منحت الأمطار والسيول الشبان السعوديين شهادات خبرة في الأعمال التطوعية، فمنذ كارثة سيولجدة الأولى في 2009، نذر شبان أنفسهم لمساعدة الآخرين وانتشالهم من مياه السيول، في حين تطوع آخرون للعمل في الإسعافات الأولية. وكان آخرها في أمطار مدينة جدة في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال أحد المتطوعين في غرق مدينة جدة الأخير فواز المنصور: «خرجت مع زملائي في العمل بمجرد معرفتنا بغرق شوارع في جدة، واتجهنا بحسب المعلومات التي وصلت إلينا إلى أقربها بهدف المساعدة، خصوصاً أننا نمتلك سيارات جيب مرتفعة، تمكننا من عبور الشوارع الممتلئة بالمياه، إضافة إلى استئجار سيارات أخرى، خصوصاً أن الوضع كان يتطلب وجود عدد منها، بسبب ارتفاع عدد السيارات التي تعطلت بفعل المياه». وأشار المنصور إلى أنهم لم يكونوا الفريق الوحيد الذي تكوّن في دقائق، وبدأ في ممارسة العمل التطوعي، إذ كان هناك العديد من الشبان منهم الأطباء الذين كانوا يقومون بالإسعافات الأولية. وأكد انتشار ثقافة العمل التطوعي بين الشبان السعوديين، ولكن تظل ممارستها في شكل عشوائي بعيداً عن التنظيم، ما يتطلب احتضانها تحت مظلة واحدة، وقال: «لا بد أن تكون هنالك فرق من المتطوعين المدربين للعمل في مجال الإنقاذ. وجود مثل هذه الفرق يساعد في عملية الإنقاذ وتنظيمها، فهي لا تزال تُمارس بشكل عشوائي»، لافتاً إلى أنهم بوصفهم شباناً متطوعين يحصلون على المعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة الأماكن التي تحتاج إلى وجودهم. ولم تقتصر عمليات الشبان على إنقاذ العائلات والعالقين في مياه الأمطار، بل شملت نشر معلومات مفصلة عن الشوارع التي أغلقت بسبب ارتفاع منسوب المياه فيها. ولم يكن المنصور هو الوحيد الذي خرج إلى المناطق المنكوبة في الأمطار بهدف إنقاذ المحتجزين، إذا قام عصام ورفاقه في العمل ذاته وجميعهم طلاب في الجامعة، وقال: «اتفقت مع زملائي- بعدما وصلتنا أنباء بارتفاع منسوب المياه في عدد من الشوارع القريبة من منازلنا- على مساعدة الآخرين، وكان هدفنا الأول هو المساعدة، خصوصاً أننا نمتلك سيارات من نوع الجيب التي يمكن لنا التجول بها في المناطق المنكوبة وتقديم المساعدة». وأكد عصام أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في عملهم وقال: «كانت تلك المواقع المصدر الأول في معرفة المعلومات في شأن ما يدور في جدة، خصوصاً المناطق التي غرقت، ما سهّل علينا الوصول له»، لافتاً إلى أن هناك عدداً كبيراً من الشبان خرجوا للعمل التطوعي في يوم الأمطار. وطالب بوجود مراكز متخصصة لتدريب الراغبين في العمل التطوعي على عدد من المهارات، أبرزها طرق الإنقاذ والإسعافات الأولية، وزاد: «هنالك عدد كبير من الشبان الذين يرغبون في العمل التطوعي ومساعدة الآخرين وليس لديهم خلفية واسعة عن عمليات الإنقاذ، ما قد يؤدي إلى تضررهم وطلبهم المساعدة بدلاً من أن يساعدوا غيرهم». ورأى أن المجتمع السعودي لا يزال غير متقبل فكرة وجود متطوعين، وزاد: «واجهتنا مشكلات كبيرة في التعامل مع الأشخاص أثناء عملنا، خصوصاً أن هناك كثراً ليس لديهم ثقافة العمل التطوعي». وحول أكثر الفئات العمرية التي تقوم بالأعمال التطوعية خصوصاً في الحوادث الطارئة والأزمات، قال إن صغار السن هم الأكثر تطوعاً، لا سيما في المراحل العمرية ما بين 18 و30 عاماً. واستطرد عصام بالقول: «فرق التطوع منهم الأطباء الذين كانوا الأكثر حضوراً في حادثة غرق مدينة جدة الأخيرة، إضافة إلى عدد من الشبان الذين يملكون سيارات دفع رباعية سواءً أكانوا طلاباً في الجامعة أو موظفين عملوا بشكل متواصل في الإنقاذ وسحب السيارات من المياه».