يطلّ المذيع الشاب في برنامج «أم تي في» الصباحي بلهجته اللبنانية المطعمة بكلمة أجنبية من هنا وأخرى من هناك. يحاول أن يجد كلمة مرادفة بالعربية ل rollers الانكليزية. تخونه الذاكرة. تتدخل زميلته الحسناء. تحاول أن تنقذ الموقف. لا تفكر لبرهة في احتمالات الترجمة. تحسم الموضوع بسرعة وتقول بلغة الواثق: rollers! ربما الصدفة وحدها جعلت هذه «الواقعة» تتزامن واليوم نفسه الذي وزعت فيه الوكالات خبر طلب السلطات الصينية من قنواتها التلفزيونية ضرورة الحدّ من استخدام اللغة الانكليزية على شاشاتها، وبالتالي الاكتفاء باستخدام لغة كونفوشيوس. وربما، لا صدفة في الأمر ولا من يحزنون، خصوصاً أن بعض الشاشات اللبنانية، وبالتحديد شاشة «أم تي في»، تفرط في استخدام الانكليزية والفرنسية، وبخاصة على لسان مقدّميها. وبالتالي، فإن أي رصد يومي لهذه الشاشة تنجم عنه عشرات الأمثلة المماثلة. أوليست هذه ميزة «أم تي في» التي احتفلت مساء ذاك اليوم نفسه بعيدها الأول بعد العودة، أي بعد إقفالها القسري؟ على الأقل، هذا ما رددته المذيعة الحسناء نفسها في احتفال العيد الأول وكأنها تبرر زلتها الصباحية معتبرة أن «أم تي في» تتكلم بلسان الشارع اللبناني الذي يخلط العربية بالفرنسية بالانكليزية. على الفور، تخطر في البال الطرفة التي تقول إن الشعب اللبناني وحده بين كل شعوب الأرض يستطيع أن يؤلف جملة سليمة من ثلاث كلمات بلغات مختلفة عند إلقاء التحية: hi كيفك ça va (مرحبا، كيفك، في حال جيدة؟) في مزج واضح للعربية والانكليزية والفرنسية. حتى إن بعضهم يذهب بعيداً في السخرية فيطالب بتسجيل هذه الجملة كعلامة مسجلة للبناني. أما باقي من تبقى من محبّي اللغة العربية، فما عليهم إلا التحسر على واقعهم أو التمني بأن يستجيب أحد لمطالبهم تماماً كما استجابت السلطات الصينية الى تحذير لأحد أعضاء المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، دعا فيه النواب الشهر الماضي الى اتخاذ تدابير لمواجهة انتشار المصطلحات الانكليزية. وحذر من انه «في حال لم نتيقظ ونتخذ التدابير لوقف الخلط بين الصينية والانكليزية، لن تبقى الصينية على نقائها بعد سنوات». أمام هذا الواقع قد يتمنى أحدهم تعاظم نفوذ الصين كي ينسحب -ونتيجة تدخل صيني خارجي- حظر استخدام الانكليزية على شاشاتنا. ولكن من يضمن لنا عندها ألا تدخل الصينية الى مفرداتنا لتشكل العمود الرابع للهجة اللبنانية الجديدة؟