اشتكى مواطنون من أن ارتفاع أسعار الحديد خلال الفترة الماضية، تسبب في توقفهم عن مواصلة البناء في منازلهم، في حين أرجأ آخرون فكرة البناء حالياً، نظراً إلى أسعار الحديد المرتفعة التي طاولت معظم أنواعه. وعلى رغم الجولات المُكثفة التي بدأتها وزارة التجارة لمراقبة أسعار الحديد، وتوافره في السوق، إلا أن الحصول على كمية محدودة لا يزال أشبه ب«الخيال» لدى صغار المتعاملين، نظراً إلى الزيادة المفاجئة. وأشار المواطن سعد عبدالرحمن إلى أن الزيادة في الأسعار بلغت نحو 700 ريال، وقال: «لا يمكن شراء الحديد بهذه الأسعار»، لافتاً إلى أنه قرر إيقاف البناء في منزله في هذه الفترة، إلى أن تعود الأسعار إلى مستواها السابق. ولم يختلف غصاب علي عن سابقه، مشيراً إلى أن الأسعار «سجلت ارتفاعاً كبيراً ومبالغاً فيه في وقت قياسي». وطالب وزارة التجارة بضرورة «تكثيف جولات المراقبة على موزعي الحديد والتجار»، موضحاً أن «بعضهم قد يعمد إلى تخزين كميات كبيرة من الحديد في مستودعات خاصة، بغرض زيادة السعر وبيعه على الشركات والمتعاملين الكبار، الذين يشترون كميات كبيرة بخلاف المتعاملين الصغار، الذين لا تتجاوز حجوزاتهم أطناناً معدودة». فيما أوضح سالم خالد أن بعض موزعي الحديد «يتلاعبون بالأسعار من خلال تسجيل اسم العميل في قائمة الانتظار، بحجة أن الكمية غير متوافرة، وأنه لا بد أن ينتظر لفترة طويلة، ولا يحصل على الكمية المطلوبة، وهو ما قد يضر به ويسبب له صعوبات جمة». من ناحيته، اعتبر أيمن قصيباتي (مدير شركة توزيع حديد)، أن أسعار الحديد الحالية «مُقاربة للأسعار العالمية»، مشيراً إلى أن سعر طن الحديد العالمي يصل إلى 700 دولار. وأوضح أن الحديد «بدأ يتوافر في السوق منذ مطلع الأسبوع الماضي، كما بدأ المستهلك يلمس السعر الجديد، وأن هناك استقراراً في الأسعار»، لافتا إلى أن «الكثير من المتعاملين في سوق الحديد وصلوا إلى قناعة ودراية بأسباب الأسعار الحالية، وأنها عائدة إلى ارتفاعات في أسعار المواد الخام العالمية». وكشف قصيباتي عن وصول «باخرة من تركيا بعد غد (الثلثاء) عن طريق ميناء جدة الإسلامي تحمل أكثر من 100 ألف طن من الحديد، ستسهم في توفير كميات كبيرة من الحديد، وتقضي على الشح الحاصل في الأسواق». وأشار إلى أن شركة سابك وعدداً من الشركات المُصنعة، ستبدأ خلال الفترة المقبلة في ضخ كميات كبيرة من الحديد، مؤكداً أن هذه العوامل «ستساعد في إحداث توازن في السوق المحلية خلال 40 يوماً». بدوره، اعتبر رئيس مجلس إدارة «غرفة الشرقية» عبدالرحمن الراشد، أن ارتفاع الأسعار «أمر طبيعي». وعزاه إلى «ارتفاع مدخلات إنتاج الحديد العالمية بنسبة 60 في المئة». وأشار إلى أن خامات الحديد «قفزت خلال الفترة الماضية بواقع 60 إلى 130 دولاراً». وأكد الراشد ل«الحياة» أن وزارة التجارة كانت «تضغط على مصنعي ومنتجي الحديد بالبيع بسعر منخفض، وهو ما كان يمثل مشكلة، نظراً لارتفاع المواد الخام التي يصنع منها الحديد»، مضيفاً أن الفترة الماضية «شهدت مخاطبات بين وزارة التجارة وشركة الصناعات الأساسية (سابك) حول خفض سعر طن الحديد، إلا أن الشركة لم تتمكّن من الإبقاء على هذه الأسعار لفترة طويلة، وهو ما دفع الوزارة إلى تعديل السعر، ووضع الأسعار الجديدة على موقعها الرسمي». وشدد على أن ما يتم تداوله من تخزين الحديد من بعض الموزعين، بغرض رفع السعر «أمر غير صحيح»، رافضاً في الوقت ذاته فكرة وجود «شح في الحديد في السوق المحلية». وتوقع أن يتم توفيره «بكميات كبيرة خلال الأسبوعين المقبلين». وأكد أن ارتفاع الأسعار «أدى إلى ارتفاع أسعار النحاس والألومنيوم في السوق، وهو ما ألقى بظلاله على مصانع الكابلات، التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعارها خلال الفترة الماضية»، مشيراً إلى أن أسعار النحاس «عادت إلى مستوياتها المرتفعة في العام 2008». وأوضح الراشد أن «الكثير من المقاولين ممن لديهم عقود ومشاريع كبيرة قاموا بشراء كميات كبيرة من الحديد وتخزينها في مستودعاتهم الخاصة في وقت سابق، تفادياً لأي ارتفاعات طارئة مستقبلاً، وهو ما يفسر وجود هذه الكميات في مستودعاتهم»، مؤكداً ضرورة «التعامل مع ارتفاع الأسعار بالمنطق، وأنه أمر طبيعي وواقعي، نظراً لارتباطه بالأسعار العالمية». يذكر أن سعر طن حديد شركة سابك ارتفع بنحو 700 ريال، من 2250 إلى 2950 ريالاً. وزاد سعر الطن المستورد إلى 3150 ريالاً. فيما قامت وزارة التجارة بتعديل أسعار منتجات حديد التسليح الوطني والمستورد على موقعها الإلكتروني، إذ وافقت على زيادة أسعار حديد «سابك» بمقدار 740 ريالاً للطن، وسمحت لمصنع «الاتفاق» بزيادة 820 ريالاً، ولمصنع حديد «الراجحي» بمقدار 600 ريال، ولمنتجات «حديد اليمامة» بمقدار 215 ريالاً. فيما شهد الحديد المستورد من الصين وتركيا زيادة بمقدار 535 ريالاً، والقطري بمقدار 420 ريالاً.