يتفق معظم المراقبين على أن معظم المشكلات التي تنجم عن عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي من صنيع المتعاونين معها بشكل غير رسمي، وهو التعاون المخالف لكل الأنظمة والقوانين التي تنظم عملها، ودليل ذلك أن منسوبيها يصرحون بعد كل اتهام لجهازهم بعدم وجود متعاونين غير تابعين رسمياً للجهاز. أثناء انعقاد مؤتمر الحسبة خلال الأسبوع الماضي صرح الشيخ يوسف الأحمد بأنه قد تم قبول ورقته لإلقائها في المؤتمر المذكور، ثم صرح مصدر رسمي بالهيئة لإحدى الصحف بعدم صحة هذا الادعاء وأن الهيئة لم تدعُ إلا شخصيات اعتبارية ليس من ضمنها الأحمد. خلال هذه الفترة تم تسريب خطابين موجهين من وكيل الهيئة الدكتور إبراهيم الهويمل إلى الأحمد يدعوه في أولهما إلى المشاركة في المؤتمر وتحديداً في موضوع «وسائل الاحتساب وأساليبه لدى الجهات الأخرى» ويفيده بأن آخر موعد لاستقبال البحوث هو يوم 15-5-1430ه، ثم أتبعه بخطاب آخر مؤرخ ب 1-3-1431ه ورد فيه نصاً ما يلي: «فأشير لمشاركتكم... بورقة العمل المعنونة ب«وسائل الاحتساب وأساليبه لغير العاملين بالجهاز»، وبعد اطلاع المحكمين على ورقتكم وعرضها على اللجنة العلمية للندوة نفيدكم أنه تم قبولها ضمن أعمال الندوة...». إذن يتضح أن الهيئة هي التي دعت الأحمد وحرصت على مشاركته خلافاً للتصريح الآنف الذكر، والذي تنصلت فيه الهيئة من مسؤوليتها وأنكرت دعوته للمشاركة. قبل أن أتناول موضوع دعوة الهيئة للأحمد - وهي محل تساؤل - في ظل مناهضته الصريحة لبعض المشاريع الإصلاحية لخادم الحرمين الشريفين، خصوصاً أنها جاءت في خضم الجدل الذي صاحب افتتاح صرح كاوست العلمي وموقف الأحمد منه، وهو ما أشار إليه الزميل الكاتب محمد آل الشيخ في زاويته في صحيفة «الجزيرة» خلال الأسبوع الماضي، أود أن ألقي الضوء على ورقة الأحمد التي على ما يبدو تم قبولها ثم رفضها بسبب تصريحاته المتعلقة بهدم الحرم وتزامن ذلك مع عقد المؤتمر. تتحدث الورقة عن الأساليب التي ينبغي اتباعها للاحتساب لغير العاملين في الجهاز الرسمي وقد شمل ذلك عدداً من الوسائل وهي: إنشاء لجان للحسبة. إنشاء مكاتب الحسبة.الحسبة بالكتابة. كتابة البرقيات. الشكاوى النظامية. الدعاوى القضائية. الحسبة الميدانية. الزيارة. الاتصال بالهاتف. الهجر. البديل الشرعي. الإنترنت. البحوث والدراسات الاحتسابية. التدريب والتطوير. الصحف الورقية والإلكترونية. المداخلات الصوتية في البرامج المباشرة. الوسائل الدعائية المختلفة. الأحمد إذن يتحدث عن وسائل يجب على المحتسبين غير الرسميين اتباعها وهي كثيرة، ولكني سأكتفي ببعض المقتطفات التي آمل أن تعطي صورة مختصرة للورقة برمتها: ففي الوسيلة الأولى «إنشاء مكاتب للحسبة» يقول ما نصه: «إنشاء اللجنة من أهم البدايات في عمل الحسبة بعد معرفة الأعضاء المناسبين. ويضيف: «يفضل ألا يكون العدد كثيراً؛ أي بمتوسط خمسة أعضاء تقريباً». كما: «يفضل في كل لجنة تحديد أعضاء زائرين للإفادة من خبراتهم وتجاربهم والمشاركة في تقويم اللجنة، ويكون حضورهم بمتوسط مرةً في الشهر أو الشهرين ويتصف العضو الزائر بالخبرة. ويمكن تحديد عضو أو عضوين زائرين لكل لجنة، ولا يحسبون من عدد أعضاء اللجنة الثابتين». ثم يضيف: «تحديد مقرر اللجنة أو أمينها. وأهم أعماله: تسجيل التكاليف والتذكير والمتابعة وكتابة التقرير، وتقوى اللجنة أو تضعف بقوة أو ضعف أمينها إدارياً». وأخيراً: «يفضل أن يكون لكل عضو ملف لتسجيل التكاليف المنوطة به، ويحضره في كل لقاء، وتتضمن الورقة اسم التكليف ووقت الإنجاز وخانة ثالثةً للنتيجة. وقد كانت هذه الطريقة سبباً في نجاح اللقاءات، وإنجاز الأعمال وعدم ضياعها أو نسيانها، ولله الحمد». نستطيع - إذن - أن نقول بكل وضوح: «إن الأحمد كان سيلقي هذه الورقة التي تتحدث عن إنشاء تنظيم غير رسمي للحسبة في مؤتمر تعقده جهة حكومية رسمية!». وللحديث بقية... [email protected]