القاهرة، جنيف، مكسيكو، واشنطن - رويترز، أ ف ب - وسّعت السعودية من إجراءاتها الاحترازية لمنع «تسلل» مرض «أنفلونزا الخنازير» إلى أراضيها، إذ وجّه أمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز الأجهزة والإدارات الحكومية العاملة في المنافذ البرية (حالة عمار والدرة) ومنفذ ميناء ضباء البحري أمس، بإجراء الفحوصات اللازمة لأي مسافر يشتبه في إصابته بالمرض، خصوصاً من القادمين من الدول التي انتشر بها. وأكد المدير العام للشؤون الصحية في منطقة تبوك الدكتور علي الغامدي أن المحاجر الصحية زوّدت بالأطباء والأجهزة والمعدات اللازمة لإجراء الفحوصات. وسألت «الحياة» وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة خلال حضوره اجتماع وزراء صحة دول الخليج في قطر أمس، عن الاجراءات التي اتخذتها بلاده فقال إن «السعودية من أوائل الدول التي تحركت عندما صدرت بيانات من منظمة الصحة العالمية، وشُكل فريق عمل وطوارئ يعمل على مدار الساعة». من جهتها، أوضحت هيئة الغذاء والدواء السعودية أن لقاحات حمى الخنازير يمكن أن تساعد في الشفاء من «الأنفلونزا»، لكنها ليست فعالة بشكل كامل. وعزت في موقعها الالكتروني أسباب عدم الشفاء إلى وجود عدد من السلالات المختلفة لفيروس الأنفلونزا، التي من الممكن أن تصيب الخنازير، ولذلك فإن اللقاحات قد لا تكون فعالة ضد عدد من هذه السلالات. وذكرت أن فيروس «أنفلونزا الخنازير» يمكن أن ينتقل من خنزير إلى آخر عن طريق التنفس المباشر وغير المباشر، إضافة إلى الإفرازات التي تخرج من الأنف، كما يمكن أن ينتقل هذا الفيروس إلى البشر عن طريق الاحتكاك بهذه الحيوانات من خلال المزارع أو غير ذلك، أو من شخص إلى آخر عن طريق السعال أو الكحة أو ملامسة الأشياء التي تعرضت للحيوان. إلى ذلك، دخلت فرنسا وإيطاليا بعد كوريا الجنوبية أمس، «نادي» الدول الموبوءة بأنفلونزا الخنازير (أي اتش1 ان1) التي واصلت تفشيها في الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فيما بدأت السلطات المصرية ذبح قطعان الخنازير. في غضون ذلك، يخضع نحو 100 طالب وطالبة سعوديين مبتعثين للدراسة في الولاياتالمتحدة الأميركية، إلى «مسح شامل» تجريه جامعة «وسترن أورغن» في ولاية اروغن غرينس، بعد ظهور حالة إصابة ب«أنفلونزا الخنازير» في الجامعة، التي تضم نحو 6000 طالب وطالبة، إضافة إلى 700 موظف، بينهم مكسيكيون. فيما حذرت الملحقية الثقافية السعودية في أميركا من خطورة المرض، ونصحت الطلبة ب«توخي الحيطة والحذر». وأغلقت الجامعة أبوابها موقتاً، بعد أن ثبتت إصابة طالب لم تحدد جنسيته بالفيروس الذي اجتاح ولايات في أميركا. وأشار آخر إحصاء إلى إصابة 160 حالة، إضافة إلى تسجيل حالة وفاة واحدة في 22 ولاية أميركية معظمها في نيويورك، التي شهدت إصابة 50 حالة. وأعلن مدير الجامعة جون ميناهن عن «إغلاقها حتى إشعار آخر». فيما دعا جميع الطلاب بمن فيهم السعوديين إلى «عدم الخروج من السكن الجامعي، والبقاء في أماكنهم حتى تتضح مدى جاهزية وسلامة الحرم الجامعي من هذا الفيروس القاتل». وألغت إدارة الجامعة جميع الفعاليات والمحاضرات الدراسية موقتاً، كما طالبت الطلاب والموظفين القاطنين خارج الحرم السكني الخاص بالجامعة بعدم الحضور «خوفاً من تفشي المرض، حتى يتم إبلاغهم رسمياً بالحضور». وأكد مدير الجامعة في بيان نشره موقع الجامعة أن «القرار جاء خوفاً من انتشار الفيروس بين الطلاب والطالبات». وأضاف «نسعى إلى الحفاظ على أكبر عدد من الناس الذين اتصلوا معه (المصاب) بعيداً عن الآخرين، حتى لا ينتشر هذا الفيروس». ونشر موقع الجامعة مجموعة من النصائح حول الوقاية من المرض، وطرق التعامل مع المشتبه فيهم أو المصابين. وقال أحد الطلاب السعوديين المبتعثين ل«الحياة»: «إن الجامعة ستقوم بمسح شامل للمنطقة، بالتعاون مع الجهات الصحية في الولاية، التي أبدت جاهزيتها للتعاون والتواصل مع الجميع، لتقديم الخدمات الطبية اللازمة، إضافة إلى التأكد من عدم وجود حالات أخرى مشابهة. كما سيتم فحص جميع طلاب الجامعة بمن فيهم الطلاب السعوديين وغالبيتهم من المنطقة الشرقية، للتأكد من عدم إصابتهم بهذا الفيروس». إلى ذلك، حذرت الملحقية الثقافية السعودية جميع المبتعثين السعوديين في الولاياتالمتحدة من «خطورة هذا المرض». وأرسلت تعميماً إلى جميع السعوديين حول أهمية «الابتعاد عن مصادر انتشار هذا المرض، وبخاصة الأماكن المزدحمة، منعاً لتفشي المرض وانتقال العدوى، إضافة إلى الحرص على مراجعة المراكز الصحية في أقرب وقت ممكن في حال ظهور أي من الأعراض المصاحبة لهذا المرض، وهي نفسها أعراض الأنفلونزا العادية (ارتفاع في الحرارة وخمول عام)، ومتابعة وسائل الإعلام إلى حين تلاشي هذا المرض». كما حددت أرقاماً خاصة لمتابعة المستجدات. فيما أكد الملحق الثقافي السعودي في أميركا الدكتور محمد العيسى في تصريح سابق، أنه «لم يتم حتى الآن تسجيل أي حالة بهذا المرض بين المبتعثين والمبتعثات في أميركا، وحالتهم مطمئنة». شرح صور: خطاب مدير جامعة «وسترن أورغن» حول إغلاق الجامعة موقتاً. ... وخطاب الملحقية الثقافية للطلاب السعوديين. في غضون ذلك، قال الطبيب مايكل راين مدير شبكة الإنذار العالمية في منظمة الصحة العالمية، أن «لا دليل على انتشار متواصل للفيروس خارج أميركا الشمالية»، يستدعي رفع درجة الإنذار من 5 حالياً الى 6 التي تعني تحول الأنفلونزا الى وباء. وأضاف: «ما زلت أعتقد بأن الوباء وشيك، لأننا نشهد انتشار المرض. يجب ان نتوقع الوصول الى المرحلة 6 التي نأمل بألا نصل إليها». وأوضح ان المنظمة «تجهل مدى خطورة» الفيروس، معتبراً ان تطور الوضع خلال «الأيام المقبلة في أوروبا» سيكون حاسماً. وقال وزير الصحة المكسيكي خوسيه انخيل كوردوبا: «لدينا 443 إصابة كانت الفحوص عليها إيجابية». وأضاف ان الحصيلة في بلاده «427 مريضاً و16 توفوا». وخفّضت المكسيك تقديراتها للوفيات التي يُشتبه في أنها نتجت من الفيروس، من 176 إلى 101. وفي الولاياتالمتحدة، اكدت المراكز الأميركية لمكافحة الامراض والوقاية منها، وجود 160 حالة مؤكدة في 21 ولاية، وغالبيتها خفيفة. جاء ذلك بعد تأكيد الرئيس باراك اوباما تصميمه على مكافحة الفيروس. وقال في كلمته الإذاعية الأسبوعية أمس: «بخلاف أنواع الأنفلونزا الأخرى الحيوانية المنشأ، هذا النوع (الجديد) ينتقل بين البشر، ما يثير احتمال انتشار وباء على نطاق واسع. لذلك نتعامل (مع الأزمة) بسرعة وحزم». في سيول، أُعلن عن أول حالة إصابة، وهي لراهبة عادت من المكسيك منتصف الشهر الماضي ووُضعت في الحجر الصحي. بذلك باتت كوريا الجنوبية الدولة الثانية في آسيا بعد هونغ كونغ، التي يظهر فيها الفيروس. وبعد تأكيد إصابة مكسيكي وصل الى هونغ كونغ عن طريق شنغهاي، فرضت بكين حجراً صحياً لسبعة أيام على اكثر من 300 شخص من مرضى وعاملين في الفندق الذي نزل فيه المريض لفترة قصيرة، كما علّقت كل الرحلات بين المكسيك وشنغهاي. ووصل الفيروس الى فرنسا، إذ أعلنت وزيرة الصحة روزلين باشلو عن إصابتين مؤكدتين لرجل وامرأة عادا أخيراً من رحلة الى المكسيك، لكنهما «بخير وتلقيا علاجاً بمضادات الفيروسات». وأشارت الى حالة ثالثة لشخص كان في المكسيك أيضاً، و»من المحتمل جداً أن تكون إيجابية». كما شهدت إيطاليا أول إصابة بالفيروس، وهي لرجل تماثل للشفاء، بعدما عاد من المكسيك الشهر الماضي. وفي لندن، أعلنت وزارة الصحة عن إصابتين جديدتين بالأنفلونزا لرجل وطفل زارا المكسيك، ما يرفع عدد الإصابات الأكيدة إلى 15، بينها اثنتان انتقلتا على الأراضي البريطانية. وسجلت إصابة ثالثة بالأنفلونزا في إسرائيل، لدى رجل عاد أخيراً من المكسيك، وثمة إصابات أكيدة في 16 دولة. في غضون ذلك، بدأت السلطات المصرية ذبح قطعان الخنازير، وذكر الناطق باسم وزارة الصحة عبد الرحمن شاهين ان «السلطات استغلت هذه الفرصة لتسوية مشكلة التربية العشوائية للخنازير في مصر». وقال مدير قسم الأمراض المعدية في وزارة الزراعة صابر عبدالعزيز جلال: «بعد سنتين ستُستأنف تربية الخنازير، ولكن علينا أولاً إنشاء مزارع جديدة في مناطق خاصة، على غرار أوروبا». في بغداد، أعلن مدير حديقة الحيوانات قتل الخنازير البرية الثلاثة فيها، تحسباً لانتشار الفيروس.