يَختتم اليومَ (الاربعاء) مهرجانُ السينما الخليجي دورتَه الثالثة في دبي بعد عرضه 194 فيلماً من 41 دولة، ومع أنه لم يعد مفاجئاً الحضور السعودي، لكنه حضور يثير المفارقة الساخرة؛ ففي كل عام تجدهم أمامك أناثاً وذكوراً، بحمولتهم السينمائية وبفرقهم وبآحادهم المتحمسة، من شباب الحسا وبريدة والرياض، بمواهبهم الصاعدة وإمكاناتهم الفردية والخاصة، بل زادت حماستهم فصاروا ينافسون الشباب الإماراتي الذي يحظى برعاية كبيرة لتنشيط المواهب السينمائية وتشجيعها، فالمشاركة السعودية تحتل الموقع الثالث بين المشارَكات الخليجية، حيث تشارك الإمارات ب36 فيلماً، يليها العراق ب25 فيلماً، ثم السعودية ب24 فيلماً، وعُمان ب10 أفلام، والكويت ب8 أفلام، والبحرين ب6 أفلام. السينما هي فن الصورة، وكلما تطورت التقنية في هذا الفن كلما تمكن المخرجُ من صناعة فيلم يأخذ بالألباب وينتزع الدهشة من المشاهدين، لكن مشكلة هذه التقنية أنها مكلفة، لهذا يشتكي معظم المشاركين السينمائيين الخليجيين من قلة التمويل وضعف الموازنة المرصودة للفيلم، حتى ان بعض المخرجين لا يتمكن من تصوير أفلامه بكاميرا سينما، بل بكاميرا عادية ثم يتم نسخ الفيلم لاحقاً بصورة سينمائية، ليدخل المشاركة، لهذا فإن كثيراً من مجال تفوق الأفلام الخليجية بعيد عن التقنية كأن يتفوق في الموضوع أو القصة أو السيناريو أو موهبة الممثلين. لكن، بمجرد مشاهدتك لفيلم أجنبي بعد مشاهدتك لفيلم خليجي تدرك أن السينما الخليجية قد حُرمت من كثير من الفرص التي تكفل نضجها وبراعتها، وبالتالي ستحتاج إلى وقت طويل حتى تتطور باتجاه الحقل السينمائي المعاصر. في فقرة النقاش التي تلت فيلم (المحنة) العراقي للمخرج الشاب حيدر رشيد (تم تصويره في بريطانيا) تحدث المخرج عن أزمة الموازنة أيضاً التي تمثل مشكلة، لكل الشباب المبتدئين، لكنه تحدث أيضاً عن تقنية الكاميرا وعن الممثلين الذين، وعلى رغم حداثة تجربتهم تفوقوا بسبب إخضاعهم لدورات تدريبية في التعامل مع الكاميرا لمدة أشهر بحيث ساعد المخرج في استخدام تقنيات شديدة الجرأة والمهارة، وهو ما أظهر أداء الممثلين وكأنهم ممثلون محترفون اعتادوا الوقوف أمام الكاميرا. هذه التقنيات التي تحدث عنها مخرج عربي لم تتح له إلا لأنه حظي بفرصة العيش في أوروبا كونه من أم إيطالية، وقد مكنته هذه التقنيات البسيطة - لكن المهمة - في أول فيلم سينمائي من أن يتفوق على مخرجين محترفين خليجيين شاركوا في المهرجان. لهذا لن أقول إن المقارنة بين فيلمين عربي وأجنبي هي مقارنة لا تصب في مصلحة الفيلم العربي بل سأقول إن المقارنة بين فيلم عربي تم إعداده في الخارج وبين فيلم عربي آخر أعد بإمكانات ومواصفات الداخل العربي تحمل فروقاً كبيرة، وهو ما يؤكد الحقيقة الساطعة وهي أن الجينات العربية ليست هي السبب، بل مناخ الإهمال والفقر والانصراف عن دعم هذه الفنون البصرية الجميلة، والتي تجعلنا في ظل غياب الاهتمام العربي بالسينما، نعرف، ونقدر جيداً، طعم مذاق مهرجان السينما الخليجي في دبي.