كلّفت الرئاسة الجزائرية مدير ديوانها أحمد أويحيى، ببدء تسويق التعديلات الواردة في مشروع الدستور الجديد. ودعا أويحيى وسائل الإعلام إلى مؤتمر صحافي يعقده اليوم، لكشف أهم ملامح التعديل وإن كان فعلاً يعيد تحديد فترة الولاية الرئاسية. واعتُبرت خطوة الرئاسة هذه استباقاً لانتقادات المعارضة، التي ترى أن التعديل لا يحظى بإجماع وطني. وقررت رئاسة الجزائر بدء تسويق مشروع تعديل الدستور، في خطوة نادرة قد تعكس تخوّف السلطة من انتقادات تبدو جاهزة من المعارضة التي ترفع ثلاثة عناوين رئيسية في هذا الشأن، أولها أنه تم خارج الاستشارة الموسعة (أحزاب كثيرة قاطعت المشاورات)، وثانيها أنه سيتم «عبر برلمان غير شرعي»، وثالثها أن «التعديلات غير جذرية ولا تستدعي تعديل الدستور أصلاً». وأعلنت الرئاسة أن وزير الدولة، مدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، سيعقد اليوم مؤتمراً صحافياً موسعاً في مقر الحكومة في «جنان الميثاق» حول المشروع التمهيدي المتعلّق بمراجعة الدستور. وكان المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور، الذي يتضمن مراجعة «جوهرية»، وفق وصف الرئاسة، للقانون الأساسي للبلاد، حظي بموافقة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الاثنين الماضي. وأوحت استعانة الرئاسة بأحمد أويحيى، برغبتها في صناعة «إخراج» مقبول لتعديل الدستور، إذ إن الأخير هو عادةً الوجه الإعلامي الذي يسوّق للرأي العام وجهة نظر الدائرة الحاكمة، وهو أول من تكفّل بشرح عملية إطاحة قادة جهاز الاستخبارات في النصف الثاني من العام الماضي. ويُتوقَّع أن يقيد مشروع التعديل فترة الولاية الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، ما يعني العودة إلى ما قبل التعديل الجزئي الذي وضعه بوتفليقة في نهاية عام 2008، لما عزم على الترشح الى ولاية ثالثة، وفتح بعدما أقرّه البرلمان، إمكان الترشح لفترات غير محددة. واستباقاً لتسلّم نسخة من الدستور وإبداء المجلس الدستوري رأيه فيه، اجتمع مكتب البرلمان الجزائري لدراسة إجراءات عرضه على هيئته العامة للبتّ فيه. وتُشكَّل في هذه الحالة لجنة مختلطة من غرفتي البرلمان لدراسة مشروع الدستور الجديد، قبل عرضه على المصادقة في غرفتي البرلمان. ويبدو أن المشروع يتغاضى عن فكرة تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، الذي يجمع أيضاً صفة وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقضاء (القاضي الأول في البلاد)، ويطرح سياسيون مطلب أن يكون وزير الدفاع مدنياً، في ظرف تتبنى فيه السلطة خطاب «تمدين الدولة» بعد التغييرات الجذرية التي جرت في جهاز الاستخبارات. ورأت الرئاسة أن المشروع التمهيدي لتعديل الدستور سيسمح «بتسجيل تقدم ملحوظ في مجالات عدة»، أبرزها «مجالا السياسة والحوكمة». وأعلنت أن نسخة من مشروع التعديل ستوزَّع على شخصيات وأحزاب وجمعيات استُشيرَت خلال مرحلة الإعداد. كما «سيتم إعلام الرأي العام بفحوى مشروع تعديل الدستور من طريق وسائل الإعلام». وأوضح البيان أن مجلس الوزراء سيعكف خلال شهر كانون الثاني (يناير) الجاري، على دراسة مشروع قانون تمهيدي يتعلق بتعديل الدستور قبل عرضه على المجلس الدستوري، الذي سيقوم بدوره «بإبداء رأيه حول الطريقة التي ستتم بها دراسة هذا النص والمصادقة عليه من البرلمان».