لم يجد إبراهيم العمري مبرراً غير «البيروقراطية» والحظ العاثر ليعلق عليهما عجزه عن الحصول على جنسيته السعودية، خصوصاً أن أشقاءه التسعة من أم غير سعودية ولدوا خارج المملكة وحصلوا جميعهم على الجنسية السعودية. واعتقد العمري (23 عاماً) أن معاناته أوشكت على الانتهاء بعد أن حصل والده على إذن الزواج من الخارج، الذي مكّنه من تسجيل زواجه رسمياً لدى السلطات السعودية، واستطاع بعد ذلك الحصول على إذن (تذكرة عبور) لدخول السعودية. وقال العمري في حديثه إلى «الحياة»: «بعد وصولي إلى السعودية ومراجعة الجهات المعنية من أجل استخراج بطاقة الأحوال المدنية، أبلغني الموظف المسؤول بأن حصولي على الجنسية السعودية يحتاج إلى إجراءات مختلفة عن أشقائي التسعة الذين حصلوا على هويتهم السعودية من دون أي تعقيدات، لأني تجاوزت العمر القانوني بثلاثة أشهر». وأضاف: «على رغم ذلك كنت متفائلاً، خصوصاً أن الموظف أبدى تعاطفاً وتفهماً لكون تأخري في دخول السعودية كان بسبب تأخر حصولي على إذن العبور من السفارة السعودية في سورية، وتمسّكت بذاك الأمل في الأعوام الأولى، إلى أن أصبت باكتئاب حاد قبل نحو ثلاثة أعوام». ووصف العمري حياته في السعودية التي يعيش فيها منذ نحو 5 أعوام بالصعبة، فهو لا يستطيع الحصول على عمل لعدم حمله أي إثبات هوية، باستثناء ورقة العبور التي منحتها إياه السفارة عام 2004، وشهادة ميلاده. وتابع: «ليس العمل هو الأمر الوحيد الذي حرمني منه تأخر حصولي على جنسيتي السعودية، فبمجرد أن أمر بنقطة تفتيش ما، وأخبرهم بأني لا أحمل بطاقة أحوال، ورؤيتهم صور وثائق أحملها كصورة عن بطاقة والدي وورقة العبور، إضافة إلى عقد زواج والدي وشهادة ميلادي، أصبح محل اشتباه، وهو ما يجعلني لا أغادر مدينة عرعر التي أقطن فيها برفقة أسرتي إلا لمراجعة سير ملف طلبي للحصول على الجنسية، كما أحتاج إلى خطاب من الإمارة لصرف أبسط علاج قد أحتاجه، وهو ما يضطر أشقائي أحياناً إلى مراجعة الأطباء وادعاء ما أشعر به من ألم ما، ليمنحوني العلاج الذي يصرف لهم كونهم يحملون بطاقات أحوال مدنية». ولم يقتصر ادعاء أشقائه المرض لتمكينه من حقه في العلاج كمواطن سعودي على الأمراض البدنية فقط، إذ كشف العمري أن أحد أشقائه يكاد يصاب بمرض الاكتئاب الذي يعاني منه شخصياً لكثرة مراجعته طبيباً نفسياً وادعائه المرض لجلب أدوية الاكتئاب له. ورفض العمري خوض أي مساع للحصول على الجنسية السورية التي تنازلت عنها أيضاً والدته بعد حصولها على الجنسية السعودية، على رغم تأكيد بعض أقربائه من جهة والدته استعدادهم لمساعدته في الحصول عليها إذا رغب في ذلك، إلا أن العمري لم ينس والده من اللوم، وقال: «ألوم والدي في بعض الأحيان على ما أعيشه، خصوصاً حين نجتمع معاً برفقة أشقائي وشقيقاتي في مكان واحد، وأكون أنا الوحيد بينهم الذي لا يتمتع بأي من الحقوق التي يتمتعون بها كمواطنين، ليس ذلك فقط، إذ يملك المقيمون في السعودية حرية التنقل والعمل، بينما فشلت في الحصول على عمل ولو بألف ريال شهرياً، لعدم حصولي على إثبات شخصي، وللسبب نفسه ألازم المنزل معظم الوقت تجنباً للمشكلات، لكن في الوقت ذاته تصعب عليّ رؤية والدي وهو يحس بالذنب جراء ما أعانيه، فأنسى همي ساعتها وأحاول إخفاء ما أشعر به، إذ يصبح التخفيف عنه هو كل ما أسعى إليه». وعبّر العمري في نهاية حديثه إلى «الحياة» عن أمله بأن يتمكن من الحصول على جنسيته السعودية، ليعيش حياة كريمة، خصوصاً أنه لا يوجد نظاماً ما يمنعه من التمتع بجنسية والده. وحاولت «الحياة» الحصول على رد رسمي من إدارة الأحوال المدنية في الرياض على مدى شهر كامل، من دون التمكّن من الحصول على أي تجاوب أو رد حول قضية العمري، على رغم تجاوب «الحياة» مع طلبات الإدارة بخصوص إرسال أوراق معاملة العمري وأرقامها.