و«شهد شاهد من أهلها». هكذا يكون الأمر مصدّقاً أكثر. عندما يأتي النقد من الداخل، غالباً ما يكون «أصدق». في الحلقة الثانية من تحقيق «الحياة» عن سلبيات نظام التقويم المستمر وإيجابياته، تسابق المعلمون والمعلمات سواء كانوا في الصفوف الأولية ممن يمارسون «التقويم المستمر» على تلاميذهم، أو أولئك الذين يستقبلون هؤلاء التلاميذ في المرحلة المتوسطة، على مهاجمة النظام وآلياته وأساليبه. واتهم المعلمون معلمين مثلهم، زملاء لهم، وانتقدوا النظام وأسلوب التعامل وإدارات المدارس، مؤكدين أن ثمة قصوراً في فهم النظام وتنفيذه، فضلاً عن الثغرات التي أتاحت لمعلمين استغلال هذه الثغرات ليسلكوا طريق الكسل والخمول، ويخالفوا ضمائرهم، فالرقابة عليهم - بحسب معلمين - ليست دقيقة. في حين يرى بعضهم أن المعلم ظُلِم بعدم تجهيز الوسائل التعليمية الكافية، إلى جانب ضخامة أعداد الطلاب الذين يجب على المعلم تدريسهم المهارات. ونحى آخرون منحى آخر، عندما أكدوا أن النظام دمر مستوى الطلاب، وجعلهم غير مبالين، فلم يعودوا يكترثون بالمؤسسة التعليمية أو يحترمونها، طالما أضحى النجاح «مضموناً». ومع أن بعض المعلمين والتربويين يؤيدون إلغاء الاختبارات، إلا أنهم لا يجدون في نظام التقويم المستمر بديلاً ناجعاً يعوض الطالب عن افتقاده إجبارية المذاكرة في الاختبارات، وهو ما أضعف الشعور بالمسؤولية لدى الطالب. أحد معلمي اللغة العربية قال منتقداً زملاءه وتقصيرهم في أداء واجبهم «المقدس»، لو كان أحمد شوقي حيّاً بيننا، لحوّر أبيات قصيدته الشهيرة عن المعلم، فانطبق على المعلم «أضحى المعلم خاملاً وكسولاً».