شهد استفتاء على الدستور نُظِم في جمهورية أفريقيا الوسطى أمس، إطلاق نار بين مؤيديه ومعارضيه أوقع جرحى. وستمهد الموافقة المتوقعة على الدستور الجديد، لانتخابات رئاسية وتشريعية مرتقبة في 27 الشهر الجاري، تتيح لإعادة الحكم الديموقراطي بعد حكومتين انتقاليتين متعاقبتين. لكن أنصار حركة التمرد المسلمة السابقة «سيليكا» منقسمون بين مؤيد للإستفتاء ورافض للمشاركة فيه، مثل الفصيل التابع لنور الدين آدم، الرجل الثاني السابق في الحركة. واعتبرت «سيليكا» أن «جمهورية أفريقيا الوسطى ليست مستعدة لتنظيم انتخابات شاملة وديموقراطية وذات صدقية تتّسم بشفافية»، داعية الى «فترة انتقالية ثالثة بفريق توافقي جديد». وزادت: «يجب إلغاء الانتخابات والاستفتاء». كما أن هذه العملية التي فرضها المجتمع الدولي، أدت الى انقسام في ميليشيات «أنتي بالاكا» المسيحية، علماً أن معارضي المشاركة في الاستفتاء هم أنصار الرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه الذي رفضت المحكمة الدستورية ترشحه لانتخابات الرئاسة. في المقابل، دعت غالبية الاحزاب السياسية في البلاد الى الموافقة على مشروع الدستور الجديد. وسُمع إطلاق نار في حي «بي كا 5» الذي يقطنه مسلمون في العاصمة، بين مؤيدي الاستفتاء ومعارضيه، وبقي مكتب الاقتراع الرئيس مغلقاً لدواع أمنية. وقال موظف في الصليب الأحمر: «تلقينا خمسة جرحى، اثنان منهم إصاباتهما خطرة». كما سُمع انفجار قنابل يدوية وإطلاق نار في حي غوبونغو في العاصمة، وهو معقل «أنتي بالاكا». وبدأ التصويت متأخراً في أحياء كثيرة في بانغي، وتظاهر عشرات أمام مقر مهمة الاممالمتحدة في العاصمة، رافعين لافتات كُتب عليها «نريد التصويت»، في وقت أُغلقت المدارس في حي «بي كا 5» بسبب إطلاق النار، أو لم تتلق اللوازم الانتخابية. وشهد الحي إطلاق نار من رشاشات ثقيلة وقاذفات صواريخ، حول مدرسة كان ينتظر فيها ناخبون، وردّ عناصر مهمة الاممالمتحدة على اطلاق النار لحماية الناخبين. كما سُجلت حوادث خارج العاصمة، خصوصاً في شمال البلاد وشرقها. ففي نديلي وبيراو وكاغابوندورو وهي معاقل فصيل نور الدين آدم، لم يتوجه السكان الخائفون من إطلاق النار والتهديدات، الى مكاتب الاقتراع. والأمر ذاته حصل في بوسونغوا، معقل الميليشيا المسيحية في غرب البلاد حيث منع اطلاق النار السكان من الاقتراع. ودُعي حوالى مليوني ناخب الى التصويت على دستور جديد لإقامة الجمهورية السادسة منذ استقلال المستعمرة الفرنسية السابقة عام 1960. وأبرز ما يتضمّنه مشروع الدستور الجديد، تقييد الولايات الرئاسية باثنتين فقط، ومكافحة الفساد الذي ينخر الادارة منذ عقود، وإبعاد المجموعات المسلحة عن العملية السياسية، وإرساء محكمة عدل عليا. وقال ماتيو بيلي، مسؤول الانتخابات في مهمة الاممالمتحدة: «مجرد تنظيم الاستفتاء أمر إيجابي جداً، وهذه المرة الاولى التي يُحترم فيها الجدول الزمني». وتنظيم هذا الاقتراع في جمهورية افريقيا الوسطى يشكّل تحدياً حقيقياً، مع غياب سلطة الدولة في مناطق بأسرها، ووجود كثير من مكاتب الاقتراع ال5600، في مناطق معزولة ووعرة. وأعلنت لجنة الانتخابات السماح لآلاف من الناخبين الذين لم يتلقوا بطاقاتهم الانتخابية، بالتصويت بمجرد إبراز وصل التسجيل في اللوائح الانتخابية.