اعتلت «الدهشة» وجه الزوجة، بعد اكتشافها أن زوجها «مريض نفسياً». وكانت أشبه ب «الصاعقة» التي نزلت على رأسها، فقد قيل لها أنها ستتزوج من رجل «يتمتع بكامل صحته» بيد أنها فوجئت بخلاف ذلك، وهذا ما أحال حياتها إلى «معاناة»، بحسب ما رواه المحامي حمود الحمود ل «الحياة»، قبل أن يضيف: «كان الزوج يجلد زوجته باستمرار، حتى وصلت القضية إلى القضاء، وانتهت بفسخ عقد النكاح». ويؤكد الحمود أن هذه النوعية من القضايا، يكون سببها الرئيسي إخفاء مرض أحد الطرفين، ومرت عليّ حالات كثيرة، غالبيتها يكون أحد الشريكين مريضاً نفسياً، ويصعب اكتشافه في البداية، لكن الزوجة تُفاجَأ في تصرفات الزوج المرضية، إذ يُخفى عنها مرضه، خوفاً من رفضها الارتباط به، وأحياناً يكون ذلك باتفاق أسرتها مع أسرة الزوج». ويشير إلى أن الخطوات التي يقوم بها في حال تقدم له أحد الزوجين هي رفع قضية ل«فسخ عقد النكاح»، بسبب اكتشاف مرض ما، في أحد الطرفين، «أحاول جاهداً الإصلاح في البداية، وأوصلهما إلى ذوي الاختصاص، من أطباء نفسيين، أو مصلحين اجتماعيين، بغيةً البقاء على العائلة. وربما كان علاج المرض حبة دواء، وربما إجراء طبي يُنهي هذه المعاناة». ويستدرك: «هذا لا يمنع من أن عدم الإخبار يعتبر غشاً وتدليساً، وهو أمر مخالف، لكن إن وقع فمحاولة الإصلاح لا بد منها». وأضاف: «إذا حاول الطرف السوي، واستنفذ جميع السبل لمعالجة الطرف الآخر، يحق له اللجوء إلى المحكمة، وفسخ عقد النكاح. وهنا يحيل القاضي الطرف المريض إلى مستشفى، لتقويم وضعه الصحي، من خلال النتائج يصدر حكمه». وأشار إلى أن الأوضاع الصحية التي تدخل فيها الأمراض والتشوهات الخلقية، «يمكن أن تظهر واضحة قبل الزواج، وعليه يقرر الزوجان الارتباط من عدمه، لكن ماذا إذا كان المرض أخلاقياً، مثل تعاطي المسكرات، أو العلاقات الغرامية المشبوهة، أو سوء الخلق، فإذا كان أحد الطرفين يعاني من هذه المشكلات، كيف يمكن الاعتراف بذلك قبل الزواج، ليفاجئ الطرف الآخر لاحقاً بهذا الأمر الأخلاقي. وهو أيضاً داخل في نطاق الغش والتدليس». وأشار إلى أن من هذه الحالات المشابهة التي مرت عليه أخيراً، «طلب زوجة من القاضي فسخ عقد الزواج، بسبب إدمان زوجها على المخدرات، مؤكدة عدم علمها قبل الزواج بهذا الأمر». ويرى المحامي مشعل الشريف أن «التدليس من الطرفين شيء أساسي يُجوّز لأحدهما التقدم إلى المحكمة، إذا عجزا عن التوصل إلى حل. وهنا ينظر القاضي، ويقدر الضرر الموجود، وهل هو لازم أو متعد، ويحاول الإصلاح، وربما يقوم في النهاية بفسخ العقد». ويقول: «محاكمنا مبنية على الشريعة الإسلامية، وهناك تعاليم واضحة في هذا الخصوص، تشير إلى فسخ العقد وإرجاع المهر المدفوع، في حال وجود عيب خلقي، أو مخالف للعرف والعادات، لم يكشف عنه طرف لآخر. لكننا نختلف عن دول الخليج المجاورة، التي لديها قوانين منظمة. بينما لدينا اجتهادات من القضاة، وليس لدينا مثل تلك القوانين المنظمة، التي ننتظر صدورها مستقبلاً». ويؤكد الشريف أن «الكثير من القضايا المرفوعة تكون من الرجال ضد النساء، بعد اكتشاف مرض، أو عيب ما. وقليل من النساء من يحاولن رفع قضايا مماثلة. وهذا يرجع إلى تكوين المجتمع والعادات والتقاليد وأمور أخرى»، مضيفاً: «تخضع مثل هذه القضايا إلى المماطلة والتأخير والتأجيل في المحاكم. وهذا ما يجعلها من القضايا الغريبة». بدوره، يشير المشرف العام على موقع «المستشار» المتخصص في القضايا الأسرية مدير مركز التنمية الأسرية في الأحساء الدكتور خالد الحليبي، إلى أن قصص الطلاق التي مرت عليه «كثيرة». ويقول: «هي متداولة بين الناس، ومنها اكتشاف زوج أن زوجته تعاني من قلة الإخصاب، أو إصابة إحدى الزوجين بمرض السكري، أو تكسر خلايا الدم المنجلي. وهي كثيرة في الفترة الخيرة، وأيضاً وجود تشوهات على جسم أحد الزوجين من دون علم الآخر». ويضيف: «من القضايا الحساسة التي مرت عليّ، فقدان الزوجة لعذريتها وهي صغيرة. وهنا نكون أمام خيارين. إما إجبارها على إخبار الزوج بذلك قبل الزواج، أو الستر عليها، ومنحها فرصة في الحياة، والإخفاء أولى، لأنه لن يؤثر في الحياة الزوجية، وستستمر طبيعية، وأن هذا الأمر حدث وهو خارج عن إرادة الفتاة، ويجب ألا تُحرم من الحياة». ويؤكد أن «المصارحة قبل الزواج يجب أن تكون في الأمور الحساسة التي يتوقف عليها استمرار الحياة الزوجية، مثل الأمراض والتشوهات. ونستقبل في المركز الكثير من الحالات التي تستشير حول قضية استمرار الزواج من عدمه، بسبب اكتشاف متأخر لمرض أحد الطرفين. ودائماً نترك الخيار للزوجين، بعد أن ندرس وجهات نظرهما، ونحلل القضية من جوانب عدة. ولا يمكن إجبار الزوجين على مواصلة الحياة الزوجية، إذا كان العائق اكتشاف ذلك السر المخفي».