قتل شخصان وجرح عدد آخر في موجة عنف جديدة اندلعت في قرغيزستان أمس. وعلى رغم تأكيد السلطات أن التطور نجم عن «شجار عادي ليس مرتبطاً بالوضع السياسي»، فإنها دفعت بتعزيزات أمنية مكثفة إلى منطقة الحادث. وتزامن ذلك مع الإعلان عن مغادرة الرئيس المخلوع كرمان بك باكاييف كازاخستان إلى جهة مجهولة. وقالت مصادر أمنية أن أعمال شغب عنيفة تخللها إطلاق نار وقعت على اطراف العاصمة بشكيك أمس، وأثار التطور مخاوف من عودة الوضع الأمني الهش أصلاً، إلى التدهور بعد مرور أيام قليلة على تهدئة الموقف وبسط سيطرة الحكومة الجديدة في المناطق الجنوبية من البلاد. وأكدت جهات أمنية أن الحادث ليس مرتبطاً بالوضع السياسي في البلاد وانه نجم عن شجار بين مالكي أراض زراعية ينتمون إلى القومية الروسية ومجموعات من القرغيزين حاولو الإستيلاء عليها. وسارعت الشرطة القرغيزية إلى إرسال تعزيزات إلى المنطقة، بعد مخاوف من إتساع نطاق أعمال الشغب، خصوصاً ان مشاركين فيها تسلحوا بهراوات وقطعوا الطرق المؤدية إلى بلداتهم قبل أن يستولوا على عدد من شاحنات الشرطة لسد الطرق. أفادت مصادر قرغيزية ان مجموعة يزيد عدد أفرادها عن الفي شخص حاولت «السيطرة» على حقول قمح مملوكة لمزارعين ناطقين بالروسية في أطراف بشكيك، بهدف تحويلها إلى قطع أراض صالحة لبناء عقارات ما دفع أصحاب الأراضي إلى التجمع والتصدي بالقوة ل «المغتصبين». اللافت أن أعمال الشغب بدأت بعد ذلك مباشرة إذ اندفع عدد كبير من «الساعين إلى الإستيلاء على الأراضي الزراعية» نحو بشكيك وحطموا في طريقهم عدداً كبيراً من السيارات وواجهات المحلات التجارية وألقوا الحجارة على بيوت القرى الواقعة على الطريق. وأشارت مصادر روسية الى أن الهجوم استهدف بالدرجة الأولى قرية مايوفكا التي يقطنها أبناء القومية الروسية وهم أصحاب الجزء الأكبر من الأراضي الزراعية المحيطة. ويذكر أن السفارة الروسية في قرغيزستان سلمت الأسبوع الماضي وزارة الخارجية القرغيزية مذكرة عبرت فيها عن قلقها من تنامي العنصرية في الجمهورية. وقال مصدر قرغيزي في موسكو ل«الحياة» إن ما جرى لم يستهدف الروس في شكل متعمد بل «يعد حدثاً عادياً تكرر أكثر من مرة بعد أحداث العنف الأخيرة»، إذ لجأ عديدون إلى الإستيلاء على اراض بينها ممتلكات عامة مثل متنزهات وحقول على اطراف المدن إضافة إلى مبانٍ أو مؤسسات ومحلات تجارية، وزاد ان الاوضاع المعيشية الصعبة التي أدت إلى «ثورة شعبية» تعد السبب الرئيسي لموجة الغضب التي لم تهدأ نهائياً بعد. وما زال الوضع متوتراً في الجمهورية التي شهدت أعمال عنف دموية قبل أسبوعين أسفرت عن إطاحة نظام الرئيس باكاييف الذي لجأ إلى كازاخستان لفترة قصيرة وقع خلالها رسالة إستقالته من منصبه. وتزامنت التطورات الأخيرة مع الإعلان أمس، عن مغادرة باكاييف كازاخستان إلى وجهة لم يتم تحديدها. وقال ناطق باسم الخارجية الكازاخية إن باكاييف «غادر أراضي كازاخستان مع أفراد عائلته». وفي موسكو استبعدت مصادر تحدثت إلى «الحياة» عودة باكاييف إلى قرغيزستان، مشيرة الى ان الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاتشينكو أعلن الاحد عن استعداد بلاده لاستقبال باكاييف مع افراد عائلته وانتقد بقوة مواقف موسكو وواشنطن حيال الأزمة القرغيزية معتبراً أن لدى البلدين «سيناريوات معينة يسعى كل منهما لتنفيذها». وزاد: لا أحد يفكر بمصير الرئيس القرغيزي وانا باسم بيلاروسيا أعلن رسمياً أنه سيجد ترحيباً إذا قرر القدوم إلى بلادنا.