{ كشف رئيس مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية الدكتور سامر الأشقر، أن المركز أنشأ وطور تصميماً أنموذجاً للطاقة متعددة القطاعات، وأضاف قطاعات جديدة تعمل مدخلات إضافية للنموذج مثل التنقيب والإنتاج والتكرير والمواد الكيماوية والطاقة والماء. مؤكداً الانتهاء من التصميم الأولي خلال سبعة أشهر فقط من العمل البحثي، باستخدام تقنيات جديدة وغير مألوفة. وبيّن الأشقر في حوار مع «الحياة» أن المركز يعكف حالياً على مشروع بحثي آخر، وهو عملية تصميم أنموذج رياضي لقياس مدى فعالية الانتقال إلى مصادر أخرى للطاقة، (التحول لاستخدام الطاقة الشمسية محلياً) وإمكان تحقيق هذه النقلة بشكل سريع وبكلفة اقتصادية تدعم القطاع المحلي، ومن ثم زيادة المنفعة الاجتماعية والحد من العبء الاقتصادي. وأكد المهندس سامر أن نتائج البحوث التي يجريها المركز لن تبقى نظرية، بل سيُعمل على تفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع، من خلال الشركات العديدة التي عقدها المركز. ما طبيعة الأبحاث التي بدأ المركز بإجرائها فعلاً ومجالاتها؟ - بدأ مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، جملة من المشاريع البحثية شملت إعادة التعريف بمفاهيم قديمة مثل كثافة الطاقة والإنتاجية، وكذلك طرح مفاهيم جديدة مثل الطاقة المتمثلة بالتبادل التجاري والخدمات. وتناقش هذه المفاهيم من المنظور المحلي والعالمي مع تضمينات مهمة حول تطور الحوار العالمي بشأن مواضيع من بينها التجارة العالمية وانبعاثات الكربون. كما أنشأ المركز وطور تصميماً أنموذجاً للطاقة متعدد القطاعات، وأضاف قطاعات جديدة تعمل مدخلات إضافية للأنموذج مثل التنقيب والإنتاج والتكرير والمواد الكيماوية والطاقة والماء. وقد انتهي من التصميم الأولي في غضون سبعة أشهر فقط من العمل البحثي، باستخدام تقنيات جديدة وغير مألوفة. كما يتولى مشروع بحثي آخر عملية تصميم أنموذج رياضي لقياس مدى فاعلية الانتقال إلى مصادر أخرى للطاقة، (التحول لاستخدام الطاقة الشمسية محلياً) وإمكان تحقيق هذه النقلة بشكل سريع وبكلفة اقتصادية تدعم القطاع المحلي، ومن ثم زيادة المنفعة الاجتماعية والحد من العبء الاقتصادي. كما أن هناك مشاريع بحثية أخرى تبحث في إستراتيجيات وسياسات الطاقة في دول أخرى، مثل مشروع تطوير أنموذج الطاقة بالصين، ويهدف هذا المشروع البحثي إلى تمكين المستفيد من الأنموذج من تجربة خيارات عدة ومن ثم اقتراح سياسات تتعلق باستراتيجيات الطاقة. ويعد مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية استثماراً مهماً لدعم برامج الأبحاث بالمملكة ورافداً لمسيرة التنمية، إذ يهدف إلى توفير المعرفة لتعزيز فهم الاستخدام الفعال لمصادر الطاقة وطرح حلول وخيارات لدعم قرارات ومشاريع الطاقة واقتصادياتها؛ لتحقيق الرخاء للمملكة والعالم. وللحفاظ على موثوقية أبحاثه محلياً ودولياً، يطبق المركز منهجاً بحثياً موضوعياً ومستقلاً يستند إلى حقائق ومعلومات موثقة. ويهدف المركز إلى توفير الشفافية بشأن منهجية إجراء الأبحاث ونشر نتائجها، وكذلك إتاحة البيانات المستخدمة في المشاريع البحثية. كيف تستقطبون الكفاءات البحثية العالمية وتوظفونها في المركز بجانب الكفاءات السعودية البحثية والإدارية؟ - في الواقع، بدأ المركز في عام 2012 بحوالى 10 موظفين فقط، وفي نهاية عام 2015 بلغ عدد العاملين 107 موظفين، منهم 60 باحثاً في مجالات وتخصصات متعددة، يمثلون 17 جنسية، يمثل السعوديون منهم 45 في المئة، كما يبلغ العنصر النسائي 29 في المئة من العاملين. ويضم المركز أكبر عدد من الباحثين في مجال الطاقة يعملون في مكان واحد. ونطمح أن يصل العدد إلى 140 موظفاً بينهم 80 باحثاً بنهاية 2016، وقد حرص المركز على استقطاب باحثين ذوي خلفيات في الاقتصاد والهندسة والعوم وإدارة الأعمال، والمال والعلاقات الدولية، وعلوم الكومبيوتر وعلم الاجتماع، وسيكون هؤلاء المهنيون في المقدمة لدراسة وتقييم وفهم أهم قضايا اقتصادات الطاقة وتقنياتها وسياساتها والتغيرات في استراتيجيات إمداد واستهلاك الطاقة حول العالم. وسيعكف الخبراء بالمركز على مواكبة الابتكارات العلمية في هذا المجال والاستفادة من مخرجاتها في برامج بحثية تدعم مسيرة التنمية الوطنية. ما برامج الأبحاث في المركز ومجالات البحث؟ - ترتكز المشاريع البحثية بالمركز على ستة مجالات أساسية للأبحاث وهي: إدارة موارد الطاقة، موارد الطاقة واقتصاداتها، تأثيرات السياسات الاقتصادية في مجال الطاقة، إنتاجية الطاقة، تحولات الطاقة، استهلاكيات الطاقة. أما مجالات البحث فهي تخصيص موارد الطاقة في الاقتصاد، تدفق الطاقة وآثار السوق، الآثار الجانبية من خيارات استراتيجيات الطاقة، إنتاجية الطاقة، وسائل النقل أنواعها ووقودها وتقنياتها، وأخيراً تحول مصادر الطاقة. ونهدف في المركز إلى تفعيل نتائج هذه الأبحاث وتطبيقها وعدم الاكتفاء بنشرها، ولتحقيق ذلك، عقد المركز شراكات تعاون بحثية استراتيجية مع قطاعات داخل المملكة وخارجها، تمثل ذلك بوزارات وجهات حكومية عدة، يمكنها الاستفادة من مخرجات هذه الأبحاث في قطاعات متعددة مثل الكهرباء والماء والبيئة والاقتصاد. ماذا عن ورش العمل في المركز وأهم النقاشات التي تدور فيها؟ - ورش العمل بالمركز تجري بنظام مبتكر ومبسط، حيث يستضيف المركز خبراء وأكاديميين ومسؤولي قطاعات عامة وخاصة من المملكة والخليج والعالم؛ للتباحث في موضوع المشروع البحثي. وقد أثبتت هذه الورش فعاليتها الكبيرة، إذ أصبحت ملتقى لتبادل الخبرات ونقل المعرفة. كما أن ورش العمل دعمت بشكل مباشر التواصل بين المشاركين بها ونتج منها استفادة كبيرة على مستوى القطاعات المحلية والإقليمية والعالمية. ولأن كل مشروع بحثي يتضمن سلسلة من ورش العمل تمتد إلى نهاية المشروع فقد أبدت قطاعات عدة رغبتها في المشاركة بالمشاريع البحثية؛ لتحقيق الفائدة من التنوع المعرفي فيها، كما نتج منها شراكات بحثية بين المشاركين بها. 50 بحثاً علمياً ينجزها المركز يعتمد مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية قاعدة «لا تفعل شيئاً لوحدك»، سعياً منه لتجنب التكرار، وإكمال المشاريع البحثية الماضية سواءً التي تقوم بها جهات حكومية أم جامعات سعودية. وبحسب مسؤولي المركز فإن هنالك تعاون أكاديمي مع مختلف الجامعات السعودية، ولا يقوم بأي أبحاث جديدة بمعزل عن الجهات البحثية والأكاديمية والحكومية في المملكة لإحداث انسجام تام بين مختلف الأطراف. ويهدف المركز إلى استيعاب التحديات والفرص في مجال الطاقة على النطاقين المحلي والعالمي، من خلال بحوث متخصصة ودقيقة يهدف من خلالها إلى خلق منصة للحوار الدائم مع صناع القرار ومتلقيها والمستفيدين منها، وإيجاد قيمة معرفية مستقبلية مزدهرة تنعكس بفائدة كبيرة على المجتمعات. ويرمي إلى تكوين أطر بحثية تعنى بكفاءة اقتصاديات الطاقة المستدامة، وذلك من خلال التعرف على أقل كلفة ناتجة عن دورة توفير الطاقة، وأعلى قيمة تم إنشاؤها من خلال منافذ الطاقة، إضافة إلى فهم الآثار المقصودة وغير المقصودة لسياسة الطاقة. وأنجز المركز نحو 50 بحثاً في مجالات عدة خلال فترة وجيزة منذ تأسيسه في 2012، كما يعمل حالياً على بحوث ودراسات مختلفة بالتعاون والتنسيق مع جهات بحثية وأكاديمية سعودية. ومن أبرز برامج الأبحاث الجغرافيا البشرية للطاقة، إنتاجية وتحول مصادر الطاقة، أسواق الطاقة والوقود والمواد الأولية، اقتصاديات ونظم الطاقة. وتتركز مجالات البحث في تخصيص موارد الطاقة في الاقتصاد، تدفق الطاقة وآثار السوق، الآثار الجانبية من خيارات استراتيجيات الطاقة، إنتاجية الطاقة، وسائل النقل: أنواعه ووقوده وتقنيته، وتحول مصادر الطاقة. وأجرى المركز عدداً من ورش العمل لمواضيع عدة من أهمها: دوافع اقتناء المركبات، دراسة أنظمة الطاقة، سوق الغاز، أسواق الوقود، سوق الفحم الحجري، أسواق النفط، المكون السكاني والطاقة، الطاقة والتكنولوجيا الانتقالية، نماذج المساومة، الطاقة في الصين، إنتاجية الطاقة (عالمياً وفي دول الخليج)، الطاقة في أفريقيا الشرقية (مصادرها، أنظمتها، تطويرها)، دراسة اقتصاديات أسواق الطاقة، والمياه والطاقة. «تحفة» صممتها المهندسة الأشهر زها حديد يعد مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية تحفة معمارية فريدة تحتضنها العاصمة السعودية الرياض، كأول مركز مستقل غير ربحي ومتخصص في دراسة جميع أنواع الطاقة وما يتعلق بها من اقتصادات وسياسات وتقنيات. صممت المركز المهندسة العالمية الأشهر (عراقية الأصل) زها حديد، التي اشتهرت أن 50 في المئة من تصاميمها غير قابلة للتنفيذ لدقتها وحرفيتها وأسلوبها المبتكر. ويعتبر المركز أعقد سادس مبنى في العالم. تقول حديد عن هذه الجزئية: «طوال 20 عاماً أسمع عبارة أن هذا التصميم لا ينفذ، أما اليوم لم أعد أسمعها». تفتخر حديد بتصميم مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، إضافة إلى محطة قطار الرياض، وتقول أنها ترغب في تقديم المزيد من التصاميم للعالم العربي الذي يمثل لها الجذور والمنشأ. وتضيف «التاريخ مصنوع من طبقات عدة، التباين جميل، الناس الذين عاشوا قبلنا لم يقلدوا أسلافهم وقاموا ببعض الاختراعات وأضافوها على ثقافتهم». والمهندسة زها حديد هي ابنة وزير المالية العراقي الأسبق محمد حديد، ولدت وترعرت في بغداد، واستهوتها الهندسة وحب التصاميم وهي في سن السادسة بحسب تعبيرها. درست زها حديد في الجامعة الأميركية في بيروت ثم التحقت بكلية الهندسة المعمارية في لندن، وبعد تخرجها عملت معيدة في كلية العمارة في لندن، وأستاذة زائرة في عدد من الجامعات العالمية المرموقة، مثل هارفارد وغيرها. وقامت شركة أرامكو السعودية بتأسيس المركز وإنشاء البنية التحتية وفقاً لأفضل المعايير الدولية، بما في ذلك بناء أحياء سكنية عالية الطراز، وإنشاء المرافق، وتدشين نظام لتوليد الطاقة الشمسية، وإنشاء مكاتب حديثة، ومجمّع بحوث. ومُنح مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية أخيراً شهادة (الريادة في التصاميم المحافظة على الطاقة والصديقة للبيئة) عن الحي السكني التابع له، وهو الأول من نوعه خارج أميركا الشمالية والأول من نوعه من حيث الحجم. كما قامت «أرامكو السعودية» بتأسيس عدد من أنظمة المركز مثل الأمن وتقنية المعلومات. وتم تأسيس وإنشاء مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية بطاقم من الخبراء من «أرامكو السعودية».