سألت امرأة شيخاً من كبار الشيوخ الخليجيين والمؤهلين للفتوى رسمياً، في قناة خليجية قائلة: إن زوجها لا ينجب وقد صبرت سنين طويلة لكنها لم تستطع صبراً، فهل تأثم لو طلبت الطلاق؟ نعم تأثم! قال الشيخ الجليل، فالزواج ليس للإنجاب بل للاستمتاع بها، ولو وجدت أنها لا تستطيع الصبر، وتريد الطلاق فعليها ألا تأخذه غصباً، بل تتوسل إليه وتستعطفه! واستشهد بحديث للرسول يقول: (من طلبت الطلاق من زوجها دونما سبب لم تشم رائحة الجنة). وعلينا هنا أن نفكر إذا كان يحق لنا التفكير، كيف قرأ هذا الشيخ الجليل كلمة (دونما سبب)، وكيف قرأ أن الزواج ليس من أهدافه الإنجاب وتحقيق غريزة الأمومة، وكيف قرأ أن الزوجة التي تستحيل حياتها إلى جحيم وعسر لأنها تريد طفلاً، فإنها تأثم حين تطلب من زوجها أن يسرحها بإحسان، وأين ذهبت حادثة زوجة ثابت بن قيس، وجواب الرسول ردي إليه حديقته التي كانت بلا سبب يعيب الزوج بل لأنها لا تطيقه؟ وكيف غاب عن الشيخ كل هذه الأسئلة العاقلة وحضر عنده شيء واحد، مصلحة الزوج وراحة باله ومشاعره. هذه الفتوى التي يسمعها النساء اللاتي تتفتح أرواحهن على حب الإسلام والإيمان بعدالته، وإيمانهن بأن الإسلام هو دين العدل والسماحة، وهذه الفتوى التي سيسمعها الآباء والأمهات الذين لايرضيهم ظلم النساء ولو من أبنائهم، وسيسمعها أناس لايعرفون عن الإسلام شيئاً وسيظنون أنها من روح الإسلام لم تكن محل فكر الشيخ، فهو حين فكر في السؤال فكر في شخص واحد وتماهى معه وهو الذكر. هذا النموذج من الفتاوى أصبح شائعاً عندنا كثيراً في الخليج وهي الفتوى القائمة على تحقيق مصالح الذكور، حتى أن بعضهم أصبح يحتال على الشيوخ في الفضائيات ويوقعهم في الحرج، فيكتب السؤال ويبعثه وكأنه من طرفين مرة من امرأة ومرة من رجل، ويستمع كيف تختلف الإجابة: فالمرأة التي اشتكت من تقصير زوجها أوصاها بالصبر والوعد بالجنة وهددها بالنار، وحين جاءت الشكوى على لسان الرجل قال له كلمة واحدة: اعرس عليها، أو طلقها. سؤالي هو: من الذي يتحدث هنا هل هو كتاب الله و سنته أم أهواء الذكور؟ [email protected]