على رغم مضي أربع سنوات على إنشاء «القناة الرابعة» في المغرب الا انها لم تستطع ان تحقق انتشاراً واسعاً. فهذه القناة الثقافية التي أنشئت بهدف التثقيف والمعرفة، تبدو يتيمة بين القنوات الست الأخرى المشكّلة للقطب الإعلامي العمومي المغربي. فلا الجمهور يتابع برامجها بالشكل الذي كان مرجواً في الأصل، ولا الإعلام يتابع ما تقدمه، بالنقد او الترويج إلا في ما ندر. ولا شك في أن وجود هذه القناة ضروري في المشهد التلفزيوني المغربي بما أن لها هدفاً تربوياً وثقافياً، وليست قناة تعليمية بالمعنى الضيق للكلمة. ولكن يبدو أنها لم تتخلص من هذا التوجه، بخاصة أن على رأسها ماريا لطيفي، وهي سيدة من الأطر التربوية المعروفة في وزارة التربية الوطنية، وكانت تعد احد أنجح البرامج التعريفية بالفن التشكيلي والموسيقي والتاريخ الرمزي الحضاري في المغرب، بعنوان «نماذج». ولعل اهمية القناة تتجلى في مواكبتها الإصلاح التعليمي الذي يهدف إلى تنمية المدرسة في جانبها المعرفي والتربوي. كما انها تضع نصب عينها مرافقة نشاط الجمعيات والمؤسسات الفاعلة في المجالات الهامشية لذوي الحاجات، ومواكبة التحولات التي يعرفها المجتمع المدني في البلد، ثم أخيراً تشجيع فضاءات الإبداع الشبابي، مع الحرص على زرع قيم المواطنة لدى أفراد مجتمع متوازن ومنسجم بحسب ما جاء في مسودة دفتر شروط القناة. فهل هذا التخصص في الشكل الذي يطرح به يمكن أن يجذب إليه نسبة مشاهدة عالية؟ معروف أن البرامج التلقينية التي لا تتخلص من الأسر المدرسي لا تحظى بالمتابعة. من هنا كان لا بد من برامج تعنى بالنشاطات التربوية وبحضارة المغرب، مثل «يوميات مدرسة» و«مغرب الحضارات» و«بوابات الرابعة» و«طريق الخير» و«لكل المغربيات» و«أسريات» و«مع طروب»... وكلها برامج متخصصة ولها جمهورها. لكن الذي يحدث هو أن الشكل الذي تقدم به لا يجعلها قوية الأثر. هذا بالإضافة إلى عدم إتباع سياسة ترويجية تُعرّف بهذه البرامج عبر وصلات مستمرة تدق على مسامع المشاهد، في ظل وجود قنوات تربوية عالمية وبخاصة عربية (المصرية بالتحديد)، لها بث أفضل وأوسع وأقدم. وليست الإمكانات والإرادة التي تنقص القناة، فخريطة البرمجة تضم عدداً كبيراً من الإنتاج المحلي الخالص، في حين أن البرامج المشتراة من الخارج لا تشكل سوى الثلث لا غير. وخلال رمضان الماضي قررت «الرابعة» عرض مسلسلات درامية عربية، في محاولة لاستمالة الجمهور، كالمسلسل السوري «عنترة بن شداد» للمخرج رامي حنا الذي يلعب بطولته النجم المغربي محمد مفتاح إلى جانب المصري أحمد راتب والسورية سلاف فواخرجي. وربما يكون لبرمجة كهذه أثر أكبر على نسبة المشاهدة في المستقبل. فإذا كان الجمهور المغربي لا يزال يفضل القنوات الأجنبية على القنوات المحلية، ربما يكون طوق نجاة هذه الأخيرة بتعزيز البرامج الأجنبية على الشاشة المغربية.