أكد الروائي والكاتب العراقي نجم والي استغرابه من هجوم المثقفين العرب عليه، عقب زيارته إلى إسرائيل. وقال: إنه «كان يتوقع هجوماً «ولكن ليس بتلك الحدة والكثافة». واعتبر أن ما حصل من المثقفين العرب «مبالغة ومزايدة وممارسة للدعاية «السخيفة» لقضايا الوطنية والعروبة بدليل أنهم لم يقرؤوا الكتاب الذي تضمن الرحلة وتفاصيلها، وكان عنوانه «تقرير عن رحلة غير سياسية». وأوضح والي، الحاصل على الجنسية الألمانية، أن معضلة المثقف العربي، أنه جزء من المؤسسة الرسمية، «لكن يدعي أنه خارج هذه المؤسسة، وله موقف منها. المؤسسة الرسمية موجودة. والمثقف عندما يستطيع أن يبني استقلاليته، لن تكون لديه مشكلة في التعامل مع المؤسسة الرسمية. وبالتالي أريد أن أقول إنني سواء ذهبت إلى إسرائيل أو أصدرت كتاباً عن زيارتي، فهذا أمر يخصني أنا وليس غيري. أنا بنيت كل مشروعي وكل حياتي على هذا الأساس، الحرية والاستقلالية. ولا يستطيع أحد أن يقنعني أو يقول لي لا تذهب إلى هذا المكان أو إلى ذلك. لأنني إنسان فضولي، ولمَّا أصدر كتاباً عن تجريتي في إسرائيل، سواء ذهبت إليها بدعوة أو بزيارة خاصة، فهذا أمر يخصني». واعتبرت الحملة الشرسة أن والي يرغب في الاستفادة من زيارته إلى إسرائيل، لنيل جوائز عالمية، وأنه كان يتودد إلى المنظمات الإسرائيلية. وقال صاحب « فالس مع ماتيلدا» في حديث مع «الحياة» إن الآخر العربي، «الذي هو جزء من المؤسسة الرسمية، عندما يحاكمني، فإنه يحاكمني بناء على موقف مسبق، ومن دون أن يقرأ. وترتب على هذه الزيارة أن روايتي «ملائكة الجنوب»، التي طبعتها دار «ميرت»، سحبت من المشاركة في أحد المعارض، ورفضت الدار العربية للعلوم نشرها أيضاً، بمجرد أن سمعت أنني زرت إسرائيل»، متسائلاً: ما علاقة كل ذلك بالأدب أو الرواية؟ نحن لو ندعي احترامنا للرأي وللديمقراطية، فعلينا أن نعترف بالحرية الشخصية لكل شخص. لكن الأمة العربية التي يبلغ عددها نحو 350 مليوناً تخشى من رأي شخص واحد، هذه مشكلة، إذ لا توجد ثقة. ولكنني وفي المقابل أسأل: لماذا لا توجد رقابة في إسرائيل على كتَّابهم، وعلى الكتب التي تطبع؟»، لافتاً إلى أنه «على العكس من العرب، لديهم وكالة لمساعدة ودعم ترجمة الكتاب الإسرائيليين إلى لغات أخرى، حتى إن ترجمة عاموز عوس إلى اللغة العربية كانت بدعم من هذه الوكالة»، موضحاً أن هذه الوكالة تدعم كتباً «تنتقد حتى الممارسات الإسرائيلية نفسها. هذا الفارق، بينما أنا أحاكم على كتاب لم يقرأه أحد. آلمني ذلك في البداية، لكنني ضحكت ساخراً من مثقفينا العرب، وقلت في نفسي: «أي ضحالة تتصف بها الثقافة العربية؟ خصوصاً جمال الغيطاني الذي كان يفترض أن يتصل بي ويستفسر مني، قبل أن ينشر ما نشره في «أخبار الأدب». هل أنا من السوقية لأكتب أنني أكره فيروز وإدوارد سعيد وأحب إسرائيل؟ أنا لم أكتب بهذا الشكل، ولكنهم نشروها على طريقة شعبان عبدالرحيم». وأكد صاحب «تل لحم» و«ليلة ماري الأخيرة» أن زيارته إلى إسرائيل أثرت في طباعة كتبه، مستدركاً أنه ليس آسفاً على ذلك، «فالناشرون العرب لصوص. ولكن دار كليم الإماراتية طبعت روايتي الأخيرة «ملائكة الجنوب» وكانت تجربة جميلة، على العكس دفعوا لي مبلغاً من المال، ووجهوا لي دعوة لحضور معرض أبو ظبي للكتاب، وأقمت على حسابهم في فندق فخم»، مشيراً إلى أن المثقفين العرب الذين هاجموه «هم أنفسهم يسعون إلى الترجمة إلى العبرية». ويزور نجم والي عدداً من الأندية الأدبية في الرياض والدمام وبريدة ومكة المكرمة والطائف وغيرها، ضمن برنامج تتبناه السفارة الألمانية والأندية الأدبية في المملكة. وأوضح أن الألمان انتبهوا أخيراً إلى قضية اللغة في المسألة الاقتصادية، وأن وزير الخارجية الألماني السابق ناقشه في كيفية التواصل مع الوطن العربي، فاقترح عليه التعاون في المجال الثقافي، من خلال الأدب والشعر، «أردت أن أكون جسراً بين ألمانيا والعرب، يقدم الألمان على أنهم أمة ثقافية إلى جانب أنهم أمة اقتصادية وصناعية، إضافة إلى أن هناك تقارباً بين ألمانيا والعرب». وقال والي الذي غادر العراق عام 1980، إنه وبعد 30 عاماً أصبح له حضور جيد في ألمانيا. وترجم عدد من رواياته إلى الألمانية عن دار «هانزر» إحدى دور النشر الألمانية العريقة. وتطرق صاحب «الحرب في حي الطرب» إلى الكتابة عن العراق من الخارج، فقال: «لأنني بعيد عن المكان، ذلك يجعلني أفكر بروية. وكان هناك مشروع روائي في ذهني، وانطلاقاً من هذا فكل رواية تمثل مرحلة في هذا المشروع، الذي اخترت له عنوان «كتابة تاريخ الجحيم العراقي». بدايات هذا الجحيم قديمة ومستمرة إلى الآن، ولا بد من مرور مدة زمنية طويلة نسبياً، حتى يكون قادراً على كتابة الحدث». يذكر أنه نشرت لنجم والي قصة من مجموعة قصصية بعنوان «هنا في تلك المدينة البعيدة»، في مجلة «هاربيرز» الأميركية العريقة، التي نشر فيها الروائي وليم فوكنر أولى قصصه.