على رغم أن المؤتمر الإسلامي العالمي الأول لمناقشة الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة وأثرها في العالم الإسلامي، تلقى ضربات استباقية ذات طابع تحريضي من جهة وتشويهي من جهة أخرى، إذ وصفه أحد المسؤولين في اللجان التابعة للأمم المتحدة في أحاديث صحافية قبل أن يبدأ ب «المؤتمر الرجعي والمتخلف»، ودعا المسؤولين العرب للتصدي لمحاوره إلا أن المؤتمر ناقش محاور الاتفاقات الدولية بطرح نقدي حوى الجانبين السلبي والإيجابي ولم يشغل نفسه بالملاسنة. المؤتمر المنعقد في المنامة تحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، بالتعاون مع مركز باحثات لدراسات المرأة في الرياض وجمعية مودة البحرينية، حظي بترسانة فكرية ودعوية من الأطياف الإسلامية والعربية كافة لكلا الجنسين، قاموا بتدشين وثيقة ل «حقوق المرأة المسلمة وواجباتها» في آخر يوم من جلساته. وكان الحضور النسائي لافتاً خصوصاً من السعوديات، إذ شاركت معظم الفاعلات في النشاط الدعوي والفكري كالدكتورة رقية المحارب والدكتورة أسماء الرويشد والدكتورة نوال العيد والدكتورة نورة السعد والدكتورة نورة العدوان والدكتورة أميمة الجلاهمة والإعلامية إيمان العقيل وغيرهن، إضافة إلى فاعلات عربيات يصلن إلى 15 امرأة، حضرن المؤتمرات الدولية للمرأة من مؤتمر بكين عام 1995 إلى الآن، كالمهندسة كاميليا حلمي، وأبدين رؤاهن حول ما شاهدن وما قيل في تلك المؤتمرات. الوثيقة التي دشنت مساء أمس (الخميس) ووقع عليها المشاركون، شهدت سخونة في الطرح أثناء عرضها، بين منتقد ومرحب ومطالب بالتروي، ورافض أن يخاطب الغرب بهذه اللغة، لكن رئيس مركز باحثات للمرأة الدكتور فؤاد العبدالكريم أوضح أن هذه الصياغة للعالم العربي والإسلامي وحين ترسل إلى الغرب، لن تكون بهذه الصيغة. ولفت العبدالكريم إلى أن الوثيقة تختلف عن بعض الاتفاقات وتوصيات المؤتمرات الغربية، إذ «ركزت على حقوق المرأة متزامنة مع واجباتها، وهذا ما لم تتطرق إليه الاتفاقات الغربية التي ركزت على حقوق المرأة فقط من دون التطرق إلى واجباتها»، مفيداً في أحاديث صحافية بأن الوثيقة لم تأتِ بجديد من ناحية حقوق المرأة وواجباتها، وإنما هي الحقوق والواجبات الموجودة أصلاً في الشريعة الإسلامية، إلا أن صياغتها جاءت بشكل علمي ودستوري. رئيس جميعة مودة البحرينية الدكتور عادل الحمد، انتقد عدم حضور التيار الليبرالي للمشاركة في ورش عمل المؤتمر،على رغم أن المنظمين دعوا الجمعيات النسائية ذات التوجهات الليبرالية في البحرين كما يقول المنظمون، واعتبر الحمد التيار الليبرالي لا يملك الجرأة لحضور مثل هذه المؤتمرات كما صرح لإحدى الصحف البحرينية، في حين لم تتم دعوة أي سعودية من أصحاب التوجهات الأخرى غير الإسلامية، وبرر البعض ذلك بأن المؤتمر مفتوح للجميع. الدكتور عادل الحمد في حديثه إلى «الحياة» تساءل عن المؤتمرات التي يقيمها أصحاب التوجهات الليبرالية أو العلمانية، هل دعوا لها أحداً من الإسلاميين؟ ليست دعوة عامة وإنما شخصية تحوي كامل التكاليف، مفيداً «نحن دعوناهم عبر البريد الالكتروني وصناديق البريد، وأُعلن في الصحف البحرينية لمدة 15 يوماً»، وقال: «أنا أحضر المؤتمرات الليبرالية حتى وإن لم أدع وأشارك فيها بوجهة نظري». بعض الحضور من الدول العربية رفض العزل التام بين الرجال والنساء أثناء الندوات، في حين كان الاختلاط واقعاً أثناء الطعام في بعض الأحيان والتنقلات، لكن الدكتور العبدالكريم لم يحبذ الدخول في الجزئيات وأكد أن المقصود برفض الاختلاط هو ما يؤدي إلى محرم وفساد، وكان المؤتمر حاوياً لضيوف متنوعين تجمعهم مظلة إسلامية، فكانت الرؤى متقاربة إلى حد ما وغير مشتتة، في حين توقع البعض لو حضرت أطياف أخرى أن تشهد الجلسات خروجاً عن الإطار المتوقع من المؤتمر، لذا قدم الضيوف رؤاهم في ثلاثة أيام متواصلة بشكل مندمج إلى حد ما خلال ورش عمل، وندوات واوراق ومدخلات ساخنة، إلا أن الحضور الإعلامي المتمثل في القنوات الفضائية والإذاعات لم يكن موازياً لحجم المناسبة. بعض المداخلات تساءلت هل التوقيع على الاتفاقات الدولية واجب فيها أم يمكن التحلل منها، يقول الدكتور عبدالله وكيل الشيخ: «الدخول في هذه المؤتمرات يعارض مبدأ السيادة، وبإمكاننا عدم الدخول»، مشيراً إلى اننا في الدول العربية مرعوبون من عدم الدخول، واستشهد بدولة السودان التي لم توقع على هذا الاتفاق ومشيداً بها، وطالب بالنظر إلى البعد النهائي لما تريد أن تصل إليه هذه المؤتمرات، إذ بعضها لا يقبلها عاقل فضلاً عن مسلم. بعض المداخلين، طالب بتوضيح بعض الأمور حول المرأة، التي تظهر في أقوال المسلمين أو الإسلاميين ويظن أنها من الدين الإسلامي، وأكدوا أن الدعوة لا بد أن تكون عاقلة وهادئة، وتصل إلى الجميع، حتى من يخالفوننا لا بد من مخاطبتهم بالعقل والحكمة، ولا نطالبهم إلا بالتفهم ليس أكثر. وعلى صعيد الأطروحات التي كانت في جلسات المؤتمر، كشف الكاتب المغربي الدكتور مصطفى الخلفي عن وجود تقرير في الكونغرس الأميركي يرفض فرض أي تشريعات خاصة بالأحوال الشخصية، ويعتبر ذلك نوعاً من التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، كما اعتبر التقرير أن قضايا الأحوال الشخصية، ومنها تحديد النسل شأناً شخصياً لا ينبغي للقوانين أن تحكمه، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة والكونغرس الأميركي لم يصادقا حتى الآن على اتفاق التمييز ضد المرأة. وأكد الخلفي رفض المجتمع المغربي للتعديلات المطروحة في قوانين الأحوال الشخصية في المغرب، مؤكداً أن عملية الرفض مرت بعدد من المرحل، حتى وصلت إلى حشد القوى الشعبية ضد هذه التعديلات، التي حاول بعض الرسميين فرضها على البرلمان المغربي.