تسعى تونس التي تواجه مصاعب إقتصادية خانقة، إلى رسم صورة جديدة في العالم لسياحتها، بالاعتماد أساسا على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل استقطاب مزيد من السياح وتحقيق إيرادات مالية أعلى. وتعتبر تونس من الوجهات السياحية "الرخيصة"، إذ تبيع وكالات سفر في أوروبا إقامة كاملة لأسبوع في أحد فنادق تونس ببضع مئات اليورو. وقالت وزيرة السياحة الجديدة آمال كربول أخيرا في لقاء صحافي: "إن تحويل بلد يُعتبر نسبيا سوقا سياحية رخيصة إلى بلد يقدم خدمات سياحية عالية الجودة، يستوجب ما بين 10 و15 عاما. لكن تغيير صورة البلد من وجهة سياحية رخيصة الى بلد "المرح" يمكن أن يحصل في وقت أسرع، وهذه إحدى أولوياتنا". وتأمل وزيرة السياحة أن تستقبل بلادها 7 ملايين سائح عام 2014، وهو هدف يقول مراقبون ان تحقيقه يبقى مرتبطا بحالة الاستقرار الهش في تونس. وتسلمت العضو في الحكومة التي لا تضم حزبيين آمال كربول مهامها نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي. وستكون مهام هذه الحكومة التي يرأسها مهدي جمعة، قصيرة لأنها ستنتهي بإجراء انتخابات من المفترض تنظيمها قبل نهاية 2014. وخلال السنوات الثلاث الاخيرة، تراجع عدد السياح الوافدين الى تونس وحجم الايرادات المالية السياحية، مقارنة بسنة 2010 التي حقق فيها القطاع نتائج غير مسبوقة. ونَتج هذا التراجع عن حالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد بعد الاطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وكانت تونس استقبلت عام 2010 نحو 6،9 ملايين سائح وفّروا للبلاد إيرادات مالية بقيمة 3،5 بليون دينار. لكن عدد السياح تراجع الى 4،7 ملايين سنة 2011 قبل ان يعاود الارتفاع الى 5،9 ملايين سنة 2012 ثم الى 6،2 ملايين 2013، بحسب احصائيات وزارة السياحة. كما تراجعت الإيرادات الى 2،4 بليون سنة 2011 قبل ان ترتفع الى 3،1 بليون دينار في 2012 ثم إلى 3،2 بليون دينار في 2013. وكانت السلطات التونسية تأمل ان تكون سنة 2013 سنة انتعاش السياحة. لكن ذلك لم يتحقق جراء اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية ومقتل أكثر من 20 من عناصر الجيش والشرطة في هجمات نسبتها وزارة الداخلية الى جماعات اسلامية متطرفة. وتؤكد وزيرة السياحة ان تونس أصبحت "اكثر أمانا" اليوم وأن السياح شرعوا في التوافد عليها وبخاصة من ألمانيا، قائلة ان الحملات الدعائية التقليدية للسياحة التونسية في الخارج "تتكلف أموالا كثيرة، وأثرها يكون على المدى الطويل، وتونس مواردها المالية محدودة جدا". والشهر الحالي، استغلت وزارة السياحة النجاح الباهر الذي حققته أغنية "هابّي" اي سعيد للفنان الاميركي فاريل ويليامز، للترويج للسياحة التونسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وكان آلاف المعجبين عبر العالم بهذه الاغنية سجّلوا مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يرقصون ويغنون على أنغامها، ثم انزلوا المقاطع على شبكات التواصل الاجتماعي. وتعمل وزارة السياحة على تنويع العرض السياحي الذي يتركز أساسا على سياحة الشمس والشواطئ. وقالت آمال كربول: "السياحة الشاطئية ستبقى، لكننا سنحاول أن نعطي لكل جهة في البلاد هوية سياحية خصوصية". وتقر آمال كربول بأن تحسين الصورة السياحية لتونس في العالم يستوجب أيضا رفع كفاءة قطاع الخدمات (النقل، المطاعم..)، والنهوض بنظافة البلاد. وبعد الثورة التي اطاحت مطلع عام 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، تسببت إضرابات عمال النظافة في انتشار القمامة في شوارع تونس.