وجهت صحيفة «هآرتس» العبرية انتقادات شديدة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (شاباك) والنيابة العامة على ما وصفته ب «تضخيم القضية الأمنية الخطيرة» التي كشف عنها جزئياً أول من أمس عندما وجه الاتهام الى مجندة إسرائيلية بتسريب وثائق أمنية للصحافي أوري بلاو من «هآرتس» الذي اعتمد بعضها ليكشف أن جيش الاحتلال نفذ عمليات اغتيال ناشطين فلسطينيين ومدنيين أبرياء خلافاً لتعليمات المحكمة العليا التي حظرت الاغتيال إذا كان ممكناً اعتقال «المطلوبين»، كما حظرت المس بمدنيين أبرياء. واعتبرت الصحيفة في افتتاحيتها لجوء «شاباك» إلى مصطلحات «أمن الدولة» و «أسرار أمنية» وسيلة لتضخيم القضية ومحاولة للتغطية و «صرف أنظار الجمهور عن عيوب إدارية وتخطيطية وأخلاقية». وأضافت أن الادعاء بأن تسريب الوثائق هو «مس بأمن الدولة» لا أساس له، وأن «الجريمة الأخطر هي جريمة المؤسسة الأمنية وقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي اللتين تجاهلتا تعليمات المحكمة العليا وصادقتا على اغتيال مطلوبين كان ممكناً اعتقالهم، وأبرياء في إطار عملية التصفية». وتابعت أن هذه هي القضية الأخطر التي استوجب التحقيق فيها «وأبطالها هم قادة عسكريون رفيعو المستوى خالفوا تعليمات المحكمة العليا، لا ملاحقة الصحافي اوري بلاو الذي ادى مهمته كصحافي في شكل ممتاز حين كشف للجمهور، في تقرير أجازت الرقابة العسكرية نشره، كيف يدوس قادة الجيش بأقدامهم قرارات المحكمة العليا». وأشارت الصحيفة إلى أن سلوك رئيس «شاباك» يوفال ديسكين في القضية وتصريحاته أمس بأن الجهاز «سيخلع قفازات الحرير» في تعامله مع الصحافي، تنذر بتعريض القيم الديموقراطية في إسرائيل، وفي مركزها حرية الصحافة، إلى خطر حقيقي. وأضافت أن التحقيق في تسريب الوثائق إلى الصحافي مشروع «لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً للتحقيق الحقيقي الذي يجب إجراؤه في شأن خرق قادة الجيش تعليمات المحكمة العليا». إلى ذلك، كشفت الصحيفة أن الرقابة العسكرية أمرتها «في اللحظة الأخيرة» في أحد أيام كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وقبل أيام من الحرب على قطاع غزة، بشطب خبر كامل عن الحرب المتوقعة وتفاصيلها كما أوردها الصحافي نفسه. وأفادت أنه تم طبع عدد من نسخ الصحيفة يتصدرها الخبر عن الحرب المتوقعة صادقت عليه الرقابة العسكرية، لكنها أثناء طبع الصحيفة عادت الرقابة وأمرتها بشطب الخبر، ما اضطر الصحيفة إلى إعادة تحرير الصفحة الأولى من دون الخبر وإتلاف ما تم طبعه. واستغل نواب اليمين القضية للتهجم على «اليسار الأيديولوجي الذي تجاوز حدوده»، وأطلق عدد منهم مشاريع قوانين تقضي بسحب المواطنة عن مواطنين يدانون بالتجسس والمس بأمن الدولة.