منذ أن شرعت السلطات الجزائرية في تطبيق القانون المتعلق بممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين قبل سنوات، توجهت الأنظار أكثر من مرة نحو قرارات صدرت بإغلاق كنائس وطرد مبشّرين أو محاكمات لجزائريين اتُهموا بخرق القانون المذكور، الأمر الذي أثار ضجة في الجزائر وحملة في دوائر غربية اتهمت الحكومة بالتضييق على حرية الأقلية المسيحية. لكن السلطات الجزائرية تقول اليوم إنها واثقة من أنها نجحت في تغيير رأي كثيرين في الخارج ممن كانوا ينتقدون القانون، بعدما قدّمت شرحاً وافياً لمضمونه وأهدافه. وكانت قضية القانون برزت إلى العلن قبل نحو سنة عندما حوّلت السلطات الجزائرية خمسة أشخاص اتُهموا بنشر المسيحية على محكمة تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، في أول قضية تظهر إلى العلن ويحاكم فيها جزائريون بموجب ما ورد من مواد رادعة في القانون المتعلق بممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين. لكن القضية في واقع الأمر لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها تطبيق هذا القانون، إذ أن سلطات ولاية تيزي وزو اتخذت إجراءات بناء على هذا القانون قبل المحاكمة لكنها لم تلق صدى إعلامياً. فقد أوقفت ولاية تيزي وزو نشاط مجموعة من الفرنسيين كانوا ينوون تنظيم ندوة حول «المسيحية الإنجيلية» في المدينةالجديدة في تيزي وزو، وهو النشاط الذي كان مبرمجاً في فيلا اشتراها الراهب الفرنسي فيليب مارتيناز بداية عام 2000. ودخل منظمو هذا اللقاء الأراضي الجزائرية بتأشيرات سياحية، غير أنهم حاولوا - كما تقول السلطات - استغلال وجودهم للقيام بنشاطات تبشيرية. وكشف مسؤول في وزارة الشؤون الدينية ل «الحياة» أن «الجزائر من باب احترام حرية المعتقد نقلت إلى دول صديقة عدة تقارير تشرح أبعاد القانون» المنظّم للشعائر الدينية لغير المسلمين. وتابع: «استغرق الأمر شرحاً كبيراً، وعلى رغم ذلك لا تزال هناك شكوك نراها من حين إلى آخر في تقارير حقوقية». ومعروف أن الجزائر تعرّضت لانتقادات نعتت القانون بأنه يحد من ممارسة ديانات أخرى غير الإسلام، وأنه يفرض عقوبات على «التبشير»، ويعامل ذلك بوصفه تجاوزاً جنائياً بدل أن يكون مخالفة مدنية، الأمر الذي دفع طوائف دينية عدة إلى العمل من دون إذن الحكومة. لكن ظهور القانون دفع بالعديد ممن تسمّيهم مصالح الحكومة «التبشيريين» إلى جعل ظاهرة التنصير خارج حدود السر ودفعها نحو العلن. وكان لولاية تيزي وزو القسط الأكبر من الاهتمام الرسمي حول ما يسمى تزايد حجم الظاهرة فيها، بعدما كشفت التقارير أن عدد السكان الذين اعتنقوا المسيحية في الولاية ناهز ال 3000، وأن عدد الكنائس فيها ارتفع إلى 25 كنيسة تتوزع على عدد من الدوائر، 24 منها تنشط من دون اعتماد من السلطات الجزائرية. وتمت مراسلة 16 على الأقل منها لمطابقة نشاطها بأثر رجعي مع القانون الجديد. ويبلغ عدد الكنائس في كل الجزائر 32 كنيسة. وتلقت السلطات طلب اعتماد 20 كنيسة أخرى. وتطورت هذه القضية بعدما أخذت بُعداً دولياً في تقارير حقوقية أميركية وفرنسية شكت من «تمييز» ضد المسيحيين، ودفعت برجال سياسة في حكومات أجنبية إلى التطرق للموضوع في مناسبة وغير مناسبة. وتصاعدت الشكاوى من مزاعم «التضييق على الأقليات المسيحية في الجزائر» بعدما صدر قرار بطرد ثمانية أشخاص من جنسية كندية ضُبطوا وهم «يمارسون التنصير بصورة غير شرعية في منطقة القبائل»، وكذلك بعد قرار طرد رجل الدين الأميركي القس هيو جونسون. ورمت وزارة الشؤون الدينية آنذاك بالمسؤولية على وزارة الداخلية في قرار الطرد على أساس انتهاء مدة إقامته في الجزائر، وأوضحت أن الإجراء إداري «ولا علاقة له بنشاط التبشير الذي تقوم به الكنيسة البروتستانتية في بعض الولايات، زيادة على كون السيد جونسون متقاعد منذ سنوات ولم يعد له نشاط رسمي في الكنيسة البروتستانتية». على صعيد آخر (لندن - «الحياة»)، قال زعيم «الحركة من أجل استقلال (منطقة) القبائل» في الجزائر فرحات مهني إنه سيعلن في وقت لاحق عن أعضاء «حكومته الموقتة» بعد انتهاء المشاورات الجارية مع زعامات ونشطاء في المنطقة ذات الهوية الأمازيغية. وأوضح في تصريح أدلى به أمس من مقر إقامته في باريس أنه أجرى اتصالات مع أعضاء في الكونغرس الأميركي ونواب في البرلمان الأوروبي وفعاليات سياسية في كندا لشرح صورة تطورات الأحداث في منطقة القبائل. وعرض مهني في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الفرنسية في مناسبة ذكرى «ربيع القبائل» إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في المنطقة التي قال إنها «تتعرض للحصار» وإن اقتصادها «عرضة للتخريب». وأشار إلى أن المساحات الخضراء في منطقة القبائل تواجه خطر التدمير والحرق «تحت مبرر الحرب على الإرهاب»، في إشارة إلى المواجهات بين قوات الأمن الجزائرية والجماعات المسلحة التي تتخذ من جبال منطقة القبائل قواعد لها. وكشف رئيس الحركة التي كانت تطالب بمنح القبائل حكماً ذاتياً، انه وجّه رسالة إلى المراجع الرسمية العليا في الجزائر يطلب فيها «تنظيم استفتاء شعبي» على الحكم الذاتي. وقال إنه تلقى وعداً بالحصول على رد على طلبه لكن ذلك لم يحصل.