عاد أمس السجال بين القاهرةوموسكو في شأن أسباب سقوط طائرة ركاب روسية أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في صحراء سيناء، بعدما تمسك تقرير أولي للجنة التحقيقات أعلنته مصر أمس، بأن «لا دليل حتى الآن على فرضية العمل الإرهابي»، خلافاً للإعلان الروسي. وكان تنظيم «داعش» تبنى التفجير الذي أدى إلى مقتل 224 روسياً وأوكرانياً بعد دقائق من إقلاع الطائرة، عبر زرع قنبلة بدائية الصنع على متنها مستغلاً ما قال إنه «ثغرة أمنية في مطار شرم الشيخ». ورجحت روسياوبريطانيا والولايات المتحدة إسقاط الطائرة بقنبلة، فيما أصرت مصر على أن «لا دليل» على ذلك. ورد الناطق باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف على الإعلان المصري أمس بأن الاستخبارات في بلاده تعتقد بأن «عملاً إرهابياً» سبب سقوط الطائرة. وقال في معرض تعقيبه على التقرير المصري: «الشيء والاستنتاج الوحيد الذي يمكنني أن أذكره هو أن خبراءنا الاختصاصيين في كلا البلدين أكدوا أن سقوط الطائرة في سيناء ناتج من عمل إرهابي». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد ملاحقة المتسببين في تحطم الطائرة ومعاقبتهم، وأعلن أن روسيا ستقدم 50 مليون دولار في مقابل أي معلومات عن الأشخاص الذين ربما يكونون متورطين في «الحادث الإرهابي». وبعد أيام من سقوط الطائرة، أعلنت بريطانيا تعليق رحلاتها إلى شرم الشيخ، وتبعتها روسيا بإعلان تعليق رحلاتها إلى مصر كلها، ومنع الرحلات الجوية المصرية إلى موسكو. وأجلى البلدان سياحهما من منتجع شرم الشيخ، ما مثل ضربة قاصمة لقطاع السياحة المصري. ومنذ ذلك الحين تجري القاهرة مع لندنوموسكو مفاوضات أمنية لإعادة الرحلات. وأعلنت وزارة السياحة أمس أن الحكومة تدرس عروضاً من شركات أمن عالمية التقت ممثليها للبحث في توليتها تأمين المطارات. وتوقعت في بيان إعلان اسم الشركة التي سيتم التعاقد معها قبل نهاية الشهر الجاري. وأوضحت أن مهمات الشركة ستتضمن «التدقيق في أنظمة أمن الطيران المعتمدة في المطارات في مختلف أنحاء الجمهورية بما في ذلك تقويم إجراءات الأمن والسلامة والمعدات والتدريب». وبدا أن القاهرة اتجهت بأنظارها إلى السوق الخليجية، أملاً بتعويض فقدان السوقين الروسية والبريطانية اللتين تمثلان نحو 70 في المئة من حركة السياحة الوافدة إلى مصر، إذ يقوم وزير السياحة هشام زعزوع بجولة خليجية يتخللها حضور اجتماع لوزراء السياحة العرب يلتئم اليوم في الشارقة في دولة الإمارات، قبل أن يزور السعودية والكويت. وكان رئيس لجنة التحقيق في حادث تحطم الطائرة الروسية أيمن المقدم أعلن أمس أن اللجنة انتهت مساء أول من أمس من إعداد التقرير الأولي لحادث الطائرة وإرساله إلى الممثلين المعتمدين للدول التي لها حق الاشتراك في التحقيق وكذلك لمنظمة الطيران المدني الدولي «إيكاو». وقال المقدم في بيان صدر أمس عن وزارة الطيران المدني إن «لجنة التحقيق الفني لم تتلقَ حتى تاريخه ما يفيد بوجود تدخل غير مشروع أو عمل إرهابي في الواقعة، وعليه فإن اللجنة مستمرة في عملها في شأن التحقيق». وأوضح أن «التقرير الأولي يتضمن 19 بنداً ثابتاً متعارفاً عليها في تحقيق الحوادث ويتضمن المعلومات الأولية المتاحة أمام لجنة التحقيق حتى تاريخ صدوره، ويحتوي على معلومات يتم تدقيقها في شكل أكثر تفصيلاً من خلال مراحل التحقيق المقبلة». وأشار إلى أن «التقرير أقر بأن البحث عن أجزاء الحطام امتد إلى أكثر من 16 كيلومتراً من موقع الحطام الرئيس»، مؤكداً أن «أعضاء فريق عمل الطب الشرعي في لجنة التحقيق تلقوا التقارير الخاصة بالكشف على الجثامين من الأطباء الشرعيين، واللجنة في انتظار تقارير مضاهاة الجثامين من الجانب الروسي لتحديد حال الضحايا بعد معرفة تحاليل البصمة الوراثية لذويهم». وأوضح أن «أجهزة مسجلات الطيران (الصندوق الأسود) أظهرت أن خط سير رحلات الطائرة قبل وقوع الحادث بخمسة أيام كان بين مطارات روسية ومطارات مصرية فقط، وأن الرحلة التي سبقت الحادث أقلعت من مطار سمارا في روسيا إلى شرم الشيخ». وفحصت لجنة التحقيق «البيانات الخاصة بالطيارين مع الجانب الروسي والخاصة بإجازات الطيران ولياقتهم الطبية، ويجري في الوقت الحالي فحص السجلات التفصيلية للعمليات التدريبية التي قام بها الطيارون بعد ترجمتها من اللغة الروسية». وذكر أنه «يجري الآن درس الحال الفنية والإصلاحات التفصيلية التي تمت على الطائرة وهيكلها وأنظمتها ومحركاتها من تاريخ إنتاجها وحتى وقوع الحادث وذلك من خلال الوثائق والسجلات الفنية الخاصة بالطائرة والتي وردت من الجانب الروسي». وقال رئيس اللجنة إن «جميع ممثلي الدول المشاركة في التحقيق حصلوا على جميع الحقوق التي حددتها لهم التشريعات الدولية، ولا يزال التعاون والتواصل معهم مستمرَين لتبادل المعلومات في شأن الحادث، كما تم تنظيم 15 رحلة جوية إلى موقع حطام الطائرة بالتنسيق مع القوات المسلحة». من جهة أخرى، وصل إلى موسكو أمس وزير الكهرباء المصري محمد شاكر المرقبي لمناقشة «آخر تطورات (مشروع) إنشاء أول محطة نووية مصرية لإنتاج الكهرباء». ومن المقرر أن يستكمل شاكر خلال الزيارة المفاوضات الخاصة بإنشاء أربعة مفاعلات في محطة الضبعة النووية التي فازت بها شركة «روس اتوم» الروسية. ويضم الوفد المصري المرافق للمرقبي ممثلي الهيئات النووية التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة إضافة إلى هيئة الرقابة النووية والإشعاعية التابعة لمجلس الوزراء. وتستمر الزيارة نحو أسبوع يلتقي خلالها الوفد المصري مسؤولين حكوميين للطاقة في روسيا، ورئيس ومسؤولي الشركة المنوط بها إنشاء المحطة.