جددت إيطاليا بلسان رئيس حكومتها سيلفيو بيرلوسكوني «الالتزام بمتابعة تقديم الدعم للبنان بصفتنا أصدقاء صادقين وملتزمين بصداقتنا لهذا البلد وشعبه»، في حين ذكر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في اليوم الثالث لزيارته روما ب «أننا نقف اليوم أمام فرصة حقيقية للتوصل إلى سلام إقليمي يتمحور حول حق الفلسطينيين في العودة إلى دولة خاصة بهم عاصمتها القدس إضافة إلى انسحاب إسرائيلي من مرتفعات الجولان ومزارع شبعا اللبنانية». وكان الحريري استهل لقاءاته مع المسؤولين الإيطاليين بزيارة رئيس المجلس النيابي جيانفرانكو فيني في مقر المجلس، في حضور نائب رئيس المجلس فرانشيسكو بوستيريسو، وأعضاء الوفد اللبناني الذي ضم نادر الحريري والمستشارين محمد شطح وهاني حمود، والسفيرين الإيطالي لدى لبنان غبريال كيكيا وسفير لبنان لدى إيطاليا ملحم مستو، وجرى عرض العلاقات البرلمانية بين البلدين والأوضاع الإقليمية والدولية. وقابل الحريري الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو في القصر الرئاسي، في حضور وزير الخارجية جان فرانكو فراتيني والسفيرين كيكيا وكستو وأعضاء الوفد اللبناني وتركز اللقاء على تطورات الوضع في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وأجرى الحريري بعد الظهر محادثات مع نظيره الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني الذي أقام على شرفه مأدبة غداء في مقر رئاسة الحكومة، وتركزت المحادثات على تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والعقبات التي تعترض عملية السلام والدور الذي يمكن أن تقوم به إيطاليا لتحريك هذه العملية وسبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين البلدين. مؤتمر صحافي مشترك وبعد انتهاء المحادثات عقد مؤتمر صحافي مشترك استهله بيرلوسكوني بالتنويه ب «نجاح سعد الحريري نجل الرئيس رفيق الحريري في متابعة المسيرة الصعبة التي خلفها له والده، وأخذ على عاتقه تحقيق هذه المسيرة المهمة والمتطلبة والمتمثلة في تطوير بلده وتحديثه، وحاول أن يدفع قدماً ويطبق «أجندة» والده، وأعطى إثباتات وبراهين عن شجاعة عظيمة أظهرها في شكل يومي ومن خلال قيادته لحكومة في بلد مزقته الأوضاع الداخلية والعلاقات الصعبة مع الدول المجاورة. وهذه من بين الأسباب التي دفعتنا الى الالتزام بمتابعة تقديم دعمنا لبلده بصفتنا أصدقاء صادقين وملتزمين بصداقتنا للبنان ولشعبه». ولفت الى أن النقاش تركز على «ما يمكن لإيطاليا أن تقدمه للبنان، وعبرت عن التزامي القيام بكل ما يمكننا في مختلف القطاعات حيث باستطاعتنا أن نؤمن دعما إيجابياً لتطوير هذا البلد ودعم اقتصاده، فالاقتصاد اللبناني بقيادة رئيس الوزراء الحريري لم يتأثر ويعاني من الأزمة المالية الأخيرة، وسجل في العام الماضي نمواً فاق ال 8 في المئة». وقال: «سررنا جداً لسماعنا ما عبر عنه، عن مدى تقديره لعمل قواتنا في لبنان وبخاصة عمل الجنرال غراتسيانو الذي كان يرأس قوات «يونيفيل» في لبنان، وبدورنا أكدنا له أننا سنبقي على قواتنا هناك على الحدود مع إسرائيل لمراقبة نشاطات «حزب الله»، وهذا ما يعتبره رئيس الحكومة أمراً مهماً جداً لبلده». وتابع قائلاً: «ناقشنا الوضع في الشرق الأوسط من جوانبه كافة، والعلاقة مع إسرائيل ونيتها متابعة محادثات السلام مع الفلسطينيين، وتحدثنا أيضاً عن سورية وإيران، وعن الدور الإيجابي الذي يمكن لتركيا أن تلعبه في هذا الإطار، وغداً سألتقي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأجري معه محادثات ثنائية». وأعرب بيرلوسكوني عن اعتقاده بأنه قام بواجبه «إزاء التأكيد لرئيس الوزراء إنني سأمارس الضغط على الاتحاد الأوروبي ليظهر اهتماماً متزايداً بلبنان، وأن يلعب دوراً أهم وأن يكون أكثر انخراطاً إزاء ما يجري في المنطقة كلها». وخاطب الحريري نظيره الإيطالي قائلاً: «عقدت للتو اجتماعاً ممتازاً مع رئيس الوزراء حيث أثرنا عدداً من القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك للبنان وإيطاليا. وشكرت رئيس الوزراء على الدور التاريخي المهم الذي اضطلعت به إيطاليا في ما يتعلق لبنان، خصوصاً منذ عام 2006 عندما استضافت المؤتمر الديبلوماسي الذي مهّد الطريق لقرار مجلس الأمن 1701». وقال الحريري: «أعربت عن عميق امتناني وتقديري لكم وللشعب الإيطالي، الذي وافق على إرسال أكثر من 2000 رجل وامرأة للمشاركة في قوة «يونيفيل». وتلعب هذه القوة، التي قادتها إيطاليا حتى وقت مبكر من هذا العام، دوراً محورياً في مساعدة قواتنا المسلحة للحفاظ على الهدوء والاستقرار على حدودنا الجنوبية». وأشار الحريري الى أن البحث تركز على «العلاقات الثنائية الوثيقة التي يتمتع بها بلدانا، بما فيها العلاقات التجارية والاقتصادية على وجه الخصوص. ونتطلع قُدماً الى الحفاظ على هذه العلاقات وتطويرها لما فيه مصلحة شعبينا. كما أننا حريصون على المشاركة الفاعلة في مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط، ونتطلع إلى دعم إيطاليا لمبادرات لبنان في هذا الصدد». وأضاف: «كان للصراع العربي – الإسرائيلي والوضع في فلسطين مكانة متقدمة على جدول أعمالنا. ورحّبت ببيان رئيس الوزراء خلال مؤتمر القمة العربية الذي عُقد الشهر الماضي في ليبيا حيث دعا، بقوة وحماسة، إلى تقدّم ملموس نحو سلام عادل وشامل وشدّد على وجوب أن يجعل المجتمع الدولي من هذا الأمر من أولويته». وذكر الحريري ب «أن العرب مدوا يدهم للسلام في عام 2002 في بيروت من خلال مبادرة السلام العربية. وأظهر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والرباعية الدولية أخيراً التزاماً جاداً بالتوصل إلى حلّ. ولا وقت أفضل من الآن، حيث تتزايد التهديدات ضد لبنان». وقال: «إن التحديات التي نواجهها اليوم والعقبات التي تعيق السلام ستزداد في كل يوم نفشل في التوصل إلى إنهاء هذا الصراع الذي امتد على مدى 63 عاماً. نحن نؤمن بقوة راسخة بأن الاعتدال قادر على التغلب على التطرف وأن السلام يمكن أن يفوز على الحرب وأن الأمل يستطيع أن يتغلب على الإحباط. لكن علينا العمل معاً جميعاً لتحقيق هذا الأمر». وقال بيرلوسكوني: «أريد أن أؤكد أن إيطاليا ستستمر بدعم عمل حكومتكم الذي قمتم به خلال السنة الأخيرة، وسنستمر في تطوير العلاقات الثقافية الخاصة بيننا وعلاقاتنا التجارية والاقتصادية، وسندعم نشاطكم وعملكم في القطاعات التي سبق وذكرناها». وصافح الرئيسان الحريري وبيرلوسكوني عدداً من الطلاب الجامعيين الذين كانوا في ضيافة رئيس الحكومة الإيطالية وحضروا المؤتمر الصحافي المشترك. ثم توجه الحريري الى مقر إقامته في فندق «اكسيلسيور» حيث استقبل الأمين العام للحزب الاشتراكي بيار فاسينو، وزار رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي ريناتو شيفاني في مقر المجلس وبحثا في العلاقات البرلمانية بين البلدين وسبل تقويتها.