رحّب الرئيس المصري حسني مبارك ب «التفاعل والحراك المجتمعي» الذي تشهده بلاده في الآونة الأخيرة، غير أنه شدد على ضرورة ألا يتحول هذا الحراك إلى «مواجهة وتناحر». وتطرق مبارك في كلمة وجهها إلى الشعب المصري أمس عبر التلفزيون الرسمي لمناسبة الاحتفال بالذكرى 28 لتحرير سيناء، وهي الأولى منذ عودته من رحلته العلاجية في ألمانيا، إلى ما تشهده الساحة السياسية في مصر من حراك ومطالبات متزايدة بتعديل الدستور قبل الانتخابات البرلمانية العام الحالي والرئاسية العام المقبل، مؤكداً حرصه على نزاهة هذه الانتخابات، لكنه اعتبر أن «مستقبل الأوطان لا تصنعه الشعارات والمهاترات والمزايدة». وفي ما بدا أنه محاولة للتطمين بعد المخاوف التي سرت في أوساط المستثمرين أثناء مرضه، أكد مبارك أن المؤسسات «هي ضمان الاستقرار». وقال مبارك: «إن ما تشهده مصر اليوم في تفاعل نشط لقوى المجتمع، هو نتاج ما بادرت إليه منذ خمسة أعوام مضت (في إشارة إلى تعديله الدستور)، وهو دليل حيوية المصريين، وشاهد على ما يتمتعون به من مساحات غير مسبوقة لحرية الرأي والتعبير والصحافة». وأضاف: «أرحب بهذا التفاعل والحراك المجتمعي، طالما التزم بأحكام الدستور والقانون، وتوخّى سلامة القصد ومصالح الوطن (...) لا ينبغي أبداً أن يتحول هذا التفاعل والحراك النشط إلى مواجهة أو تناحر أو صراع، وعلينا جميعاً أن نحاذر من أن يتحول التنافس المطلوب في خدمة الوطن وأبنائه لمنزلقات تضع مستقبله ومستقبلهم في مهب الريح»، مشيراً إلى أن «مستقبل الأوطان لا تصنعه الشعارات والمهاترات والمزايدة، ومقدّرات الأمم والشعوب لا تتحقق بخطوات غير محسوبة العواقب، ونحن في مصر نمضي في الإصلاح السياسي واعين لظروف مجتمعنا ومحذرين من انتكاسات تعود بنا إلى الوراء». وأعرب عن ترحيبه بكل جهد وطني صادق يطرح الرؤى والحلول لقضايا ومشكلات المجتمع «ولا يقامر بأمنه واستقراره ومستقبله». وأكد أن مصر ماضية في طريقها «بمؤسسات راسخة هي ضمان الاستقرار». وعبر مبارك عن شكره وامتنانه لشعبه، إذ «كانت قلوبكم معي خلال علاجي في ألمانيا، وبعد عودتي لأرض الوطن». وقال مبارك: «لقد حررنا سيناء بالحرب والسلام، لم نستسلم للهزيمة، خضنا حرب استنزاف طويلة، وحرب تحرير بطولية، ودفعنا عن طيب خاطر من أرواح ودماء أبنائنا، ومن مواردنا وثرواتنا من أجل استعادة الأرض وإنهاء الاحتلال، واسترداد كرامة الوطن وعزته وكبريائه». وأضاف: «بعد 28 سنة من تحرير سيناء لا نزال في رباط، نحرص على السلام ونلتزم به، طالما بادلتنا إسرائيل حرصاً بحرص والتزاماً بالتزام، نحميه بقوات مسلحة قادرة، هي درع الوطن وسيفه، ونبذل أقصى الجهد من أجل سلام شامل، يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وينهي احتلال الأراضي العربية في سورية ولبنان». وأوضح أن بلاده «لا تزال في مواجهة شرسة مع قوى الإرهاب والتطرف في منطقة صعبة وعالم مضطرب، ووسط أمثلة عديدة من حولنا للانقسام الطائفي، وغياب الأمن وإراقة الدماء وزعزعة الاستقرار». وحرص مبارك، القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، على أن تكون أول زيارة له بعد تعافيه من العملية الجراحية التي أجراها في ألمانيا للجيش الثاني الميداني في مدينة الاسماعيلية وأن يكون بداية ممارسته لنشاطه المشاركة في احتفال القوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء والذي أقيم أمس في قطاع الجيش الثاني الميداني. وكان في استقبال الرئيس المصري قادة القوات المسلحة وكبار رجال الدولة، ووضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة، الذي كان أول موطئ قدم للجندي المصري شرق قناة السويس بعد العبور في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973، وقرأ الفاتحة ترحماً على أرواح الشهداء. ثم توجه إلى مقر الاحتفال حيث قوبل بعاصفة من التصفيق من ضباط وجنود الجيش الثاني. وتجوّل سرب من المروحيات في سماء مقر الاحتفال يحمل صورة للرئيس مبارك وأعلام مصر والقوات المسلحة. وتزامن ذلك مع عرض بحري في مياه قناة السويس لمجموعة من السفن والزوارق الحربية.