عين أخرى وُلد في نيسان ورحل في نيسان (أبريل) عن واحد وخمسين عاماً، والسنة المقبلة تحتفي بريطانيا بمرور أربعة قرون على وفاة أكبر كتابها. دار هوغارث كلّفت كتاباً بينهم الفائزَان ببوكر، الكندية مارغريت أتوود والبريطاني هوارد جيكبسن، إعادة كتابة مسرحيات وليم شكسبير، وظهر الكتاب الأول أخيراً. عصرنت جينيت ونترسن «قصة شتاء» الغريبة في «هوة الزمن» وعدّلتها لتنتهي قصة رجاء وخلاص. كانت دار هاربر كولنز نقلت «حس وحساسية» و«نورثانغر آبي» و«إيما» لجين أوستن الى عصرنا، كما فعلت هوليوود المفتونة بالكاتبة الإنكليزية بالرواية الأخيرة. مسرحيات شكسبير نفسها إعادة كتابة لقصص قديمة وجديدة في زمنه، وفي «قصة شتاء» يقتنع ليونتيس، ملك سيسيليا، بأن زوجته هرمايوني خانته وحملت من صديقه بوليكسينيس، ملك بوهيميا. تطيحه الغيرة فيطردها ويرمي الطفلة في الغابة، ويبدو أن هرمايوني وابنها الأكبر ماتا حزناً. تنشأ طفلتها برديتا في بوهيميا ابنة راعي غنم، وتعشق فلوريزل، نجل بوليكسينيس المتمرد. بعد ستة عشر عاماً تلتقي والدها النادم، المحطم، وتدبّ الحياة في تمثال هرمايوني. في «هوة الزمن» يتحول ملك سيسيليا مصرفياً لندنياً كبيراً يدعى ليو، تنوي شركته هدم مسرح راوندهاوس وبناء أبراج سكنية فخمة مكانه. يشكك في أن زوجته ميمي، المغنية الفرنسية الشهيرة، حملت من زينو، مؤلف الألعاب الإلكترونية المليونير الذي يعيش في الولاياتالمتحدة. كان الاثنان ارتبطا بعلاقة مثلية في مراهقتهما انتهت حين دفع ليو صديقه عن حافة منحدر وكاد يقتله. تزيد ونترسن العلاقة المثلثة تعقيداً بقضاء ميمي وزينو نهاية أسبوع رومنسية في باريس في الماضي، وتشعل الزخم المَرَضي لغيرة ليو الجنسية النفسية. تنعزل ميمي في باريس، ويدبّر ليو اختطاف برديتا وإرسالها الى زينو، لكن الخطة تتعثّر وتنتهي الطفلة في صندوق للأطفال المهجورين في مستشفى في نيو بوهيميا، نيوأورلينز. ينقذها عازف بيانو أسود يدعى شيب ويرعاها. تغني في حانته، وفي الثامنة عشرة تلتقي فلوري، نجل زينو، وتعشقه وتقصد لندن حيث تقدّم نفسها الى والدها. تجتمع الأسرة خلال حفلة لميمي في راوندهاوس، في إشارة الى عودتها الى الحياة كتمثالها في مسرحية شكسبير. تلتقي ونترسن مع برديتا في البحث الموجع عن بيتها الحقيقي. لم تنشأ الكاتبة المثلية مع أسرتها البيولوجية بل مع أخرى تبنّتها واعتمدت تربية مسيحية قاسية. كتبت عن ألمها في أفضل أعمالها: رواية «البرتقال ليس الفاكهة الوحيدة» ومذكراتها «لماذا تكون سعيداً حين تستطيع أن تكون عادياً؟» تحدثت ونترسن عن «الأهمية الطلسمية» للمسرحية في حياتها، وستكون مثيرة للاهتمام مقاربة هوارد جيكبسن اليهودي ل «شايلوك» السنة المقبلة. أدب سعيد يكتب ستيفن كينغ مجدّداً عن الهوس بالكُتّاب في «من يجد يحتفظ» الصادرة في بريطانيا عن دار هودر وستاوتن. روايته الأخيرة تتمة ل «مستر مرسيدس» التي يطارد فيها التحري المتقاعد بيل هودجز قاتلاً بالجملة ويتركه في غيبوبة. يتجاوز هودجز الجرائم العادية الى تلك الغامضة، الصعبة التي تهملها الشرطة، مفضّلاً المطاردة المثيرة على التفاصيل الدقيقة المملة. نالت «مستر مرسيدس» جائزة إدغار الرفيعة لأدب الجرائم في أميركا، وكانت بداية ثلاثية ستنتهي ب «أمير الانتحار» التي قد يكون الكاتب الغزير انتهى من كتابتها. موريس بيلامي معجب كبير بالكاتب جون روثستاين الذي جعلته ثلاثية «الراكض» «نابغة أميركا المنعزل» وفق مجلة «تايم». شكّل كينغ الكاتب المسن من فيليب روث، ج د سالينجر وجون أبدايك، واختار عنوان الثلاثية من رباعية «الأرنب» لأبدايك. يكره بيلامي نهاية الرواية الأخيرة التي تظلم البطل، وحين يسمع أن روثستاين يحتفظ في بيته بمخطوطات كتبها منذ اعتزاله، يقصد نيوهامبشير علّه يجد خاتمة تسعده في الكتاب اللاحق. لكن السرقة تنتهي بمقتل الكاتب الذي صنع إحدى أكبر الشخصيات في الأدب الأميركي ليختار له مصيراً قاتماً. من يفعل ذلك، يقول له، لا يستحق العيش. تطارده الشرطة فيخبئ المخطوطات والمال في صندوق يطمره تحت شجرة قرب منزله، لكنه يُعتقل لجريمة أخرى ويُحكم عليه بالسجن المؤبد. بعد أكثر من ثلاثة عقود يعثر فتى تعيش أسرته في منزل بيلامي على الصندوق، ويحلّ المال مشاكلها. يقرأ بيت سوبرز المخطوطات وحيداً، وينعم بنثر الكاتب «النزق، المرح، وأحياناً المؤثر للغاية». يخرج بيلامي من السجن وهو لا يزال ثائراً على روثستاين، وطريقة معاملته بطله جيمي غولد. تبدأ مطاردة أخرى بين معجبَين بكاتب قتيل، كل على طريقته. تطرح الرواية الخامسة والخمسون لكينغ (68 سنة) أسئلة عدة عن الوضع البشري وعالمنا المعاصر. الى جدلية الفعل والمسؤولية والنتائج، هناك العلاقة المرَضية بين المبدع والمتلقي التي تنحرف الى الملاحقة والتلصص والرغبة في علاقة أو سرقة موضوع الهاجس كي يصبح ملكاً للمعجب في شكل أو آخر. بيلامي جعل شخصية جيمي غولد جزءاً من حياته، ويريد من قراءة المخطوطات التأكد من أن الكتاب الذي أغضبه كان شواذاً. لكن الكاتب يتمسك بحريته وحقه في الخيار والتغيير والانعزال أو التمتع بالشهرة. آخر ما يريده لروثستاين تحوله شخصية يمكن التنبؤ بها في خيال قارئ مريض. ولئن نجا بول شلدن من المعجبة القاتلة في «بؤس» دفع كينغ الانحراف العقلي الى نهايته المأسوية في روايته الأخيرة. كل سنة مرة عشرون كتاباً في عشرين عاماً لجوناثان ليثيم الذي يبلغ الخمسين. مجموعته الأخيرة «آلان المحظوظ» الصادرة في بريطانيا عن دار جوناثان كيب من تسع قصص سبق نشرها، تجمع بين الواقعية والسوريالية ويتفاوت نجاحها. قصة العنوان عن آلان زوليش الذي يزعجه لطف جاره المسنّ سيغسموند بلوندي مع أن هذا صادق حقاً في لطفه. حين يعود آلان من عطلة مع عروس أسيوية، يهنّئه سيغسموند على حظه فيعتقد بأنه يسخر منه وينهي الصداقة. كان سيغسموند مدير مسرح ينهار «مثل متزلج في نهره الخاص» بعدما كان من الأبرز في حقله. ينعزل ويحس أنه فقد السيطرة حين يكتشف أن الحي يثرثر عنه، وينتقل الى مسكن آخر:»لم يعد الحي ملكي». في «نباتي معلّق» ينهار البطل المكتئب وهو في «سيوورلد» مع زوجته وابنتيه التوأمين. يضيق بسعادتهن بالحيوانات في العروض، ومركنتيلية البارك، ويرى زوجته «غيمة اللامعرفة». يفكر أنه اصطدم بها يوماً فوقعت قطعتان وظهرت الطفلتان. تسكنه صور عن حيوانات متمردة، ويقرر التوقف عن تناول الأدوية واللحم، لكنه يؤجل التنفيذ في خطوة تشبه معرفة الحلفاء بمعسكرات الموت (لليهود) وكبح غضبهم الأخلاقي لأسباب تكتيكية! تنتهي القصة بعرض للوفاق العائلي أمام الجميع. في «ملك العبارات» تعمل كْلِيا وصديقها في مكتبة في نيويورك، ويعتبران نفسيهما «الوصيّين على خزينة العبارات» الجميلة التي تمنح كليا النشوة الجسدية إذا قيلت في الوقت المناسب. الجملة نحت، يقولان، ويتساءلان إذا كانا الوحيدين اللذين يدركان ذلك. هما كاتبان أيضاً. تعمل كليا على «هؤلاء الحرّاس الشبان اعتقدوا بأن الحب فضيحة مثل رأس أبيض أصلع»، وهو يكتب «سمعت ضحك أفراد الفرقة خلف آلاتهم الموسيقية». قد يكون العنوانان إشارة ساخرة الى عناوين اعتمدها الكاتب باكراً مثل «مسدس، مع موسيقى عرَضية» و»حين تسلقت الطاولة». يُفتن كلاهما بكاتب منعزل يلقبانه «الملك»، ويتلوان مقاطع من كتبه بصوت عالٍ على ضوء الشموع. يقصدانه وهو يعاني من الضيق ويرغب في تناول الدونات. لا يثير التأليه إعجابه، ويلقنهما درساً عن خطره. نشر ليثيم «إجراء في الهواء الطلق» في 2009 حين أمر الريئس الأميركي بإغلاق معتقل غوانتانامو. يشرب ستيفك العاطل من العمل القهوة صباحاً في المقهى ويرى عاملين يحفران الرصيف. يدفنان أسيراً قاتم البشرة حيّاً في الحفرة تحت ألواح خشب، فيغلق الرواد الكومبيوتر ويغادرون، ووحده ستيفك يحتج. يبقى الأسير صامتاً، ويقنع العاملان ستيفك بحراسته. يعرف أنه متواطئ، لكنه يحاول إثارة إعجاب صديقة سابقة صدف مرورها، ويسألها إذا كانت تود رؤية الأسير. في القصة الأولى تتكرر إشارته الى العزلة حين يشبّه زوجين حديثين بالعرسان في قبّة الزجاج. تراهما ولكن لا تستطيع التواصل معهما.