طوع التشكيلي السعودي زمان جاسم الألياف الزجاجية، لخلق أبعاد مجسمة في أعماله الفنية، مخرجا أياها عن الأطر التقليدية للوحة المعلقة. ولفتت الأعمال المجسمة المتذوقين والفنانين التشكيليين والمهتمين بالفن، في معرض جاسم، الذي حمل عنوانا ملتبسا، بالنظر إلى مواسم السنة الأربعة، لكن الفنان في معرضه أنجز موسما خامسا. وحمل المعرض، المقام حاليا في قاعة الكورتيارد في مدينة دبي في الإمارات، ويستمر إلى العاشر من شهر أبريل المقبل. عنوان «خامس المواسم»، ويرافق توقيت إقامة المعرض العديد من المعارض والأنشطة في مجالات مختلفة، وبخاصة الفنون البصرية، وأهمها الحدث السنوي «آرت دبي». ضم «خامس المواسم» 40 عملا، أنجزت في نهاية عام 2009 ومطلع عام 2010، واختلفت مقاسات وأحجام وأشكال اللوحات، وشملت خامات متنوعة لأول مرة أستخدمها الفنان، ويأتي على قائمتها استخدامه «مادة الألياف الزجاجية» التي أعطت أبعاد مجسمة للعمل الفني، أخرجته عن الأطر التقليدية للوحة الملعقة. وتعرف زوار المعرض من المهتمين بالفن التشكيلي، على لوحات الفنان وعلى شخصه، وخصوصا أن مطبوعة باللغتين العربية والانكليزية رافقت المعرض، وعرفت ببعض أعمال الفنان وسيرته الذاتية. وما لفت الانتباه احتواءها على قراءة نقدية للناقد محمد العباس، ذكر فيها تجربة الفنان في «خامس المواسم»، وحلت ورقته النقدية عنوان «لذة التيه بين الفطري والثقافي». ولاحظ العباس في ورقته أن «الممارسة التشكيلية هي الامتداد الطبيعي للحواس، ما يعني مظهرا من مظاهر الكينونة، الأمر الذي يؤكد أن هيئة الأعمال الفنية في خامس المواسم، صادرة بالضرورة عن ذات زمان محمد جاسم المبدعة، وتحمل فيما تحمله حقيقة تصوره الكوني، بما تختزنه كمنجز من طقوس وآفاق وسياقات، فهذا المزيج الخطي اللوني المعبأ في كتل وأشكال غير ناجزه، هو جوهر إحساسه الآني بالوجود، أو حاصل تجربته الفكرية والأدائية، المتأتية على ما يبدو من ارتداد عمودي داخل ذاكرته الفنية، فيما يشبه المراجعة الروحية لتاريخ لوحته، والمساءلة الارتيابية لأسلوب أدائه، حيث يمكن تلمُّس انفصامه الخلاق بين استوائين، وفهم حيرته المعلنة لابتكار موسم جمالي لا فلكي، هو بمثابة مقترح فني علي حافة ما يسميه بودلير بجماليات اللامكتمل، أو اللانهائي، حيث يستجلى في هذه المتوالية حقيقة اتصاله النفسي بالأشياء. بعين ناظرة ومجبولة على المثاقفة في آن. وبذات مفتونة بالتجريد الحسي والشكلي والموضوعي، لكنها لا تريد التخفّف تماماً من التشبيهي. أو تلك هي صيرورة لوحته، التي أحالها إلى لافتة مراوغة لعرض تيهه، واستجلاء تناقضاته، وتجريب استطاعته على إدارة التوتر الناشئ ما بين الفطري والثقافي».