أعلن الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ توليه مقاليد الحكم الحرب على الفساد بكل أنواعه وأشكاله، والتصدي للمفسدين بالعدالة؛ لبناء مجتمع يسوده الأمن والأمان، وتحقيق النزاهة بتنفيذ الأحكام الشرعية بأكبر مكافح للفساد هو كتاب الله وسنة رسوله. ومنح الملك سلمان بن عبدالعزيز الأحقية لأفراد المجتمع السعودي لمقاضاة القيادة السعودية أو أي فرد من أفراد الأسرة الحاكمة، تأكيداً على ذلك، إذ قال: «في بلادنا يستطيع أي مواطن أن يرفع قضية على الملك أو ولي عهده أو أي فرد من أفراد الأسرة، وأعطيكم مثالاً على هذا ما حدث مع الملك عبدالعزيز، صار بينه وبين واحد قضية ذهبا بها إلى قاضي الرياض آنذاك»، ولقيت كلمته ردوداً واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أطلق المغردون وسم «عاصفة_ضد_الفساد» احتفاءً بهذه الكلمة. ولم تكن تلك الخطى التي اتبعها الملك سلمان بن عبدالعزيز بعيدة عن أساس النهج السعودي المتبع في تحقيق العدالة ومنطلق نظامها الأساسي للحكم ونظامها القضائي القائم على تحكيم الشريعة الإسلامية ومحاربة ومكافحة الفساد والحد منه مع محاسبة المفسدين بسَنِّ تنظيمات وإجراءات، إذ أصدر مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود بلاغاً رسمياً أعلن فيه للناس كافة «أن من كان له ظلامة على كائن من كان موظفاً أو غيره كبيراً أو صغيراً ثم يخفي ظلامته فإنما إثمه على نفسه، وأن من كان له شكاية، فقد وُضع على باب دار الحكومة صندوق للشكايات مفتاحه لدى جلالة الملك.. وليثق الجميع أنه لا يمكن أن يلحق المشتكي أي أذى بسبب شكايته المحقة من أي موظف كان». وأجرت المملكة العربية السعودية منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز إجراءات عدة؛ لتعزيز الشفافية والعدالة والمساواة بين الجميع، والحد من عمليات استغلال السلطة والفساد الإداري، إذ سعت وزارة العدل للحد من عمليات الفساد في الجوانب المالية والاقتصادية؛ بتوثيق العمل العدلي عن طريق كتابات العدل؛ لمنع عمليات التحايل والصفقات الوهمية وغسل الأموال. وأكد أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة المقارنة في جامعة الملك عبدالعزيز حسن بن سفر أن الملك سلمان بن عبدالعزيز أرسى قواعد هيكلة الدولة السعودية على منهج أسلافه من الملوك منذ الملك عبدالعزيز، وأحيا السنن التي جاءت بها الشريعة الإسلامية في النظام الإداري؛ للمحافظة على هيبة الدولة في إعطاء كل ذي حق حقه، وعدم التعدي على الحقوق بمختلف أنواعها. وقال ل«الحياة»: «الدولة التي أسسها الملك عبدالعزيز قامت على العدل والمساوة بين الناس والمحافظة على الحقوق، وعدم التفريط فيها، ومن هذا المنطلق جاءت هذه الأسس في ترسية قواعد مكافحة أي مخالفة للنظام أو شبهة فساد، سواءً أكان فساداً إدارياً أم مالياً أم في أجهزة الدولة والتعدي على المرافق العامة فيها». وأضاف: «بيّن الملك سلمان خلال مخاطبته المواطنين أنه إذا كان هناك حقوق للمواطن على الدولة أو أي فرد من أفرادها، سواء أكان من الأمراء أم الملك نفسه فإنه يمكن أن يقاضيه، وهذا دليل كمال المساواة والعدل التي جاء بها منهج الحكم الإسلامي، إذ إن من مبادئ وقواعد نظام الحكم في الإسلام إقامة العدل والمساواة، وأن المواطنين عقدوا البيعة للملك في أعناقهم، ولا بد من أن تتضافر جهودهم، ويكونوا عوناً للدولة وعيناً ساهرة لها في أي مخالفات للأنظمة أو التعليمات أو تعدٍّ على المرافق العامة أو الخصوصيات». واستشهد سفر بما شهدته مدينة جدة الأسبوع الماضي من إزالة التعديات من أصحاب النفوذ، موضحاً أن ذلك يدل على إرساء دولة الحق والقانون. من جهته، قال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية في جدة أنور عشقي: «إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أشهر سيفه في وجه الفساد، ويتابع مع الجهات المختصة لمحاربته والقضاء عليه». وأوضح ل«الحياة» أن صاحب القرار حينما يصدر قراراً فإن الجهات المختصة المسؤولة تترجم هذا القرار إلى خطة، وهذه الخطة هي التي تنفذ وتطبق بعد أن تعرض على صاحب القرار ويقرها، وحينما أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان محاربة الفساد، فإن الجهة المختصة تضع خطة إستراتيجية لتفعيل هذا الأمر وتفعل الخطوات التي يمكن أن تكون». وزاد: «القضاء على الفساد ليس حملة فحسب، بل يجب أن يكون هناك نظام وأعمال إدارية وتنظيم للرقابة وتنظيم للتنسيق بين الجهات الحكومية، وهناك متابعة ومحاكمة وأمور كثيرة تتطلب عملية القضاء على الفساد الذي يكون في أي جهة من الجهات الموجودة في المملكة العربية السعودية، وما دام الملك سلمان بن عبدالعزيز هو الذي أعلن القضاء على الفساد فهذا يستوجب وجود خطة شاملة للمملكة كلها، وتكون هناك جهة مختصة مسؤولة ترسم هذه الخطة وتمثلها». وتابع: «كانت واقعة حادثة الحرم المكي التي وقعت قبل أشهر عدة في 27 ذي القعدة 1436ه شاهداً على سرعة البت، بعد أن خلَّفت العديد من الأرواح، وأصدر الملك حينها توجيهات حول ملابسات الحادثة ومحاسبة المقصرين، إذ غرَّد عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلًا: «الحمد لله على قضائه، رحم الله شهداء الحرم، وعجّل بشفاء المصابين، وسنستمر ببذل كل ما نستطيع في خدمة ضيوف الحرمين، ولن نتوانى عن محاسبة أي مقصر». وأشار إلى أوامر الملك بإيقاف الشركة المتسببة في الحادثة، ومنعها من الدخول في أي مشاريع جديدة، ومنع سفر جميع أعضائها إلى نهاية التحقيق، وتضمنت التوجيهات كذلك تكليف وزارة المالية والجهات المعنية عاجلاً بمراجعة جميع المشاريع التي تنفذها الشركة. وذكر أن من أوجه مكافحة الفساد في عهد الملك سلمان صدور توجيهات عليا إلى هيئتي الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، بإعادة التحقيق مجدداً مع جميع المتهمين في «سيولجدة»، في تهم إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات الخاصة والعامة.