تجنّد إمارة دبي دعماً كبيراً لإنجاح مسرحية «الفارس» التي تعتبر التجربة الأولى للرحابنة في الارتكاز على الأشعار الخليجية كقاعدة لأعمالهم المسرحية، ما يجعل هذا العمل محط أنظار كثر لرغبتهم في التعرف على أبعاد جديدة يمكن الشعر الخليجي أن يسلكها برفقة موسيقى وألحان «رحبانية». المسرحية عبارة عن ملحمة غنائية شعرية، مستوحاة من أشعار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومن إنتاج «براند دبي» الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، ويشرف عليها مروان وغدي وأسامة الرحباني، في ثالث تعاون فني يجمع الإمارات ولبنان، بعد مسرحية المتنبي وزنوبيا. ومسرحية «الفارس» التي سيبدأ عرضها في دبي على مدى اربعة ايام متتالية بدءاً من السادس من الشهر المقبل، هي ملحمة موسيقية ودرامية، تروي قصة حب «تتنزه على حدود الخطر والتشويق، ويحلم بطلها بمدينة «فاضلة» غير مدينة افلاطون التي بقيت حبراً على ورق، وهي صراع داخلي بين الحبيبة والمدينة اللتين تكملان بعضهما بعضاً، والفارس، هو انسان نبيل كريم وشجاع يهب لنجدة المظلوم ويكره العنف والظلم، تحيط به المكائد والدسائس»، كما قال مروان رحباني ل «الحياة». واختير الفنان اللبناني غسان صليبا لتجسيد شخصية «الفارس» بطل الملحمة، بينما ستلعب الفنانة الإماراتية بلقيس فتحي دور «شموس» الشخصية النسائية الرئيسة في العرض، وهو من إخراج مروان الرحباني. والحكاية بكل ما فيها من تناقضات تروى في 80 دقيقة، بكل ما يملأ سلتها من خير وشر وحب وكراهية ومعانٍ للإنسانية تتجسد على هيئة فارس يحلم ب «مدينة فاضلة، لا يرضى إلا بالأفضل لوطنه وشعبه، لكنها لا تجسد قصة حياة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والمدينة ليست دبي والفارس هو اي شخص شهم وكريم ونبيل، وهو قائد لديه بطولات ويحمل هم شعبه، ويتحلى بالفروسية بكل ما تحمل من معنى، ويحلم بعالم افضل»، بل هي رسالة «محبة وسلام من دبي الى العالم، ودعوة الى التعايش بين الحضارات». وعلى رغم ضخامة المسرحية تحمل في طياتها تحديات نجاحها، فهي عمل مختلف عما اعتاد عليه الجمهور والرحابنة في اعمالهم المسرحية، فهو وفق مروان الرحباني «طرح جديد، فرضت عليه الأشعار طريقة مختلفة في التعامل مع العمل الدرامي، إذ تعودنا في السابق ان يكون النص مكتوباً ونرسم عليه الأغاني والأشعار، اما في هذا العمل فالأمر معكوس، لدينا قصائد ومقاطع من اشعار وكان علينا ان نبني لها قصة درامية، وعملاً درامياً متكاملاً». والجديد في العمل يشمل الموسيقى والإخراج والسينوغرافيا، وهو مختلف في «طريقة صوغه، إذ تعوّد الجمهور ان يرى اعمالنا في فصلين، اما هذا العمل فمن فصل واحد، والقصة مختلفة في نهجها الدرامي الذي لا ينتمي الى زمان او مكان او احداث او اشخاص بل هي «فانتازيا» رمزية أعد لها في خمس مدن وتضم أكثر من 800 عارض وموسيقي وفني، ولا تدور احداثها في سنة او حقبة معينة، وأزياؤها لا شرقية ولا غربية، كذلك الموسيقى، وشعبها بلكنة شبيهة بلكنتنا اليومية، وتحاكي الهم الأزلي منذ بداية الكون، وهو صراع الخير والشر والحق والباطل». وعن الموسيقى ونسج العمل الدرامي على أشعار إيقاعها المختلف عما اعتاد عليه الرحابنة في اعمالهم، قال مروان انها «كانت مخاطرة وتحدياً لأنفسنا، لأن الأشعار فرضت علينا نوعاً موسيقياً مختلفاً، لكننا اكتشفنا ان اللهجة الإماراتية «مهضومة» وسلسة وتحمل ايقاعات جميلة تستسيغها الأذن». اما تحدي التوقيت الذي تعرض فيه المسرحية في وقت تشهد المنطقة العربية توترات سياسية قد تبعد الجمهور العربي المنشغل بهمومه عن المسرح، فأكد الرحباني ان «هذا العمل اولاً غير موجه إلى العرب وحدهم بل الى العالم، لذلك هناك ترجمة الى اللغة الإنكليزية، كما ان الفن والمسرح كل لحظة وزمان ومكان وقته، لا نستطيع ان نتوقف عن الفن والإبداع بسبب الأحداث، ونحن نعرف ان الجمهور العربي يعاني انهياراً معنوياً بسبب ما يرى حوله من احداث، ولكن المسرح والشعر والنحت والرسم وكل الفنون يجب ان يكون لها موقف في كل ما يحدث في العالم». واستذكر مروان «زمن قصف هتلر بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وموقف تشرشل وقتها من ان تواصل كل المسارح عملها وعرض المسرحيات من دون مقابل، ما خفف معاناة الشعب الإنكليزي». أما سالم باليوحة مدير إدارة الخدمات الإعلامية في المكتب الإعلامي لحكومة دبي ومدير المشروع فأشار الى أن قيمة العمل أوجبت حشد كل الإمكانات اللازمة لإخراجه بالصورة المنشودة، من الاكتمال والدقة في التنفيذ ليكون إضافة حقيقية للمسرح الملحمي العربي. وأضاف: «لم ندخر جهداً في توفير كل مقومات التميز للعمل بما يعزز عناصر تجربته الإبداعية التي تتضافر فيها أشعار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مع البناء الدرامي، لتكوين نموذج فني رفيع يقدم إضافة مهمة إلى المشهد الثقافي الإماراتي والعربي». ويأتي هذا في الوقت الذي اطلقت الحملة الترويجية للعمل بطرح بطاقات العرض للبيع إلكترونياً تيسيراً على الجمهور الراغب في الحضور سواء من داخل الدولة أو من خارجها. وأكد باليوحة ان «برند دبي» تراهن في نجاح المسرحية على ان المدينة «مركز عالمي للمال والأعمال وتسكن فيها جميع الجنسيات، ولديها فعاليات مختلفة على مدار العام، وهي مركز سياحي». وفي ما يتعلق بإمكان عرضها في دول عربية اخرى او اجنبية بعد عرضها في دبي، اشار الى ان «النية موجودة لعرضها في الخارج، لكن سنرى كيف ستمر التجربة في دبي ثم نضع خطة لعرضها في دول اخرى خارج الإمارات».