بعدما فقد كبار مؤلفي السينما ومخرجيها أسهمهم قبل نحو 20 عاماً، وتحديداً منذ سيطرة سينما الشباب «المضحكين» الجدد، قرروا الاتجاه إلى الدراما التلفزيونية في محاولة جادة منهم لنقل خبراتهم السينمائية إليها من ناحية، وللهروب من شبح البطالة وصد السينما أبوابها في وجوههم من جهة ثانية. وعلى رغم أن مسلسلات بعضهم حققت نجاحاً معقولاً، إلا أن هذا النجاح لم يتوازى في أي حال مع أفلامهم السينمائية، أو مع أعمال كبار المتمرسين في الدراما مثل أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ ومحمد صفاء عامر، ومحفوظ عبدالرحمن ويسري الجندي وأنعام محمد علي ومحمد جلال عبدالقوي ومجدي أبو عميرة وأحمد صقر. ويواجه هؤلاء السينمائيون حالياً انصرافاً من جهات الإنتاج سواء الحكومية أم الخاصة عن إسناد مسلسلات جديدة إليهم بداعي مغالاتهم في أجورهم مقارنة بالمخرجين الشباب، إضافة إلى معدلات التصوير البطيئة التي يحققونها يومياً، وعدم تحقيق أعمالهم للنجاح المأمول على الصعيدين الفني والجماهيري مقارنة بأفلامهم السينمائية. ويأتي في مقدم السينمائيين الذين تواجه مشاريعهم التلفزيونية مشاكل جمة، المخرج علي عبدالخالق. فعلى رغم استعداده للمشاركة في الإنتاج واختياره سيناريو مسلسل أحد كبار المؤلفين وهو «خريف السادة» للمؤلف محمد جلال عبدالقوي واستقراره على محمود حميدة وميرفت أمين لبطولة العمل إلا انه تعثر بعد الآمال الكبيرة التي عقدها عليه للعودة إلى الدراما بعد مسلسل «البوابة الثانية» لنبيلة عبيد وهشام عبدالحميد عام 2009، ومن قبله «نجمة الجماهير» لإلهام شاهين، و «أصحاب المقام الرفيع» لحسين فهمي. والأكيد أن هذه المسلسلات لا تتوازى مع أفلامه ومنها «العار» و«الكيف» و«جري الوحوش» و«البيضة والحجر» و«شادر السمك» و«أربعة في مهمة رسمية» و«الوحل» و«إعدام ميت» وسواها. ويواجه المخرج نادر جلال مشاكل مماثلة مع عمله الجديد، بعدما فشل منتج مسلسله الذي قدمه في رمضان الماضي «العقرب» (بطولة منذر رياحنة ولقاء الخميسي) في تسويقه في شكل جيد، علماً ان جلال يأتي في مقدم مخرجي السينما القلائل الذين نجحوا تلفزيونياً، وهو ما تحقق في مسلسلاته «الناس في كفر عسكر» لصلاح السعدني ودلال عبدالعزيز، و«عباس الأبيض في اليوم الأسود» ليحيى الفخراني وماجدة زكي، و«أماكن في القلب» لتيسير فهمي وهشام سليم، و «حرب الجواسيس» لمنة شلبي وهشام سليم وباسم ياخور. وعلى رغم تقديم المخرج مجدي أحمد علي ثلاثة مسلسلات هي «فريسكا» لآثار الحكيم و«الحب موتاً» لممدوح عبدالعليم و «مملكة الجبل» لعمرو سعد، إلا أنه يبحث منذ أكثر من خمسة أعوام عن جهات إنتاجية ينفذ من خلالها مسلسلين يعتبرهما من أحلامه الفنية وهما «البلد»، و«مداح القمر» عن حياة الموسيقار الراحل بليغ حمدي. وبعدما تعرض خيري بشارة لانتقادات لاذعة إثر تقديمه قصة فيلم «الزوجة الثانية» لسعاد حسني وشكري سرحان وصلاح منصور، في مسلسل عرض في رمضان الماضي من بطولة أيتن عامر وعمرو واكد وعمرو عبدالجليل، أخرجته غالبية شركات الإنتاج من حساباتها على رغم تقديمه مسلسلات جيدة من قبل منها «مسألة مبدأ» لإلهام شاهين، و«ملح الأرض» لمحمد صبحي ووفاء عامر، و«قلب حبيبة» لسهير البابلي. الأمر ذاته تكرر مع المخرج عمر عبدالعزيز الذي بعدما قدم في رمضان الماضي مسلسل «أهل الهوى» عن حياة بيرم التونسي وبطولة فاروق الفيشاوي وإيمان البحر درويش وتأليف محفوظ عبدالرحمن، لم يعثر على منتج يتولى مسلسل يتناول قصة حياة محمود المليجي. ودخل مسلسل بشير الديك «رغم الفراق» من بطولة زينة ومحمود عبدالمغني في نفق مظلم، على رغم الطلب المتزايد على مسلسلاته بعد نجاحه السينمائي اللافت وإنجاز غير مسلسل له منها «بنات زينب» و«الإمبراطور» و«كفر عسكر» و«أماكن في القلب» و«درب الطيب» و«ظل المحارب» و«حرب الجواسيس» و«عابد كرمان». وفقد محمود أبو زيد حماسته لتنفيذ مسلسله «سوق البشر» الذي يعد ثاني تجاربه مع الدراما التلفزيونية بعد «العمة نور» لنبيلة عبيد عام 2003، كما أجّل سمير سيف، صاحب الباع الكبير في سينما الأكشن، مسلسله المأخوذ عن فيلمه السينمائي الشهير «المشبوه» الذي قدمه عام 1981 من بطولة سعاد حسني وعادل إمام وفاروق الفيشاوي إلى إشعار آخر. وكان سيف قدم قبل عامين مسلسل «ابن موت» لخالد النبوي، ومن قبله «بالشمع الأحمر» و«أوان الورد» ليسرا، و«نسيم الروح» لأيمن زيدان ونيللي كريم ومصطفى شعبان، و«السندريلا» لمنى زكي، و«نور الصباح» لليلى علوي، و«الدم والنار» لفاروق الفيشاوي ومعالي زايد، و«البشاير» لمحمود عبدالعزيز ومديحة كامل.