أتاح اعتذار من رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وتعهدٌ بدفع تعويض، تحقيقَ اختراق في نزاع دام عقوداً، وإبرامَ سيولوطوكيو اتفاقاً تاريخياً لتسوية قضية «نساء المتعة»، وهنّ كوريات أرغمن على «الترفيه» عن الجنود اليابانيين في بيوت دعارة خلال الحرب العالمية الثانية. الاتفاق أُبرم خلال اجتماع في سيول لوزيرَي الخارجية الكوري الجنوبي يون بيونغ سي والياباني فوميو كيشيدا، اللذين أعلنا بعد اللقاء أن قضية «نساء المتعة ستُسوّى في شكل نهائي لا رجعة فيه»، إذا نُفذت كل الشروط. وقال كيشيدا بعد اللقاء إن «نظام نساء المتعة وُجِد نتيجة تدخل الجيش الياباني»، مؤكداً أن «الحكومة اليابانية تدرك تماماً مسؤوليتها العميقة». وأشار إلى أنها ستساهم في صندوق مالي لمساعدة النساء، لافتاً إلى أن آبي قدّم للضحايا «اعتذاراً عميقاً وعبّر عن ندمه من أعماق قلبه، لكل ما عانته نساء المتعة من جروح نفسية وجسدية». واعتبر كيشيدا أن الاتفاق لا يفيد البلدين فحسب، بل سيساهم في «السلام والاستقرار في المنطقة». وأعلن يون أن كوريا الجنوبية ستعتبر المسألة منتهية «في شكل نهائي لا رجعة فيه» إذا اتُّخذت الخطوات التي تعهدت اليابان تنفيذها في شكل كامل. وأشار الى أن سيول ستمتنع عن طرح مشكلة «نساء المتعة» في القمم الدولية المقبلة، وزاد: «إنني سعيد جداً بأنني أستطيع الإعلان قبل نهاية هذه السنة التي شهدت الذكرى الخمسين لاستئناف العلاقات (مع طوكيو)، عن إنجاز مفاوضات صعبة». وينصّ الاتفاق على دفع اليابان بليون ين (8 ملايين دولار) ل46 كورية جنوبية من «نساء المتعة» اللواتي ما زلن أحياء. كما ينصّ على أن تبذل سيول جهوداً، بالتعاون مع جمعيات الدفاع عن الضحايا، لنقل تمثال يرمز الى معاناة «نساء المتعة»، منصوب مقابل السفارة اليابانية في سيول، وتعتبره طوكيو مهيناً. وتعهد آبي والرئيسة الكورية الجنوبية بارك غيون هي، بانتهاز الفرصة لتعزيز العلاقات الثنائية. ونقل مكتب بارك عنها قولها لآبي في اتصال هاتفي، إنها تأمل في أن «تتمكن الحكومتان اللتان خاضتا عملية صعبة للتوصل إلى هذا الاتفاق، من التعاون عن كثب لبدء بناء الثقة وفتح صفحة جديدة في العلاقات». وأعرب رئيس الوزراء الياباني عن سعادته ببداية «عصر جديد» بين البلدين. وأضاف أن طوكيو اعتذرت وأبدت ندمها، مستدركاً أن الأجيال المقبلة في اليابان يجب ألا تتابع ذلك. وفي كوريا الجنوبية، صدرت مواقف متضاربة بعد إعلان الاتفاق. وقالت يو هي-نام التي أجبرها الجيش الياباني على ممارسة الدعارة خلال الحرب، إن الاتفاق ليس كافياً، مستدركة أنها ستمتثل لقرار الحكومة. وحض هيروكي شوجي من «منظمة العفو الدولية» على «عدم نسيان النساء اللواتي تغيّبن عن المفاوضات حول الاتفاق، المرتبط بالسياسة أكثر منه بالعدالة». ورأى كان كيمورا، وهو باحث في جامعة كوبي اليابانية، أن الاتفاق هو «بين حكومتين، لا بين مجتمعين». ونبّه إلى أن «الأمر يتوقف على مدى قبول المجتمع الكوري الجنوبي له»، علماً أن هناك خلافاً بين طوكيووسيول حول السيادة على جزر نائية في بحر اليابان، تديرها كوريا الجنوبية وتطالب بها اليابان. وكانت بارك اعتبرت أن الخلاف في شأن «نساء المتعة» يشكّل «أبرز عقبة» أمام تحسّن العلاقات بين سيولوطوكيو، علماً أن معظم المؤرخين يشيرون إلى أن حوالى 200 ألف امرأة، معظمهنّ كوريات وصينيات وأندونيسيات ومن دول آسيوية أخرى، أُرغمن على العمل في بيوت الدعارة التي كانت تابعة للجيش الياباني الذي احتل كوريا بين عامَي 1910- 1945. واعترفت اليابان عام 1993 بذنبها في استغلال هؤلاء النسوة. وأُقيم صندوق آنذاك لدفع تعويضات مالية لهنّ، لكن تمويله أتى بهبات من أفراد، لا من الحكومة اليابانية. واعتبرت طوكيو أن هذه القضية سُوِّيت عام 1965، وفق اتفاق نصّ على إقامة علاقات ديبلوماسية مع سيول. لكن الأخيرة رأت أن ذلك لا يشمل دفع تعويضات فردية لضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الياباني، وواصلت المطالبة باعتذار وبتعبير حقيقي عن الندم. والاتفاق على تسوية هذه المسألة مهم بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة التي تحرص على تحسين العلاقات بين أبرز حليفتين لها في آسيا، لمواجهة تزايد نفوذ الصين و«استفزازات» كوريا الشمالية.