اعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ان آلاف الصور التي تم تسريبها لمعتقلين قضوا تحت التعذيب داخل السجون الحكومية في سورية، تشكل «أدلة دامغة» على ارتكاب النظام السوري جرائم ضد الإنسانية. وأكدت المنظمة في تقرير صدر، اليوم (الأربعاء) بعنوان «لو تكلم الموتى: الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية»، إنها «وجدت أدلة على تفشي التعذيب والتجويع والضرب والأمراض في مراكز الاعتقال الحكومية السورية». ويستند التقرير الذي أصدرته المنظمة بعد تحقيق استمر تسعة شهور، إلى 28 ألف صورة لمتوفين في معتقلات حكومية، سربها مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية يعرف باسم قيصر، هرب من البلاد في تموز (يوليو) 2013. ونُشرت الصور المسربة علناً للمرة الأولى في كانون الثاني (يناير) 2014. وأفادت المنظمة في تقريرها المؤلف من تسعين صفحة بأن تلك الصور «تظهر ما لا يقل عن ستة آلاف و756 معتقلاً، ماتوا إما في المعتقلات أو بعد نقلهم من المعتقلات إلى مستشفى عسكري». ونقل التقرير عن نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المنظمة نديم حوري قوله: «حققنا بدقة في عشرات الحالات والشهادات... نحن واثقون أن صور قيصر تقدم دليلاً موثقاً ودامغاً على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سورية». وتمكن باحثو المنظمة من التعرف على 27 شخصاً ظهروا في الصور، بينهم صبي يُدعى احمد المسلماني كان في ال14 من عمره حين أُلقي القبض عليه في العام 2012 عند إحدى نقاط التفتيش، بعدما عُثر على «أغنية مناوئة للأسد محملة على هاتفه المحمول». ونقل التقرير عن عم أحمد، ضاحي المسلماني الذي عمل قاضياً مدة عشرين عاماً قبل أن يفر من سورية في 2013، قوله انه «دفع أكثر من 14 ألف دولار أميركي رشى، في محاولة لتأمين الإفراج عن أحمد، من دون جدوى». وبعد نشر صور قيصر، بحث ضاحي عن صورة أحمد ووجدها. وذكر التقرير ان ضاحي مسلماني انهار خلال الحديث معه، وقال: «كانت صدمة حياتي أن أراه هنا، أمضيت في البحث عنه 950 يوماً. قالت لي والدته وهي تحتضر انها تتركه في حمايتي، أي حماية أقدمها؟». وأضاف حوري: «لا يساورنا الشك في أن من ظهروا في صور قيصر جُوعوا وضُربوا وعُذبوا بطريقة منهجية، وعلى نطاق جماعي»، موضحاً ان «هذه الصور لا تمثل إلا شريحة ضئيلة ممن ماتوا في عهدة الحكومة السورية والآلاف غيرهم ما زالوا يعانون المصير ذاته». ودعت المنظمة الحقوقية في تقريرها «الدول التي تجتمع في شأن مفاوضات السلام المحتمل في سورية إلى إعطاء الأولوية لمصير آلاف المعتقلين»، معتبرةً ان «ثمة مسؤولية خاصة على عاتق روسيا وإيران، الداعمين الأساسيين للحكومة السورية، للضغط على النظام الحاكم، كي يسمح بدخول مراقبين دوليين إلى جميع مرافق الاحتجاز، من دون عوائق». وذكر حوري أن «الحكومة السورية لا تتخذ أي إجراء للتحقيق في أسباب الوفاة أو ومنع وفاة مزيد من المحتجزين»، معتبراً ان «على من يدفعون من أجل السلام في سورية أن يكفلوا وقف هذه الجرائم، وفي نهاية المطاف محاسبة المشرفين على هذا النظام عن جرائمهم».