شاركت «الحياة» في المنتدى الأفريقي الإقليمي الأول لمنظمة «الاتحاد الدولي لتحسين التغذية» (غاين) الخيرية في جوهانسبورغ، الذي ركز على تقويم نشاط المؤسسة في 12 دولة أفريقية في تعزيز الغذاء بالمكملات الغذائية وعرَض تجارب الدول في هذا السياق. وإلتقت على هامش المنتدى رئيس «غاين» ومديرها التنفيذي اللذين شرحا عمل المنظمة وأهمية تطوير التعاون بينها وبين الحكومات والقطاع الخاص في الارتقاء بنوعية حياة الناس في الدول النامية، لا سيما منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أفاد رئيس منظمة «الاتحاد الدولي لتحسين التغذية» (غاين) الخيرية، جاي نايدو، «الحياة» على هامش منتدى المنظمة الأفريقي الإقليمي الأول في جوهانسبورغ أن عدد الجياع في الدول النامية ازداد العام الماضي، نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية، بنحو 100 مليون جائع إضافي عن 2008، وتابع: إن 195 مليون طفل ما دون 5 سنوات لا يحققون طاقتهم للنمو في الدول النامية، والبعض منهم ستتأثر حياتهم في شكل دائم. وأضاف أن المنظمة تسعى في الأمد المتوسط إلى الحصول على تمويل بقيمة 350 مليون دولار سنوياً، إذ أن تأمين مكملات غذائية، مثل ملح الطعام الميوَّد والزيت بالفيتامين «أ» ودعم الطحين بالحديد، لإطعام 80 في المئة من الجياع عالمياً يكلّف نحو 347 مليون دولار سنوياً، لكنه يحقق 5 بلايين دولار إضافية في شكل إيرادات مستقبلية محسّنة للدول التي تعتمده ويخفض فاتورة التكاليف الصحّية للحكومات. وأوضح أن «المنظمة»، التي تهتم في تعزيز الغذاء الأساسي للأفراد بالمكملات الضرورية، تنشط حالياً في 28 دولة حول العالم، تحديداً في جنوب شرقي آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء. وذكر أن من أهم إنجازات «غاين» أنها عمّمت مشكلة سوء التغذية على الأجندة العالمية للدول، منها «مجموعة العشرين» والاتحاد الأوروبي، وجمعت مشاكل التغذية مع أمن الغذاء. وحول نشاط الاهتمام بالمصابين بالأمراض المُعدية في الدول النامية، أوضح نايدو، أن هناك رابطاً بين الأمراض المعدية، مثل «الإيدز» والسل، وسوء التغذية، لذلك بدأت المنظمة تهتم بهم في برنامج تجريبي أطلق في جنوب أفريقيا أخيراً وبرنامج آخر أطلق في تاميلنادو الهندية. وحول اقتصار تواجد المنظمة في دولتين في أميركا اللاتينية، هي جمهورية دومينيكان وبوليفيا، أكد نايدو أن السبب هو أن أميركا اللاتينية حققت تقدماً فردياً كبيراً في دعم الغذاء الأساسي في معظم دولها في العقد الماضي، موضحاً أن المنظمة تعاونت مع «برنامج الغذاء العالمي» التابع للأمم المتحدة في تقديم الدعم الغذائي لسكان جزيرة هايتي بعد الهزة الأرضية الأخيرة. وعن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أوضح أن المنظمة كانت نشطة جداً في تعزيز الطحين وزيت الطعام في مصر والمغرب وفي التعاون مع الحكومة الأردنية في مراقبة عملية تعزيز التغذية، ولفت إلى أنها ستعقد اجتماعاً موسعاً في دبي مع قطاع الأعمال في أيار (مايو) المقبل، بهدف مناقشة محاور عدة، منها مشكلة البدانة والتوعية حول سوء التغذية ودرس إمكان التعاون مع الحكومات والقطاع الخاص في تنفيذ برامج غذائية محددة، بعد جمع تقارير علمية. وأشار إلى آن الاستثمار في قطاع الزراعة أُهمل في القارة الأفريقية وأن العلاقات التجارية بين الدول الأفريقية، لا سيما الزراعية، لم تتطور كما يجب. وأوضح أن جنوب أفريقيا من الدول القليلة التي يعتمد اقتصادها على القطاعين الصناعي والمناجم، في حين أن معظم الدول الأفريقية هي زراعية. وقال إن المنظمة تتعاون في القطاع الزراعي مع منظمة «أغرا» (أي الاتحاد للثروة الخضراء في أفريقيا) التي يرأسها الأمين العام للأمم المتحدة السابق، كوفي أنان، وهي منظمة أفريقية تهتم بدعم قطاع الزراعة، وأن 60 في المئة من الناس يحصلون على مصادر الغذاء من السوق وليس من خلال النشاط الزراعي مباشرة، وتدعم «غاين» هذه الشريحة الكبيرة عبر المنتجات الغذائية الاستهلاكية المتداولة في السوق. ولفت إلى أن مصادر تمويل المنظمة لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية، وانها فعّالة جداً في إدارة عملياتها، إذ توصلت إلى تعزيز غذاء 200 مليون شخص عالمياً بطريقة غير مكلفة في أقل من 5 سنوات على انطلاق نشاطاتها الفعلية. وأوضح أن الكلفة الإجمالية السنوية لتعزيز أنواع الغذاء الأساسية كافة زهيدة ولا تتعدى 20 سنتاً أميركياً للفرد. وعن نشاط «بنك التنمية لأفريقيا الجنوبية»، الذي يرأس مجلس إدارته إلى جانب عمله في «غاين»، أوضح نايدو انه مصرف متخصص في تطوير البنية التحتية في قطاعات الطاقة والنقل والاتصالات والصرف الصحّي، ويقدم قروضاً سنوية بقيمة بليون دولار، ويتعاون مع الحكومات في منطقة أفريقيا الجنوبية. 100 مليون دولار مساعدات في 5 سنوات أكد المدير التنفيذي لمنظمة «غاين» الخيرية، مارك فان أميرينغن، ل «الحياة» أن المنظمة استطاعت تقديم مساعدات مالية إجمالية بقيمة 100 مليون دولار إلى 25 دولة خلال السنوات الخمس الماضية، وأوضح انها لا تهتم في تأمين الالتزامات النقدية فقط، بل تسعى إلى تقديم قيمة مضافة إلى الاستثمارات الفعلية القائمة، مثل عميلات التوعية حول أهمية المكملات الغذائية في العمليات الصناعية الغذائية، ذاكراً على سبيل المثال التعاون مع شركة «بريتانيا» الهندية للبسكويت التي تبيع 4 بلايين منتج سنوياً في الهند، التي يعاني معظم سكانها من فقر الدم بسبب طبيعة غذائهم النباتي، عبر حضها على دعم الطحين بمكملات الحديد والفيتامينات، التي أدخلتها إلى سلسلة إنتاجها، من دون تسجيل زيادة في سعر المنتجات. وتابع انه لو كانت هذه الشركة تبيع منتجاتها في الدول الصناعية، مثل الولاياتالمتحدة أو أوروبا، كانت ستدعم تلقائياً منتجاتها بالمكملات الغذائية، لتتناسب مع الشروط الصحّية في هذه الدول. واعتبر أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت لا شك في تراجع استهلاك مواد غذائية في شكل عام في الدول النامية، حيث يعيش بين 300 و400 مليون بأقل من دولار واحد يومياً. وأضاف فان أميرينغن أن بعض الحكومات تتعاون مع المنظمة وتتحمل الكلفة تلقائياً لتعزيز حياة المواطن، لافتاً إلى أن الحكومة المصرية تدفع مبالغ لدعم الطحين، الذي يدخل في صناعة الخبز البلدي المستهلك بكثرة، والزيت النباتي. وحول أهم التحديات التي تواجه عمل المنظمة، أفاد بأن أهم درس تعلمته من التعاون مع الدول النامية، أنه «عمل شاق وتحدٍّ»، لأنه لا يوجد تنسيق فعلي بين الوزارات المحلية والهيئات الأهلية في دول عدة، لذلك نجحت تجارب وفَشِل غيرها. وتابع أن لكل بلد تحدياته، ذاكراً على سبيل المثال أن زامبيا (أفريقيا) شكّلت 4 وزارات صحّة خلال 3 أو 4 سنوات، وفي كل مرة يتغير الوزير تتغير شروط التعاون معه، في حين أن لكل ولاية هندية سياستها الصحّية والغذائية الخاصة، ومعظمها لا يؤمن بتطبيق الخبرة الدولية محلياً، كما أن المطاحن الكبيرة تلتزم بدعم الطحين في حين أن مطاحن صغرى تقاوم هذا الطرح، كما حصل في جنوب أفريقيا. وأضاف: «يجب وضع برنامج محاسبة في كل دولة تنشط فيها المنظمة لتقويم تقدّم العمل وتصحيح الأخطاء، إن وجدت»، وتابع: أن هناك غياباً للثقة بين الحكومات والقطاع الخاص، لافتاً إلى أن «أهمية القطاع الخاص في أن الناس يشترون منتجاته بكثرة عالمياً». وعن «منتدى تحالف الشركات العالمي» السنوي والاجتماع الإقليمي ل «غاين» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا المقرران في دبي هذه السنة نهاية أيار (مايو) المقبل، أوضح فان أميرينغن أن المؤتمرين يسعيان إلى تعزيز التعاون مع القطاع الخاص الإقليمي في دعم الغذاء عبر مشاريع ودراسات. وأوضح أن «منتدى تحالف الشركات العالمي» التابع ل «غاين» الذي عقد في أيار العام الماضي في أمستردام، أثمر ب «مبادرة أمستردام» لدعم الغذاء في 6 دول أفريقية، بالتعاون مع وزارة الخارجية الهولندية وشركات «يونيلفر» و «دي أس أم» و «أكزو نوبل» وجامعة «واجننغن» الهولندية، بهدفها تأمين التغذية السليمة ل100 مليون فرد إضافي في أفريقيا في حلول 2015. ولفت إلى أن «نجاح المنظمة مرتبط بنجاح شركائها»، لا سيما القطاع الخاص العالمي والمحلي، الذي قدم لها التزامات إجمالية بقيمة 42 مليون دولار، وهي تسعى إلى الحصول على استثمارات إضافية منه تصل إلى 700 مليون دولار مستقبلاً.