يعود الجدل من جديد حول شخصية حنين الزعبي، النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، والتي لطالما اتهمتها قيادات إسرائيلية بإثارة العنف، وطالبت بتقييد صلاحياتها ولجم تصريحاتها. وطالب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان أخيراً، بمحاكمتها بتهمة «التهديد والتحريض على العنف العنصري». دعوات ليبرمان، جاءت عقب تصريحات للزعبي طالبت فيها بمحاكمة عناصر «الوحدة العسكرية الإسرائيلية الخاصة» (اليمام)، وذلك لقتلها الشاب نشأت ملحم من قرية عرعرة داخل الخط الأخضر، في 8 كانون الثاني (يناير) الجاري، موضحة أن «إطلاق النار الذي أدى إلى مقتل ملحم كان اغتيالاً، وكان بإمكان الوحدة (اليمام) اعتقاله بدلاً من قتله»، وكان ملحم قتل إسرائيليَيْن في شارع «ديزنكوف» في تل أبيب. والزعبي (47 عاماً) ولدت في مدينة الناصرة، وحصلت على شهادة في علم النفس والفلسفة من جامعة «حيفا»، ونالت الماجستير في الإعلام من الجامعة «العبرية» في القدس، وحاضرت في عدد من كليات الإعلام منها «أورانيم» و«عبلين». وأسست وأدارت «المركز الإعلامي للفلسطينيين العرب» في إسرائيل بين العامين 2003 و2008، وترأست «جمعية الثقافة العربية» منذ العام 1998، وشاركت في تأسيس «اتحاد المرأة التقدمي»، إضافة إلى عضويتها الناشطة في حزب «التجمع الوطني الديموقراطي». حصلت الزعبي في انتخابات العام 2009 البرلمانية الإسرائيلية، على المركز الثاني في قائمة «حزب التجمع» الذي ترشحت ضمن قوائمه، وتبوأت مقعداً في «الكنيست» لتكون العربية الثالثة التي تدخل البرلمان الإسرائيلي بعد النائبين حسنية جبارة عن حزب «ميرتس»، وناديا الحلو عن حزب «العمل» الإسرائيليين. وتصريحات الزعبي الأخيرة، سبقتها موجة من الصراع مع الإسرائيليين، فانتقدت مراراً ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ورفضت في العام 2014 اعتبار المقاومين الفلسطينيين، الذين خطفوا ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربيةالمحتلة «إرهابيين»، ما أثار موجة من الغضب ضدها. وكان من أبرز الصدامات بينها وبين الإسرائيليين منذ 6 أعوام لغاية اليوم، في العام 2009 وأثناء مراسم أداء اليمين الدستوري في «الكنيست» إذ غادرت الزعبي القاعة قبل إلقاء النشيد الوطني لدولة إسرائيل «هتكفا»، موضحة أن «النشيد لا يمثلها وأنها تفضل المغادرة على هذا النفاق». وترفض الزعبي ومن ورائها حزب «التجمع» فكرة يهودية دولة إسرائيل، وترفض يمين الولاء لها، واصفة إياها ب«العنصرية» و«غير الشرعية» و«اللاأخلاقية»، إضافة إلى رفضها الشديد لفرض مشروع الخدمة المدنية الحكومي على فلسطيني 48، واصفة إياه ب«إعلان حرب على الجماهير العربية». وفي العام 2010، شاركت الزعبي عن حزب «التجمع» ضمن إرسالية «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بإسرائيل» في «أسطول الحرية» لفك الحصار عن قطاع غزة، ووصفت اقتحام إسرائيل سفينة «مرمرة» التركية حينها ب«القرصنة»، وعليه شُنّت حملات إسرائيلية شرسة ضدها من قبل أعضاء اليمين في «الكنيست»، ووصفوها ب«الخائنة». وطالب وزير الداخلية الإسرائيلي السابق إيلي يشاي، النائب العام الإسرائيلي بتجريدها من جنسيتها الإسرائيلية وحصانتها البرلمانية، وتقديمها للمحاكمة تحت ذريعة «خيانة الدولة»، ونجحوا في تجريدها من بعض الحقوق والامتيازات البرلمانية مثل ضمان الحصول على التمويل للدفاع عن نفسها أمام القانون، وكذلك سحب جواز سفرها الديبلوماسي. وفي العام 2011، منعت «لجنة الانتخابات المركزية» الإسرائيلية الزعبي من الترشح للانتخابات، في أعقاب مطالبة أحزاب يمينية في «الكنيست» بطردها من البرلمان، لاتهامها ب«إضفاء صبغة الشرعية على التنظيمات الإرهابية، وتأييدها الكفاح المسلح ضد إسرائيل»، إلا أن قرار المنع ألغي من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا. وفي تموز (يوليو) 2014، وخلال وقفة خارج محكمة الصلح في مدينة الناصرة، احتجاجاً على اعتقال ومحاكمة فلسطينيين من الداخل نددوا بحرق وقتل محمد أبو خضير على يد متطرفين يهود، وصفت الزعبي عناصر شرطة عرب يخدمون ضمن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ب«الخائنين» لشعبهم، ما فتح نار السياسيين الإسرائيليين عليها مجدداً، ووصفوها ب«الداعية» إلى العنف ضد رجال الشرطة، ما خلق لها أزمة سياسية، أعقبها إبرام صفقة بينها وبين الإدعاء الإسرائيلي، تسقط بموجبها تهمة التحريض عنها وتعتذر عن تصريحاتها مقابل توجيه تهمة «إهانة موظف حكومي» ودفع غرامة مالية وسحب حصانتها البرلمانية. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، أجلت وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة تسيفي ليفني في التماس، نقاشاً في «الكنيست» للمرة الثانية حول مشروع قانون أساس مثير للجدل عرف بمشروع «قانون الزعبي»، ما أثار حفيظة حزب «إسرائيل بيتنا» الراعي لمشروع القانون، الذي يتيح تنحية أي عضو في «الكنيست» من منصبه، إذا أبدى دعمه لتنظيمات تصفها إسرائيل بالإرهابية. واعتبرت الزعبي أن مشروع القانون «تجريم لنضال الشعب الفلسطيني الشرعي، وتجريم لدعمها هذا النضال»، وأنه «بمحاولة تشريع هذا القانون، فإن (الكنيست) تحول إلى محكمة». وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، انتقد سياسيون من حزب «الليكود»، الزعبي بشدة على خطاب، خلال مراسم لإحياء ذكرى «المحرقة اليهودية» (الهولوكوست) في العاصمة الهولندية أمستردام، خصوصاً لدى مقارنتها بين إبادة النازيين لليهود والسياسات الإسرائيلية الحالية تجاه الفلسطينيين والعرب في إسرائيل، ليأتي بعدها قرار بالغالبية من «لجنة الانتخابات المركزية» الإسرائيلية يحرم النائب الزعبي من الترشح في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في آذار (مارس) 2015، والذي وصفته الزعبي ب«الظالم والعنصري». ولم تقف الهجمات ضد الزعبي عند السياسيين في إسرائيل، بل وصلت إلى الفنانين أيضاً، فمغني الحفلات الإسرائيلي رون ليشيم وصف النائب الزعبي بعبارات «لا إنسانية» خلال حفلة في بئر السبع مساء الجمعة الماضي، ليتلقى التصفيق والهتاف من الجمهور، وفقاً لتسجيل مسرب بثته إذاعة الجيش الأحد الماضي. ولم تتفاجأ الزعبي من الحادث، بل وصفته بأنه «يعكس الهوية الإسرائيلية قائلة: عندما تستمر الدولة في ابتزاز الولاء من الفلسطيني الأصلي، وبينما تلاحق وتقتل أبناء شعبه، هنا يبدأ هذا، ويصل إلى الثقافة العامة، إلى أعمق ثقافة في العقل الإسرائيلي»، مضيفة: «أن تكون إسرائيلياً يعني أن تكره الفلسطينيين، أن تملك القوة يعني أن تلاحق الفلسطينيين، وأسهل هدف للكراهية والملاحقة هي حنين الزعبي». وكانت الزعبي تعرضت في آذار (مارس) الماضي، لاعتداء من قبل أحد ناشطي اليمين المتطرف الذي سكب عليها زجاجة عصير بعدما شتمها وهددها وطالبها بالرحيل إلى غزة، ووقع الحادث قبيل بدء مناظرة داخل كلية «رمات غان» للحقوق بالقرب من تل أبيب.