حض رؤساء شركات تأمين وإعادة تأمين في العالم العربي على استثمار إمكانات الرسملة المتاحة في القطاع، للمساهمة في تنشيط الاقتصادات العربية مجدداً. واعتبروا في اختتام مؤتمرهم الثالث في تونس، أن أمام شركات إعادة التأمين دوراً كبيراً في تغطية الأخطار لتحسين مستوى المبادلات التجارية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكنهم اشترطوا التطابق مع المواصفات العالمية لمجابهة المنافسة الأجنبية المتزايدة في القطاع، وتحسين مستوى الحوكمة لتعزيز صدقية الشركات ومساعدة البلدان العربية الأقل نمواً على اللحاق بالبلدان التي تقدمت عليها. وكانت دبي استضافت المؤتمر الأول للتأمين وإعادة التأمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2007، فيما استضافت عمان المؤتمر الثاني العام الماضي، وتُنظم المؤتمرات مجلة «ميدل إيست إنشورنس ريفيو». ورأى المدير العام للتأمين في تونس عبد اللطيف شعبان، إن على شركات التأمين العربية مجابهة المتغيرات المستجدة في العالم، والاستعداد لظاهرة تزايد الكوارث واستفحال الأزمة الاقتصادية. وأوضح في كلمة ألقاها في المؤتمر، أن التأمين على الحياة ازداد 10 في المئة في العام الماضي، لكنه أكد أن حصة القطاع في الاقتصادات المحلية ما زالت ضعيفة، إذ تقل عن واحد فصي المئة في مصر والجزائر وقطر، وتبلغ 2.60 في المئة في الأردن، و2 في المئة في تونس و3.40 في المئة في المغرب. وأوضح الخبير الأردني رائد حدادين، أن تطوير الحوكمة لمراقبة مؤسسات التأمين وتكريس الشفافية وإيجاد إدارة مستقرة وضمان حقوق المؤمّنين، شروط ضرورية لعلاقات متينة مع الشركات العالمية العاملة في القطاع وتنمية حجم التأمين في الأسواق المحلية. واعتبر هذا المسار مُكملاً للرقابة التي تطبقها مؤسسات دولية في مقدمها «المنظمة الدولية لمراقبة شركات التأمين». وأشار إلى وجود خطة عربية وضعها ستة عشر عضواً وتشمل السنوات الخمس المقبلة، لتحديث مؤسسات الرقابة الوطنية وضمان التزام المواصفات الدولية. ورأى أن الأردن كان سباقاً لإيجاد إطار منظم واعتماد مواصفات دولية. وأكد متحدثون آخرون أن قطاع التأمينات يمكن أن يلعب دوراً مُحركاً في الاقتصادات العربية، باعتباره يقوم بدور مباشر لحماية الاستثمارات وآخر غير مباشر يحفز على التوفير ويُنشط الاقتصاد. وأظهرت أوراق عُرضت على المؤتمرين أن حصة العالم العربي من قطاع التأمين الدولي لا تتجاوز 0.4 في المئة، وأن مساهمة التأمينات في الناتج الداخلي الخام للعالم العربي لا تتعدى 0.1 في المئة، بينما يصل المتوسط العالمي إلى 7 في المئة ويرتفع إلى 17 في بعض البلدان الأوروبية. وأفادوا أن حجم سوق التأمين في العالم العربي ارتفع في العام الماضي، وبلغت حصة الفرد العربي من التأمين 46 دولاراً فيما يرتفع المتوسط في العالم إلى 500 دولار. وأشاروا إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية طرحت أسئلة جدية ليس عن أسس القطاع العقاري فقط، بل أيضاً عن هشاشة قطاع التأمين. وألقى آخرون اللوم على شركات التصنيف العالمية مُعتبرين أنها أخفقت في القيام بدورها، لأن بعض العلامات التي كانت تمنحها للشركات لم يعكس واقعها الحقيقي. ورأوا أن هذا الأمر يطرح أسئلة جوهرية عن مصير القطاع في المستقبل. واستطراداً حض آخرون على تكثيف تدخل الدولة في القطاع لإنقاذه وتصحيح مسار تطوره. لكن ناشر «ميدل إيست إنشورينس ريفيو» سيفام سوبرامانيام الذي نظم المؤتمر، حذر في كلمته الختامية من عرقلة مسار التخصيص وحض على تحديد مجالات تدخل الدولة وتكثيف خدمات التأمين المعروضة في السوق واعتماد الشفافية، ووضع جدول زمني لإصلاح القطاع وتحديثه ليكون قادراً على مجابهة ارتدادات الأزمة العالمية.