شهدت الجزائر خلال اليومين الماضيين حركة ناشطة لمعارضي النظام والمحتجين على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة متتالية، إذ تجمع نحو 50 شخصاً أمس، في العاصمة الجزائرية مطالبين «بتغيير النظام»، وذلك غداة لقاء شعبي حاشد لدعاة مقاطعة الاستحقاق الرئاسي المفترض إجراؤه في السابع عشر من نيسان (أبريل) المقبل. ولبى المتظاهرون نداء «جبهة الرفض» التي تجمع عائلات مفقودي الحرب الأهلية خلال التسعينات ولجنة الدفاع عن العاطلين عن العمل، ورفعوا شعار حركة «رشاد»، وهي تنظيم معارض بارز يتوزع معظم قادته بين بريطانيا وسويسرا. ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها «الشعب يريد إسقاط النظام»، ورددوا: «الشهداء حرروا البلاد لكن الفاسدين خانوها وباعوا ثرواتها». ولم تتدخل قوات الأمن، التي انتشرت بكثافة أمام البريد المركزي في قلب الجزائر العاصمة، لتفريق المتظاهرين لكنها طوقتهم. وفي سياق متصل، احتشد آلاف المتظاهرين أول من أمس في تجمع مرخص له نظمه الداعون إلى مقاطعة الانتخابات في إحدى قاعات العاصمة، وذلك بعد أن منعت السلطات كل التظاهرات السابقة المناهضة لترشيح بوتفليقة، في حين تبدأ الحملة الانتخابية رسمياً اليوم، وتستمر حتى 13 نيسان. وجمعت «تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة» للرئاسيات الآلاف في قاعة مغلقة وسط العاصمة بعد أسبوع من ترقب موقف السلطات بمنح الترخيص من عدمه. وقاد التجمع أحزاب إسلامية كجبهة العدالة والتنمية وحركة مجتمع السلم وحركة النهضة، وأخرى وطنية كحزب جيل جديد و «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» العلماني المعارض، إضافةً إلى رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور الذي انسحب من سباق الترشح من دون أن يودع ملفه أساساً لدى المجلس الدستوري. وتفاعل الآلاف مع خطابات قادة الأحزاب الذين تناولوا الكلمة تباعاً، وحضوا على ضرورة إحداث تغيير في النظام السياسي «القائم منذ الاستقلال» عبر «السبل الديموقراطية والسلمية»، كما نددوا ب «عدم شفافية» كل الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في الجزائر منذ استقلال البلاد، وبالفساد الذي اتخذ «أبعاداً مقلقة خلال السنوات الأخيرة». وكان لافتاً الحضور البارز لنائب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة علي بن حاج وسط المقاطعين. وأحيط بن حاج بالعشرات من أنصاره بلباسهم الأفغاني المعروف. ورفع بعضهم شعار «عودة الفيس» أي عودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة بقرار قضائي. وألقى رؤساء الأحزاب المقاطعة كلمات مختصرة تباعاً، صبّت كلها ضمن الدعوة لمقاطعة الانتخابات. وانتقد في هذا الإطار رئيس حزب «جيل جديد» سفيان جيلالي، الحكومة الجزائرية التي قال إنها أصبحت حكومة تشتم شعبها في إشارة مباشرة إلى رئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال ووزير الصناعة عمارة بن يونس، منتقداً أيضاً ترشح بوتفليقة لولاية رابعة. من جهة أخرى، قال رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية «الأرسيدي» محسن بلعباس، إن التغيير ليس هدية يحصل عليها الجزائريون، لكن التغيير يجب أن يحدث من خلال رفض هذا النظام بطريقة منظمة ومرتبة، في حين دعا رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري إلى ضرورة التصدي لما وصفه بسياسة الترهيب والتخويف التي يمارسها «دعاة الولاية الرابعة» في خطاباتهم السياسية التي تصب في خانة الدعوة إلى استمرار الوضع على ما هو عليه أو الفوضى. في المقابل، أعلن مدير الحملة الانتخابية للرئيس الجزائري عبد المالك سلال، أن مشروع إصلاح الدستور الجاري العمل عليه لا ينص على استحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية. وأكد سلال في مقابلة تلفزيونية أن تعديل الدستور سيكون موضع «نقاش وطني موسع» وأن المعارضة يجب أن تكون قادرة على الطعن به مباشرة أمام المجلس الدستوري.