وجهت هيئة أوراق المال والتداول الأميركية اتهاماً مباشراً إلى مصرف «غولدمان ساكس» العملاق، بالتلاعب بالمستثمرين العقاريين وإخفاء معلومات عنهم وإقناعهم بشراء سندات عقارية على رغم معرفة المصرف مسبقاً بارتفاع خطورتها وإمكان تعثرها. ويشكل الاتهام، كما أورد موقع تلفزيون «سي أن أن» الإلكتروني، إحدى القضايا العديدة المطروحة أمام القضاء الأميركي ضد المصارف الكبرى، من بينها أيضاً ليمان براذرز» الذي كان انهياره الشرارة التي أطلقت أزمة الأسواق المالية العالمية. وشرحت الهيئة بالتفصيل كيف دفع «غولدمان ساكس» المستثمرين إلى خسارة مئات ملايين الدولارات. وبحسب التقرير، أجرى صندوق «بولسون وشركاه» للتحوط نهاية 2006 وبداية 2007 دراسة حول إمكان تعرض الأسواق لأزمة، وقرر الاستفادة منها بتحديد نحو مئة نوع من سندات الرهن العقاري ذات التصنيف الائتماني المنخفض والاستثمار فيها وفي كانون الثاني (يناير) 2007، عقد مدير الصندوق جون بولسون، لقاء مع نائب رئيس «غولدمان ساكس» فابريك تور، وطلب منه مساعدته في شراء عقود التأمين الخاصة بهذه السندات، من خلال تكوين محفظة سندات منخفضة التأمين، وبعد ذلك تأمين مضاربة مالية عليها للاستفادة من ارتفاع أسعارها. ولمحاولة إخفاء القضية، لجأ المصرف إلى شركة «أي سي أي» لإدارة الاستثمارات للإيحاء بأن تكون المحفظة واختيار السندات الموجودة فيها تم من قبل طرف ثالث. وبحلول 26 شباط (فبراير) 2007، تكوّنت المحفظة وحملت اسم «أباكوس». وبهدف تأمين الزبائن لتسويق المحفظة الجديدة، أخفى «غولدمان ساكس» معلومات وتلاعب ببيانات، وأرسلت عروض استثمار إلى جهات ومصارف عالمية، أشير فيها إلى أن اختيار مكونات المحفظة جرى عبر «طرف ثالث مستقل» من دون ذكر للاتفاق مع «بولسون». وخلص تقرير هيئة أوراق المال والتداول الأميركية إلى أن «غولدمان ساكس» باع المحفظة بنحو بليون دولار، وبعد أشهر بدأ الانهيار العقاري الذي جعل السندات الموجودة فيها من دون قيمة تذكر. لكن «غولدمان ساكس» اعتبر أن الاتهامات لا تستند إلى مسوغات قانونية، واعداً بالعمل على مواجهة هذه الادعاءات و«السعي إلى المحافظة على سمعته». وفور صدور قرار الاتهام، هوت قيمة أسهم المؤسسة المالية والاستثمارية الأميركية العملاقة في نهاية تعاملات الجمعة الماضي 12.8 في المئة، ما يعادل خسارة 12 بليون دولار من قيمة السوق لأسهم المؤسسة بحسب ما أورد موقع تلفزيون «بي بي سي» أيضاً. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب» بأن الشكوى لا تستهدف حالياً، سوى «غولدمان ساكس» وأحد نواب رئيسه الفرنسي فابري تور. وتشير الشكوى إلى فابريس تور المسؤول الرئيس عن هذه المناورة التي تعود إلى نيسان (أبريل) 2007. ولحظ قرار الاتهام أن «تور أعد الصفقة وحضر وثائق تسويقها واتصل مباشرة بالمستثمرين» مع انه كان يعلم بوضع صندوق بولسون في سوق العقار. وبعد ستة أشهر خسرت الأسهم العقارية التي قدمت في إطار «اباكوس» 83 في المئة من قيمتها ثم 99 في المئة في كانون الثاني (يناير) 2008. ليمان براذرز وكان تقرير محاسبي أميركي كشف منتصف آذار (مارس) الماضي أن انهيار بنك «ليمان براذرز» العملاق في أيلول (سبتمبر) 2008، الذي أطلق شرارة أزمة المال العالمية في شكل مرعب بسبب ضخامة حجم أصوله التي تقارب 700 بليون دولار، ناتج عن ممارسات خاطئة من قبل الإدارة، فيها مجازفة كبيرة، إلى عمليات تلاعب في البيانات المالية.