لم تأتِ بجديد وانها حركة صححت ما شاب عقيدة التوحيد واحترام العقل، وحاربت انتشار البدع والخرافات. الفكرة التي عبر عنها الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مقاله، ليست جديدة منه، وهو اهتم بهذه الفكرة منذ وقت طويل، وعلى رغم ان بعض المؤرخين استخدم صفة «الوهابية» استناداً الى قاعدة «خطأ شائع أفضل من صحيح مجهول»، إلا ان الأمير سلمان لم يكن يقبل هذا العذر، حتى من أولئك الذين يعرف نبل مقاصدهم وإعجابهم بالدور التنويري والحضاري الذي لعبته حركة الشيخ في العالم الإسلامي، فضلاً عن ان المتابع لهذه الإشكالية سيدرك ان حساسية الأمير سلمان من اختصار حركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كلمة «الوهابية» كان في مكانه، فهذه الكلمة أصبحت مع الوقت تستدعي معاني تتناقض تماماً مع ما حققته هذه الحركة وما قامت عليه، وصولاً الى تشويه صورة المملكة العربية السعودية. لا شك في أن صفة «الوهابية» اصبحت تستخدم كشتيمة في بعض الخطاب السياسي والإعلامي الغربي والعربي، وبلغ التحريض على حركة «الشيخ والأمير» ذروته بعد أحداث 11/ 9، ولم يكتفِ خصوم هذه الحركة بمحاسبتها بأخطاء بعض الأشخاص وعادات وتقاليد بعض المناطق، بل جعلوها مسؤولة حتى عن الإرهاب الذي يجتاح العالم، على رغم أن هذه الحركة لم تعرف التثوير والتمرد، ولم يلعب أصحابها دور المعارضة يوماً، وهي نشأت وكبرت في كنف أمير وصانع دولة، وأنتجت دولة ملكية مستقرة. ربما كانت عنيفة في بدايتها، وهذه صفة اتسمت بها جميع الحركات المشابهة في التاريخ، لكننا نتحدث اليوم عن حركة ناضجة، عمرها قرابة ثلاثة قرون، ولهذا فإن قلق الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مكانه، ولعل مقال سلمان بن عبدالعزيز يصبح مناسبة لفتح هذا الملف، والحديث عن حركة الشيخ بروح منفتحة تقبل النقد، مثلما تنفر من التجني والكراهية.